لصق التسميات ليس سبيلا الى الوحدة
قبل عقد من الزمن او اقل كان يصر الاخوة في الاحزاب الآشورية على استخدام تسميتهم دون غيرها وحاولوا فرضها على السريان والكلدان.. وبعد ان فشلوا في مسعاهم هذا لا سيما تجاه الكلدان رغم كسبهم بعض الذيليين والمرتزقة منهم الذين شاؤوا ان يفضلوا مصالحهم الذاتية على حقيقة انتسابهم القومي، غير ان هؤلاء الاخوة راجعوا اوراقهم من جديد واستخدموا تكتيكا جديدا لعلهم يفلحون في تمرير المخطط الذي يرسمونه من اجل تبسيط الارضية اللازمة لتنفيذ المخطط حاولوا احيانا استخدام التسمية المزدوجة (كلدو آشوريين) وبذلوا اقصى جهودهم من اجل تثبيتها في دستور الدولة وبعد ان خاب املهم في ذلك اعترض الاخوة السريان على عدم درج اسمهم بدأوا بمحاولة اخرى وهي ايجاد تسمية مركبة متكونة من التسميات الثلاثة (كلداني سرياني آشوري) ويحاولون الآن تثبيتها في الدستور العراقي وكذلك في دستور اقليم كوردستان الذي درجت في مسودته التسميات بصورة منفصلة ومنطقية لا تحرف التاريخ ولا تزيفه لأن القائمين على صياغة المسودة كانوا على علم بالصراع على موضوع التسمية من عام 1991 واليوم يحاول البعض فرض رأيه على الكلدان مستخدما موقعه اولا والأموال التي تحت تصرفه والتي يغدق بها على العديد من رجال الدين والاطراف والشخصيات وما يؤسف عليه لقد افلح في شراء ذمم العديد من ضعاف النفوس من جميع شرائح شعبنا وعلى اختلاف مستوياتهم ومواقعهم واخذوا يؤيدونه ويطبلون لآرائه خوفا من ان يقطع التمويل عنهم فيخسروا حصههم.
وهنا انا شخصياً لا ألومه لا بل اعطيه كل الحق فهو يبذل جهوده من اجل تحقيق الهدف الذي يخطط له والفكر الذي يؤمن به فلا عتب عليه انما العتب على السذجة والمرتزقة وعلى ذوي النفوس الضعيفة الذين لا يهمهم في الحياة شيئاً سوى ما يوضع في جيوبهم حتى ان كان ذلك على حساب القيم وعلى حساب اعز ما لديهم في الحياة. وراح العديد من السذجاء يطبلون للمخطط دون ان يعلموا ما الذي يخفي وراءه وهم يصدقون ما يقال لهم بأنهم لو استخدموا التسمية المركبة لحققوا الوحدة بين المسيحيين وكأن الوحدة تتم من خلال لصق التسميات.. فيالسخرية القدر ويا لسذاجة الفكر! لو كانت الوحدة بين المسيحيين في العراق تتحقق من خلال لصق هذه التسميات ببعضها لكانت قد تمت منذ زمن بعيد، ونسي هؤلاء البسطاء اسباب عدم تحقيق الوحدة بين شقي الكنيسة المشرقية الكاثوليكي والنسطوري بعد جهود كبيرة بذلت من اجلها وربما يقع اللوم على رجال الدين الذين لم يبينوا لرعاياهم اسباب فشل جهودهم تلك وعدم تحقيقهم لهذه الوحدة المنشودة وهنا اريد ان اسأل هؤلاء الذين يؤيدون هذه الفكرة دون ان يكلفوا أنفسهم في الامعان بها.. هل يجوز ان تثبت تسمية شعبية في دستور دولة في حقل القوميات لا سيما وان الجميع يطلقون عليها تسمية شعبية وليس قومية؟ هذا من ناحية ومن ناحية ثانية هل قرأ احد او سمع على مر التاريخ بشعب او بقومية لها اسم مركب من ثلاث تسميات لكل منها معناها وخصوصيتها وتاريخ انبثاقها؟ أليس هذا تحريف للتاريخ وتزييف للحقائق وضربة على تاريخنا وحضارتنا؟ ومن ثم ما الجدوى من رفع هذه التسمية اوحملها اذا كان كل طرف يستخدم تسميته الخاصة ولا يتنازل عنها فترى هنا ما الذي فعله هؤلاء في هذه الحالة؟ فهل يترك المدعي بالآشورية تسميته الآشورية لو استفسر منه عن قوميته وقال بأن تسميتي القومية هي (كلداني اشوري سرياني) او (كلداني اشوري سرياني) وكذا بالنسبة للسريان والكلدان.. قد يكون الأمر بالنسبة لبعض الكلدان والسريان امراً بسيطاً لأنهم اصلا لااندفاع له في هذا المجال حيث يطبقون المثل القائل (من تزوج امنا ندعوه بابا!) فتارة يدعون العروبة وما اكثرهم من الكلدان والسريان الذين يسكنون الموصل وبغداد والبصرة وغيرها.. كما وهناك في العديد من قرى كوردستان يدعى بعض الكلدان بكونهم كوردا بعكس الاخوة في الطرف الآخر الذين يتمسكون بالتسمية التي يحملونها تمسكا مستميتاً الى حد التطرف والتعصب لها وانا شخصيا اثمن فيهم هذا الموقف واسخر في الوقت ذاته من موقف الكلدان والسريان الذين ينسبون انفسهم الى قوميات دخلت العراق بعدهم بالآف السنين، والأمر الذي اريد ان ابينه لكل من يبحث عن الحقيقة وينشد الوحدة هو ان الهدف من لصق هذه التسميات يكمن في خلط الاوراق من اجل اضاعة النسب وحدود الأكثرية والأقلية من ناحية ولعدم معرفة حجم كل مكون من المكونات الثلاثة خوفا من ان يقوم كل مكون بانتخاب ممثليه مستقبلا. وعندئذ يدفع المكون الاقل عددا ثمن ذلك وسوف لن يتمكن من الادعاء بتمثيل الجميع فالآشوري حينئذ لا يمكنه ان يقول بأنني امثل الكلدان او السريان ولا الكلداني او السرياني ايضا يمكنه الادعاء بتمثيل الآخرين والحقيقة التي اريد ان ابينها هنا بهذا الخصوص اي بخصوص الوحدة والتكتيك المستخدم يمكنني حصرها بما يلي:
1- ان الوحدة بين الكلدان والآشوريين والسريان لا تأتي من خلال لصق التسميات ببعضها والخروج بتسمية مركبة ابدا لأن هناك امور تتعلق بالمذهبية والطائفية ومواقف رجال الدين ومصالح ذاتية متشابكة تحول دون تحقيق الوحدة التي لا يمكن ان تتحقق دون ازالة مسببات واسباب الفرقة.
2- ان الوحدة المنشودة لن تتم بجرة قلم لأن هذه التسميات متجذرة في الاعماق ولها قدم تاريخي لا يمكن تجاوزه بسهولة في غضون سنة او سنتين انما يتطلب امورا كثيرة منها .
أ- تهيئة الارضية اللازمة لها .
ب- الاستعداد الذاتي لكل طرف لتقديم بعض التنازلات
ج- دراسة كل تسمية من التسميات ومن ثم اختيار اقربها الى المنطق والواقع
د- يجب عقد مؤتمرات عديدة بين جميع الاطراف لتحقيق ذلك
3- وعلى ضوء ما جاء اعلاه ان يتم درج جميع التسميات في الدساتير المركزية والاقليمية لكي لا يشعر اي طرف بالغبن ولا يضيع حق اي منهم في هذه المرحلة.
4- ترك الابواب مفتوحة لعقد لقاءات واجتماعات ومؤتمرات من اجل توحيد الصفوف واختيار بعدئذ تسمية واحدة ومجردة كتسمية قومية تدرج في الدستور على ان يتفق عليها الجميع.
5- ان يحرص جميع الاطراف على الروابط والأواصر التي تربطهم وعلى تحقيق المصالح العليا لشعبنا وان نتكاتف ويخدم كل طرف منا الآخر بما يحمله من تسمية او فكر وعدم جعل التسميات سبباً للتناحر والانشقاق.
6- اذا كانت هناك وحدودية صادقة فدرج التسميات منفصلة في هذه المرحلة لن تكون سبب فرقتنا قطعاً فلا الواوات ولا الفوارز تفرقنا اما اذا كانت النوايا غير صادقة فليس من الممكن ان يوحدنا لصق التسميات ببعضها بل سيكون ذلك عملا ساذجا او ضحك على ذقون الآخرين.
عليه حبذا لو يتمعن الجميع ملياً في مجريات الامور وفي الطروحات والمزايدات والمهاترات التي يقوم بها البعض وفي صحة كل ما يطرح ، ليس من الممكن ان يتقبل الانسان العاقل كل ما يطرح عليه ويؤمن به او ينفذه ، واخيرا اقول لا اصدق من ان يكون هناك احد بيننا لا يحلم بتحقيق وحدة الصفوف الا من يقبل الارتزاق وهذا سيكون من شأنه مدى الحياة.
لؤي فرنسيس