ايران مطمئنة وجورج بوش مفزوع
بقلم سيروان شابي بهنان
أخذا العراق يحترق يوما بعد يوم كالغابات اليونانية بين سياسة الرئيس الايراني محمودي أحمدي نجاد وبين الرئيس الامريكي جورج بوش . هذا هو القدر المكتوب للعراقيين اليوم أن يصبحوا ضحية التوازن الاقليمي بين أمريكا وايران في الشرق الاوسط.
صحيح ان لكل دولة مصالحها الاقتصادية وهناك الكثير من دول العالم تسعى الى تحقيق هذه المصالح الاقتصادية من خلال اقامة علاقة اقتصادية دولية بين البلدان العالم المختلفة والقائمة على أساس الاحترام المتبادل والتعاون فيما بينها من أجل تحقيق كل طرف ما يمكن تحقيقه من مصلحة أقتصادية وهناك عدة جوانب لهذه العلاقات قد تكون من خلال التبادل التجاري أو اقامة استثمارات تجارية او صناعية بين دولة واخرى وفي النتيجة النهائية يكون فيها تحقيق مصلحة اقتصادية لكلا البلدين. اذ انه من حق كل دولة في العالم الخوض في هذا الصراع من اجل تحقيق التكامل الاقتصادي في داخل بلدانها وتكون المحصلة النهائية منها تحقيق الرفاهية للمواطن وخلق العدالة الاجتماعية داخل الدولة . صحيح انه بدون اقتصاد قوي لا يمكن الارتقاء الى بناء دولة قوية في عالمنا المعاصر فنتيجة التقدم الصناعي والتجاري الذي يشهده العالم اليوم فقد أفرزت الى الوجود صراعات بين الدول القوية وقد اتخذت هذه الصراعات اشكالا متعددة مثل التكتلات الاقتصادية والتحالفات وكان من نتيجتها اقامة علاقات جيدة بين بعض البلدان دون غيرها وبما يملي عليها من تحقيق مكاسب اقتصادية تساهم في تطوير بلدانها.أذ ان كل دولة من حقها ان يكون لها صراع في هذا العالم الكبير وفق ماتطرقت اليه اقتصاديا ولكن ليس من حق بعض الدول وعلى رئسها ايران وامريكا ان تجعل من محطة التقاء الصراع بينها ان يكون هناك عراق او لا يكون على الخارطة. فلو اخذنا العراق اليوم وبعد الاطاحة بنظام الدكتاتور صدام حسين وكما هو معروف ان غالبية سكان العراق هم من الطائفة الشيعية ولهذه الطائفة الدينية عطف ديني كبير مع ايران هذا ليس فيه ادنى شك ومن حقهم الطبيعي هذا ولكن من غير الاسائة الى لحمة العراق كبلد مستقل ذو سيادة, اما المكونات الاخرى فهي الكرد والسنة والمسيحيين. ان المسيحيين والسنة ونتيجة هذا الصراع المؤلم بين ايران وامريكا في العراق فقد تعرض الكثير من ابناء هذين الديانتين الى الهجرة الى خارج العراق ففيما يخص المسيحيين فأن أعدادهم باتت الى طريق الانقراض في كل من البصرة وبغداد والموصل اذ كانت تعد هذه المدن المناطق الرئيسية لتجمعهم في العراق, أما بالنسبة الى العرب السنة فهم اليوم في وضع صعب ويبقى من هم في وضع جيد نسبيا هم الشيعة والاكراد لوحدهم وكلاهما تربطهم علاقات جيدة مع ايران سوى الشيعة في وسط وجنوب العراق او مع الاكراد في اقليم كردستان العراق اذ كانت ايران ترتبط بعلاقات حميمة مع قادة الاكراد والشيعة اذ كانت لهم بمثابت الوطن الامين في ايام المحن عندما كانو يناضلون من أجل اسقاط النظام الدكتاتوري في بغداد اذ لقوا كل انواع الدعم والمساندة من ايران لا وبل للاكراد علاقات اقتصادية واقليمية جيدة مع ايران منذ تحرير اقليم كردستان العراق سنة 1991 من خلال التجارة والايدي العاملة الايرانية الماهرة وغيرها من اشكال التعاون بين الجارة ايران والاقليم. وايضا نفس الشيء بالنسبة الى العرب الشيعة في العراق فبعد تحرير العراق من صدام حسين يسعى قادة الشيعة الى اقامة علاقات طيبة مع ايران وتحاول اصلاح ما تم هدمه بين عراق وايران ايام حكم الطاغية صدام حسين وهذا ما تؤكده بما لا يقبل فيه ادنى شك الزيارة الاخيرة لرئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي الى ايران وهذا من حقه الطبيعي ان يسعى الى ايجاد افضل العلاقات الشيعية التكاملية بين ايران وعراق بقصد الارتقاء الى احسن العلاقات مع الجارة ايران . ولكن من جهة اخرى برز الى الوجود صراع قوي مع امريكا وهو يتمثل بمدى قبول الاجندة الامريكية بمثل هكذا علاقات مع ايران ؟ طبعا الجواب هو مسبوق لا والف لا , وهذا بحد ذاته ما حصل لسيادة نوري المالكي عندما طالبت بعض الاجندة الامريكية مؤخرا بتبديله والازمة مازلت قائمة في نظري الشخصي.
السؤال المهم الذي يطرح نفسه الى اي مدى تستطيع القيادة الكردية والشيعية معا الاستجابة أو التوافق مع السياسة الامريكية في صراعها العلني مع ايران؟ او بشكل اخر هل سوف يقف الاكراد والشيعة فعلا الى جانب امريكا ام الى جانب ايران في هذا الصراع المصيري بين امريكا وايران؟
في الاعتقاد الشخصي ليس من السهل للاكراد والشيعة في العراق التخلي عن ايران وجعلها كبش فداء لامريكا وخاصة بعد الذي جرى في العراق بعد سقوط الطاغية, امور كثيرة برزة على الساحة العراقية لم يكن لها اي وجود في التفكير الانسان العراقي مثلا الصراع السني الشيعي أو الصراع الاسلامي المسيحي في العراق, صحيح انه كانت هنالك مشاكل في العراق قبل زوال حكم الطاغية الى انه لم تصل بها الامور الى ما وصلت اليه اليوم من ذبح علني للمسيحيين وتهجير قسري لهم من العراق حرب أهلية شبه معلنة بين السنة والشيعة كل هذه الامور الخطيرة تحدث في العراق بسبب ماذا أليست بسبب سياسة الشد بين الكتل السياسية في العراق مع من تكون مع ايران او مع امريكا والضحية في النهاية الفقراء من أبناء الشعب العراقي المغلوب على أمرهم الذين اصبحو ا أمام محطتين واحدة اخطر من الاخرى الا وهي البقاء في العراق وتحمل ضروف الدمار الذي يعيشونه يوميا في سلسلة الاحداث الدموية التي يبدو لم تعد لها نهاية أو أمام محطة الرحيل وترك العراق أذ اخذت دوائر استقبال المهاجرين تستقبل الالف من العراقيين الابرياء . ألم يحن الوقت للامم المتحدة للشروع بالتدخل الفوري في القضية العراقية لاقصاء الدور الايراني –الامريكي في العراق لكونهما السبب الرئيسي لدمار العراق من دون ادنى شك , فاليوم يطلب جورج بوش وهو مفزع من احمدي نجاد رئيس ايران وحسب ما جاء في جريدة الحياة الندنية بتاريخ 20070829 ما نصه ( في واشنطن اكد الرئيس جورج بوش امس ان الولايات المتحدة لن تترك العراق في وقت حاجته ألينا وطلب من ايران وقف دعمها المسلحين في العراق فورا) وجاء هذا التصريح للرئيس الامريكي نتيجة الضغوطات التي يتعرض لها في الكونكرس الامريكي منتقدة سياسته التي كلفة أمريكا تكليف باهضا بالاموال والارواح مما استوجب به المطاف الى دعوة الحكومة العراقية بضرورة مشاركة البعثين في دوائر الدولة. اما الرئيس الايراني فيرد على جورج بوش بقصد طمئنة شعبه اذ يقول وحسب مانشرته جريدة الحياة الندنية وبنفس التاريخ ما نصه(ان بلاده أي ايران اصبحت دولة نووية تملك التكنولوجيا والدورة الكاملة للوقود النووي) (رفض أحمدي نجاد المخاوف من اي هجوم يستهدف البنى التحتية وتناول نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ,واعتبر ان حديثه عن احتمال قصف ايران يعكس افتقاره الى الخبرة. ولفت الى ان الاميركي عاجز عن الاقدام على اي عمل مماثل لانه غارق ومتورط بأزمته في أفغانستان والعراق وأضاف لم تستطع أمريكا الاقدام على اي عمل ضد الشعب الايراني , ولن تستطيع ذلك). وفق
هذا الصراع بين سياسة أمريكا وسياسة ايران تجاه العراق سوف تقرأ الفاتحة على العراق وشعبه ما لم تتسارع الامم المتحدة ان كان هناك فعلا أمم متحدة ومازال هناك ضمير حي لدى شعوب العالم لايقاف أمريكا وايران عند حدودهما وفرض عليهما بالقوة سياسة أحترام العراق وشعبه التي لم يعد لها ومع الاسف الشديد ادنى وجود لدى حكام كل من ايران وامريكا. لا بل نطالب من الامم المتحدة الاخذ بمقترحات الرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي التي اعلنها قبل ايام لحل الازمة العراقية اذ اكد على امور عدة نابعة من ضمير حي تجاه محنة الشعب العراقي والتي تتلخص ب :
1- اقصاء السياسيين المتطرفين وأبعادهم فورا من سدة الحكم في العراق بغض النظر من اي مذهب او قومية كانوا.
2- جدولت انسحاب القوات الاجنبية من العراق.
3- اعادة كيان العراق كدولة مستقلة واحدة مع تقسيم عادل لثروته النفطية على جميع ابناء العراق دون المحاصصة الطائفية التي تسعى اليها بعض التكتلات السياسية متخذت من وضع العراق الحالي الضعيف فرصة ذهبية لتحقيق مأربها الخبيثة وأحلامها السوداء المتمثلة بنهب وسلب واردات العراق النفطية وتجويع وتشريد الشعب العراقي بين دول العالم.
صحيح ان المقترحات الرئاسة الفرنسية (نيكولا سركوزي) لحل الازمة العراقية ليست سهلت التطبيق لانها تعارض لا بل تصطدم كليا مع سياسة الطائفيين والقومجيين بشكل مباشر الا انها تفتح افاق جديد وعلى المستوين الداخلي والدولي للايجاد الحلول لانقاذ الشعب والوطن من الضياع, والله من وراء القصد.
سيروان شابي بهنان
باحث أكاديمي
ماجستير آداب-جغرافيا