حتى بدماء المطارنة ومناسبات تشييعهم تتاجرون
بعد ايام من انتهاء مراسيم جنازة وتعزية المرحوم المطران بولس فرج رحو، وبعد الكثير من النداءات والمقالات والاراء والكلمات والبرقيات التي تعبر عن مشاعر المسيحيين وغير الميسحيين والسادة المسؤولين الحكوميين والحزبيين الذين شجبوا عملية اختطاف وقتل المطران، خطر على بال مؤازري واعضاء الحركة الديمقراطية الاشورية (من دون تعليمات من فوق طبعاً) استغلال هذه المناسبة الاليمة على قلوب ابناء شعبنا لتقديس اسم واعمال رئيس الحركة وعضو مجلس النواب العراقي السيد يونادم كنا، كأننا في معركة انتخابية وكل صوت من اصوات الناخبين يؤثر على مستقبل الامة والقيادة !!! لذلك وكالعادة لا بد من استغلال كل فرصة ومناسبة لرفع شأن الصنم وتمجيد التمثال زوراً وكذباً.
الدعابة ( عفواً الدعاية ) المجانية الجديدة التي تتناقلها الالسن هذه الايام هي ان السيد يونادم هو الذي شجع البطريرك الكاردينال مار عمانوئيل دلي لحضور مراسيم دفن المطران الشهيد في كرمليس !!! وحرصاً منه على حضور البطريرك لمراسيم جنازة المطران الشهيد قام شخصياً بمرافقة البطريرك في موكب خاص مع طاقم من افراد حمايته الخاصة حتى اوصله الى مدينة كركوك ومن هناك (على اعتبار ان الطريق آمنة حتى الوصول الى بلدة كرمليس) ودع البطريرك وايضاً برفقة حماية خاصة حتى اوصلوه الى كرمليس.
المعروف عن البطريرك الكاردينال شجاعته ومواقفه الحازمة تجاه هكذا مناسبات وحوادث اليمة، ولن يزايد عليه في هذا المحل أياً كان, فلقد سمع العراقيين بكافة اطيافهم ما يردده البطريرك في اغلب المناسبات، وهو انه سيكون آخر مسيحي يترك بغداد، وكما هو ديدنه, ها هو يطبق عملاً ما يقوله, فكيف سيتردد لحضور مراسيم تشييع المطران الشهيد, الأخ والصديق العزيز على قلبه ومن سيمنعه من القاء النظرة الاخيرة ؟؟
ربما يكون الوضع الامني السائد في البلاد سببا في منع رجل بمكانة وشخصية البطريرك الكاردينال من حضور هكذا مراسيم، التي يمكن ان تصبح مقبرة لمن يحضرها اضافة الى خطورة السفر براً من بغداد الى كرمليس، لكن جرأة وشجاعة وشهامة البطريرك ابت ان ترضخ لارادة الارهابيين، لذلك اعتذر لكل الاصوات والنداءات التي طلبت منه عدم الحضور والبقاء في بغداد (من ضمنها طلب من الفاتيكان) لما يمثله الحضور من خطورة على حياته، فاذا كان انسان بمكانة البطريرك الكاردينال يعتذر لطلب الفاتيكان من يكون السيد يونادم ليؤثر على رأيه او يجبره على فعل شيء ليس راغب فيه او اتخاذ موقف لا يؤمن فيه اساساً ؟؟؟
وبالمناسبة, لا بد ان نذكر ايضاً بان السفير البابوي ما كان له ان يحضر مراسيم التشييع لولا موقف البطريرك واصراره على الحضور والمشاركة في هذا الحدث المهم جداً بالنسبة للكنسية العراقية ككل وما يمثله حضور البطريرك لا وبل اصراره على الحضور من معاني لا تخفى على أحد.
اما الادعاء بأن السيد كنا كان شخصياً مع موكب البطريرك حتى مدينة كركوك وهو الذي وفر له الحماية فهذه مسألة تحتاج الى الكثير من الايضاحات والاجوبة، فلو كان الامر كذلك فليتفضل المدعين بذكر المكان والزمان ويثبتوا ذلك بتصريح صحفي ينشر في الصحف والمواقع الالكترونية لشعبنا (وليس من خلال بث اشاعات غاياتها الدعائية والاعلامية معروفة) مثلما نشر تصريحه عندما حمل الحكومة العراقية مسؤولية ما يجرى لشعبنا، اما اذا كان الغرض من هذه الاشاعات تعظيم نفسهم وترقيع ( عفواً ترفيع ) مكانتهم وابتزاز من قام بهذه المهمة ووفر الحماية اللازمة للبطريرك فهذا يدل على المعنويات الهابطة والنفسية المحطمة للمطبلين والمزمرين جراء السياسة الخاطئة التي اتبعها هؤلاء السادة لفترة طويلة التي لم تثمر الا مزيداً من الانحسار وفقدان دعم وتعاطف الجماهير.
المفروض سياسياً وادبياً واخلاقياً ودبلوماسياً ان يحسن المضيف استقبال ضيفه، خصوصا اذا كان الضيف مدعوواً من قبله، لكن الذي جرى في مراسيم تشييع جثمان المطران لم يدل على اي من ذلك، لان السيد يونادم لم يكن موجوداً اثناء المراسيم ولم يحضر الا ضيفاً في اليوم الثالث فقط !!! فأين واجب الضيافة ايها السيد لو كنت انت المضيف اصلاً ؟؟؟ الم يكن من الواجب ان تسير بجانب البطريرك في المراسيم ليعرف الجميع ان ما تدعون به اليوم صحيح ؟؟؟ أما كان الأجدر ان تكمل جميلك فتوصل سيدنا البطريرك الى حيث كرمليس وتشارك الشعب الذي تدعي انك تمثله المه وفجيعته جنباً الى جنب بطريركنا الجليل وعندذاك كان سيكون لنا ولشعبنا كلام آخر فيك.
حماية البطريرك وحسن استقباله وضيافته واجب على جميع الاطراف والاحزاب بغض النظر عن الانتماء الفكري والسياسي، وعندما يقوم طرف ما بتوفير هذه الحماية عليه ان يعتز بها لا ان يتباهى بها ويتخذها صورة اعلامية وسيفاً خشبياً يبارز به. الادعاء بمرافقة البطريرك حتى كركوك وتوفير الحماية له كلام لا اساس له لان الكل يعرف ان من وفر الحماية له كان الاستاذ سركيس اغاجان ومن لحظة انطلاقه في الصباح الباكر من بغداد وحتى كركوك ومن ثم استقباله في كركوك من قبل مبعوث السيد اغاجان ايضاً، لكن رغم ذلك لم يحسب ذلك منية او فضلاً على احد كما هي عادة وطبيعة العظماء بل جرى كل ذلك بصمت ودون اي ضجيج او نفخ اعلامي، لان المسيحي الحقيقي هو ذلك الذي يطبق مقولة سيده فيفعل باليمنى ما تجهله يسراه. ونختم مقالنا قائلين:
"من يحفر اسمه في الحجر ليس كمن يخط اسمه على رمل الشواطئ"
كوركيس شمعون ساوا
[/b]