THE CHALDEAN OF IRAQ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

THE CHALDEAN OF IRAQ

The website of the academic researcher: SIRWAN BEHNAN
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 كان ياما كان..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Sirwan Shabi
Admin



عدد الرسائل : 935
تاريخ التسجيل : 04/10/2007

كان  ياما  كان.. Empty
مُساهمةموضوع: كان ياما كان..   كان  ياما  كان.. Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 26, 2007 12:10 pm










janan poles gorgis

كان ياما كان..
« في: نوفمبر 23, 2007, 11:42:03 pm »

--------------------------------------------------------------------------------
كان ياما كان..

ليس بهيّنٍ ان يصبح مرتع طفولتنا وارض ابائنا واجدادنا شيئاً من الماضي، كل ما فيه آيل الى الزوال.. كل الاشياء الجميلة في بلدتي والمعالم الشاخصة التي كانت تحدد سمات شخصيتها وشخصيتنا،طالتها يدٌ انانية قاسية، فاغتالتها وازالتها من الوجود لتصبح جرحاً لايندمل نحمله في قلوبنا ومقل عيوننا اينما حللنا.. ذكرى تؤرّقنا وتفجعنا حتى في افراحنا ووسع ثرائنا وهنائنا..
لكم هو صعب وأليم الذي حل ببلدتي.. فانا اتجرع العلقم واحس بمرارته في فمي وفي قلمي عندما اكتب عنه او ارويه لابنائي..
شئنا ام ابينا اصبحنا نستهل كلامنا بعبارة (كان ياما كان في سالف العصر والازمان) كلّما حدّثْنا اطفالنا عن معالم عنكاوا التي كانت تميزها وتميزنا معها عن باقي خلق الله.
.. هنا كنا نفترش العشب الاخضر ربيعاً، ونعد الشاي ونتناول معه خبز التنور الذي كانت تختلط رائحته بعطر ازهار بريتنا التي كانت تخلب الالباب بجمالها، وتجعلنا نستنشق هواءً نقياً نملأ به رئاتنا، لنستقبل يومنا بطاقة وعافية ورضا يغنينا عن مال قارون الذي سلطانه كمم افواهاً كُثر هذه الايام واخرسها واعمى بصيرتها.. هنا لعبنا.. وهنا مرحنا.. وهنا زرعنا الحنطة والشعير والحمص والعدس و ... الخ.. وهنا كانت بيادرنا بكبريائها تبهرنا وتدر على بلدتنا خيراً وبركة.
..أشرد بعيداً عندما اسمع طفلاً يسألني كيف يكون الزرع وماشكل السنابل ولونها؟ أيعقل ان يسأل طفل ريفي هذا السؤال؟ اين الريف؟ وأين هي الحقول والمزارع والارض الخضراء؟ اذا كان ابن الريف هذا سؤاله، فلا عتب على ابن المدينة...
ولكن، العتب ليس على ابن الريف الذي ابصر منذ مجيئه الى الدنيا، قصوراً وعمارات شاهقة تتعب بصره عندما ينظر اليها.. طرازها وحلتها لايمتان الى الريف بصلة، فهذه الكتل الحجرية الهائلة حلت محل السنابل الذهبية وكتمت انفاس العشب الاخضر وشقائق النعمان والزهور البرية بالوانها الزاهية، وجثمت ثقيلةً على صدر ارضنا وصدورنا، فهي قبيحة في عيوننا، التي مازالت ترنو الى الافق لكي ترى ما كان يريحها من ارض الاجداد التي عُرفت بخصوبتها وسخاء عطائها.. ولكن الارض سُرقت ونُهبت لانها (ارضٌ ذهبية)!! ويعللون عملهم القبيح باغتصاب ارضنا بحجج واهية كبناء قرية سياحية واخرى المانية واخرى لبنانية و...الخ.
لمن كل هذه القرى في بلدتنا ياترى؟! لاهلنا ام لسراقنا ام للجشعين الذين سنظل نصرخ بوجههم دون وجل، وصراخنا صراخ مبرر وشرعي لان كل ما حولنا وما ارتكب بحقنا يدفعنا الى ذلك.. يقولون اننا جمّلنا بلدتكم وزينّاها وطورناها.. ونحن نقول لهم: اذاً لماذا يهجرها اهلها مرغمين الى شتى دول العالم؟! علماً ان تعلقنا ببلدتنا اسطوري لايوصف، فالعنكاوي المغترب لايستطيع ان يكون مواطناً سويدياً، او المانياً او امريكياً او هولندياً او.. او..، لاننا لا نستطيع ان نقطع علاقتنا ببلدتنا مهما طال امد الفراق، لان قطع علاقتنا معها يعني قطع جميع شرايننا، فهي جزء من دورتنا الدموية، وان هجر هذه المدينة كان ولايزال يساوي هجر الحياة، فنحن عادة نجد صعوبة كبرى في التفاهم مع المدن الاخرى .
هذه البلدة الهادئة الوديعة كانت قد استحوذت على كل مشاعرنا وافقدتنا شهيّة الخروج الى البلدان الاخرى كما فعل غيرنا..كنا نشعر بنوع من الاكتفاء الذاتي، يجعل التسكع على ارصفة شوارع البلدان الاخرى عملاً ترفضه طبيعتنا.. كانت بلدتنا هي نهاية حدود العالم عند اطفالنا، كانت الصديق والملعب والمشتى والمصيف، كنت استطيع ان اغمض عيني واعدّد بيوتها واناسها، شيبها وشبابها، اطفالها وموتاها، اشواكها وورودها، ازقتها ومدارسها و...و.. هذه البلدة كانت قد تركت بصماتها واضحة في نفوسنا، اينما سافرنا نحملها معنا في قلوبنا وفي حقائب سفرنا..
بلدتي.. مااشبهك بصبية جميلة المحيا بجدائل ذهبية مرخية، حامت حولها الغربان السود وانقضت عليها بشهوة عارمة، مزقت جسدها الطاهر، شوّهت وجهها الجميل، قصت جدائلها الذهبية، تركتها عجوزاً بوجه مطلي باصباغ رخيصة وبشعر مستعار لعين(الباروكة) حل محل الجدائل الذهبية، وبقلبٍ يعصره الالم والاسى.. فهي اليوم باتت مسبيّة مدنسة..
جمال الصبية كان نقمة عليها لا نعمة، وكذا هو حال بلدتي التي وُصفت ارضها بـ(الذهبية) بعد ان ابتلع الوحش الكاسر (المطار) آلاف الدونمات منها واصبح لصيقاً ببيوتها ليزعج اهلها ويملأ زعيق طائراته فضاءها ويلوثه ويلوث صدورنا..
بلدتي.. ليتني استطيع ان لا اكتب عنك.. ليتني استطيع، ولكن يبدو انني لا استطيع ان ابتلع احزاني ولا استطيع ان لا اكتب عنك.. فانت امامي ... ورائي ... في خلايايَ... في ردائي .. وفي اصابعي.
جنان بولص كوركيس
Jenan_polis@yahoo.com


تنبيه للمراقب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sirwanbabylon.phpbb9.com
 
كان ياما كان..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
THE CHALDEAN OF IRAQ :: النافذة الالكترونية للباحث الاكاديمي سيروان شابي بهنان :: الرأي الحر-
انتقل الى: