اذن جحا وقضيتنا القومية ورؤى السيد اغاجان
كوهر يوحنان عوديش
يحكى ان جحا سأل يوماً وهو في مجلسه ' اين اذنك يا جحا ؟ ' فرفع يده اليمنى ولفها خلف رقبته ليشير الى اذنه اليسرى !
كان يمكن لجحا ان يختصر الوقت وان لا يجلب لنفسه كل هذا الاهتمام وضحك واستهزاء الحاضرين لو لم يؤشر بيده اليمنى الى اذنه اليسرى، فالطريقة التي اشر بها الى اذنه تشير الى غبائه اولاً ومماطلته ولفه ودورانه ثانية.
كثير من كتاب اليوم وسياسيه يؤشرون الى آذانهم اليسرى باليمنى، فالكثير من المقالات التي تنشر في مواقع الانترنيت، التي صنعت الكثير من العباقرة المزيفين وابطال الفقاعات الهوائية، ليست سوى عناوين بارزة مع مضمون ومحتوى هزيل وغير متناسق لا يربطه بالعنوان أي شيء سوى اسم الكاتب ( قبل فترة وبعنوان بارز وجذاب يجلب انتباه القارىء نشر احد النشطاء القوميين – هكذا سموا انفسهم - مقالاً يفهم من عنوانه بأنه بحث او دعوة للنقاش او رأي الكاتب في من يملك الاحقية في تمثيل شعبنا وقضيته في المحافل الدولية !!! لكن مضمون المقالة لم يكن سوى هذيان وسرد لتاريخ بابل والملوك الاشوريين، ومن حكم العراق بعد حكم الكلدان وعدد سنوات حكمهم وغيرها من المقارنات اللامعقولة وغير المنطقية التي ليس لها اية علاقة بحاضر شعبنا ومستقبله او تمثيله بالمحافل الدولية، عرب وين طنبورة وين !!! )، ومثل هذه المقالات تنشر في بعض المواقع وتحجب او تهمل في اخرى، وهذا يعتمد على اداريي الموقع والمشرفين عليه آخذين بنظر الاعتبار برنامجهم واستقلالية موقعهم او على النقيض من ذلك ايديولوجيتهم وتبعيتهم.
من اكثر المواضيع سخونة في موسمنا السياحي ( عفواً موسمنا المأساوي ) والتي بردت مؤخراً بسبب فصل الشتاء وفترة السبات، كانت مسألة الحكم الذاتي وتشكيل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري المدعوم من قبل السيد سركيس اغاجان اضافة الى اعماله الخيرية الاخرى من بناء وتعمير وترميم ومساعدة الفقراء والمحتاجين والمهجرين من ابناء شعبنا، اما موضوع تهجير شعبنا والمظالم التي يتعرض لها في بغداد وبصرة والموصل وغيرها من المناطق الساخنة فكان حديث المناسبات ( حيث لم ينل هذا الموضوع الحجم والاهتمام الكافي من لدن كتابنا وسياسيينا )، لذلك لا زالت محنة المهجرين والمرحلين من ابناء شعبنا مستمرة وتتفاقم يوماً بعد يوم داخلياً وخارجياً.
لا اتجنب الحقيقة اذا قلت ان انانية الانسان تسيطر على عقله وتوجه قراراته وتتحكم بتصرفاته، فقائد الشعب وممثله هو ذلك الشخص الذي يحمل همومه ويبرز معاناته ويطالب بحقوقه .... وليس ذاك الذي يتاجر بمحنته ويتبوأ المناصب معتمداً على اسمه وتاريخه ووجوده، وشعبنا الذي تشتت وتشرد وهجر ورحل ونهبت ممتلكاته بعد المذابح والمجازر ومن بعدها هضمت حقوقه كان يفتقر الى مثل هؤلاء القادة والممثلين حتى الامس القريب، لان السادة الذين نتحدث عنهم عاشوا/ ويعيشون هم وعائلاتهم والمقربين اليهم برفاهية لا مثيل لها ناسين معاناة الشعب والقوم الذي يمثلونه ويتحدثون باسمه، فكم من مساعدات حولت الى الحسابات الشخصية ؟؟؟ وكم وزعت على الاقرباء والاصدقاء لاسكاتهم وشراء ولائهم ؟؟؟ وعلى نفس المنوال كم صرخ الفقير واهتزت السماء من انين المقهورين دون مستجيب ؟؟؟ اين كان كتابنا الافاضل ابطال الانترنيت آنذاك ؟؟؟ اين كان ممثلونا الكرام ومسؤولي احزابنا القومية ؟؟؟
لقد قرأت الكثير من المقالات السوقية التي تكيل التهم للسيد سركيس اغاجان بمناسبة ودون مناسبة (اتخذ بعض الجهلاء سركيس اغاجان المصباح السحري لشهرتهم، وكأنهم بالكتابة عن هذا الرجل المسالم يثبتون لشعبنا عن جرأتهم واخلاصهم لقضية شعبنا !!! لا اعرف لماذا لا يتحدثون عن اسيادهم الذين التهموا عشرات الملايين من الدولارات ولا زالوا مستمرين في ذلك ) ، وبالمقابل قرأت لكتاب معروفين بشفافيتهم واستقلالية أفكارهم عن احقية هذا الرجل لقيادة شعبنا لما يعمله لصالح شعبنا دون تفرقة، ولما يناضل من اجله لتحقيق اهداف واماني شعبه.
لكل انسان هدف او بالاحرى اهداف يتمنى تحقيقها قبل ان تنتهي ايامه في هذه الحياة القصيرة الأمد، فيفرح بما حققه من اماني واهداف بمثابرته وعمله وكده واجتهاده ونضاله، وتحقيق هذه الاهداف ليس يسيراً في في اغلب الاحيان، خصوصاً عندما يتعلق الامر بمصير ومستقبل شعب من الشعوب او قومية معينة ( حقوق أي شعب او اية قومية لن تسترد بضربة حظ )، ولتحقيق هذه الاهداف يلجأ الكثير من الناس، سياسيين مثقفين اميين، الى وسائل عدة منها الاجتهاد العلمي او النضال السلمي او الكفاح المسلح او القتل او النهب او السرقة ...... الخ، ربما كانت مسألة الحكم الذاتي احد الاهداف السياسية والاساسية التي اعلن عنها السيد سركيس اغاجان ويناضل من اجل تحقيقها، ونضاله لتحقيق هذا الهدف ليس نضال مسلح بل نضال سلمي اعلامي سياسي وكل فرد من ابناء شعبنا، خصوصاً في المناطق المعنية، حر في تأييده او معارضته لرؤية السيد اغاجان لكن بشرط عدم المساس بشخصيته او الاستهانة بخدماته التي قدمها ولا زال يقدمها لشعبنا فلولاه لكانت مأساة المهجرين اكبر وكانت معاناة الفقراء اكبر وكان حال القرى وساكنيها اسوأ.
ماذا لو لم يكن السيد سركيس اغاجان موجوداً ؟؟؟ وماذا فعل لشعبنا ؟؟؟ وما هو الهدف من اعماله الخيرية ؟؟؟ وماذا .... وعشرات الاسئلة الاخرى المتعلقة بهذه الشخصية تطرح نفسها في الكثير من المناقشات والمجالس، ومن البديهي ان لا تتفق جميع الاراء بشكل عام ولكن الذي لا يستطيع احد انكاره، معارضين ومؤيدين، هو ان سركيس اغاجان استطاع تحقيق ما لم يستطع، او بالاحرى عجز الاخرون عن تحقيقه، وهذا ان دل على شيء انما يدل على عمومية هذا الشخص ( اقصد بعمومية هذا الشخص الاهتمام بالعامة من ابناء شعبنا دون فرق او تمييز ) وهذا هو سبب شهرته وشعبيته.
لست هنا بصدد الدعاية للسيد اغاجان او الاشادة بما يفعله او ابراز خدماته واعماله الخيرية، فهو ليس بحاجة الى مقالة هنا او مقالة هناك تشيد باعماله الحسنة لان هذه الاعمال يسمع صداها في جميع بقاع العالم وواضحة وضوح الشمس ولا يمكن لغربال الحاقدين اخفائها، لكن انوي نصح الذين لا زالوا يعيشون في الماضي ان الامس يوم مضى وان الغد يوم جديد ولا يمكننا النجاح الا اذا اخذنا عبر ودروس الامس سلما نصعد به نحو الاعالي، وليس العكس بالبكاء على الماضي ونزول السلم نحو الاسفل، لكن هيهات للذين ملئوا خزائنهم من المال الحرام ان يفهموا لانهم لا يستطيعون بل لا يريدون ان يستيقظوا من احلامهم السعيدة.
الفشل هو الفرصة للبدء مرة اخرى من جديد ولكن بذكاء اكبر – هنري فورد
كوهر يوحنان عوديش