طالباني يبحث مع بارزاني في بغداد في أزمة قانون الانتخابات... ومطالبة بإقالته ... جدل قانوني في دستورية استخدام «الفيتو» ضد قانون انتخابات مجالس المحافظات
بغداد، اربيل - جودت كاظم، لينا سياوش الحياة - 27/07/08//
توقع سياسيون عراقيون ان لا تتضمن جلسة البرلمان العراقي اليوم (الأحد) اي اشارة الى قانون انتخابات المحافظات الذي نقضه اثنان من اعضاء مجلس الرئاسة العراقي ووصفه النائب في البرلمان القاضي وائل عبداللطيف بأنه «نقض غير دستوري». وبدأت لجنتان نيابيتان دراسة الأسباب التي دفعت الى «نقض» القانون، فيما فجر احد قادة «جبهة التوافق» (السنية) جدلاً سياسياً امس بمطالبته بإقالة الرئيس العراقي جلال طالباني الذي بحث مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في بغداد في الأزمة التي سببها اقرار البرلمان قانون انتخابات مجالس المحافظات ونقضه.
قال زعيم «حزب الدولة» النائب وائل عبداللطيف إن «الاجراءات الأصولية التي يجب اعتمادها في حال النقض التي مارسها مجلس الرئاسة بحق قانون انتخابات مجالس المحافظات تقضي بإعادته الى مجلس النواب للتصويت عليه مرة ثانية، واذا نقض القانون مرة اخرى يجب حينها على البرلمان التصويت عليه مجدداً ويشترط لاقراره الحصول على ثلاثة اخماس اعضاء البرلمان من دون الرجوع الى مجلس الرئاسة».
وأوضح القاضي عبداللطيف لـ «الحياة» انه «في حال اقرار القانون من جانب مجلس النواب وفق هذه النسبة (ثلاثة أخماس) تنتفي حينها الحاجة الى مصادقة مجلس الرئاسة على القانون». واشار الى ان «رئاسة الجمهورية وهيئة رئاسة البرلمان تمارسان تحدياً كبيراً لبنود الدستور العراقي، خصوصاً الفقرة 4 من المادة 138 التي تنص على ان «يتخذ مجلس الرئاسة قراراته بالاجماع ويجوز لأي عضو ان ينيب احد العضوين الآخرين مكانه».
وشدد عبداللطيف على ان «احد اعضاء مجلس الرئاسة (طارق الهاشمي) لم يكن موجوداً في بغداد ولم يتم التشاور معه بشأن القانون قبل نقضه، كما انه لم يعلن انه أناب احد الاعضاء للتوقيع مكانه ما يعد تجاوزاً للمادة 138». ولفت الى انه «من الواضح ان قرار النقض جاء على خلفية خلافات سياسية وليست دستورية او قانونية».
وكان طالباني ونائبه عادل عبدالمهدي «اتفقا رسميا على نقض القانون لأنه يتضمن خروقات دستورية واجرائية من شأنها ان تفسد اجواء التوافق الوطني وتنسف المبادئ التي بنيت عليها العملية السياسية».
وطغت الخلافات حول طريقة اجراء الانتخابات في كركوك على القانون، إذ تطالب نسبة كبيرة من النواب العرب السنة والشيعة بتقاسم السلطة المحلية في المدينة بين مكوناتها الرئيسية (الأكراد والعرب والتركمان) الى حين اعداد مسح سكاني موضوعي خصوصاً بعد اتهام الأكراد بمحاولة «تكريد» المدينة، فيما يرفض الحزبان الكرديان الرئيسيان هذا الخيار ويصران على ان تكون المادة الدستورية 140 هي الأساس في اجراء الانتخابات المحلية في كركوك.
وكان النائب عن «جبهة التوافق» (السنية) خلف العليّان طالب امس البرلمان بإقالة طالباني من منصبه في رئاسة الجمهورية لأنه تعامل مع قانون الانتخابات على أساس «عنصري وليس وطني». وقال العليّان، الذي يشغل منصب رئيس «مجلس الحوار الوطني»، في تصريحات صحافية إن «طالباني غير مؤهل لقيادة العراق، لأنه تعامل مع قانون انتخابات مجالس المحافظات على أساس عنصري وحزبي وليس على أساس وطني. ولذلك نحن نطالب مجلس النواب بإقالته فورا».
من جانبه، اوضح المتحدث باسم كتلة التحالف الكردستاني فرياد راوندوزي ان «العليّان حرّ في تصريحاته، وهدفه تأجيج مشاعر العراقيين عامة والأكراد خاصة. لكن طالباني رئيس منتخب وشرعي، وهو صمّام الأمان والجسر الذي يربط العراقيين» لافتا الى ان «التحالف الكردستاني يؤكد الشراكة بين الكتل السياسية كافة في جميع المحافظات على إدارة البلاد».
بارزاني في بغداد
وذكر بيان أصدره مكتب رئاسة الجمهورية ان طالباني بحث أمس في بغداد مع رئيس اقليم كردستان في قضية «تمرير قانون انتخابات مجالس المحافظات بشكل غير دستوري وغير قانوني في مجلس النواب والأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد». وأضاف البيان ان «الجانبين اتفقا على ضرورة تكثيف المناقشات والمشاورات اللازمة مع القوى العراقية الفاعلة».
وكان بارزاني وصل مساء الجمعة الى بغداد في زيارة قال مطلعون إنها تهدف الى تدارك أزمة قانون الانتخابات. لكن فلاح مصطفى، مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان، أوضح ان الزيارة كانت مقررة ولم تأت على خلفية ازمة قانون المحافظات. وأبلغ مصطفى «الحياة» ان زيارة بارزاني كانت «مبرمجة ومخطط لها» ولا ترتبط بقضية قانون انتخاب مجالس المحافظات.
وذكر مصطفى انه من المقرر ان يلتقي بارزاني بأعضاء مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء والأحزاب السياسية، واصفاً الزيارة بـ «الاعتيادية» التي يقوم بها بارزاني «عند الضرورة» بين الحين والآخر بهدف لقاء قادة العراق السياسيين وبحث أهم القضايا والمواضيع ذات العلاقة بين الطرفين. وأشار الى ان اللقاءات ستتناول مجموعة من القضايا العالقة بين الحكومتين أبرزها «الاتفاقية الاستراتجية المزمع إبرامها بين العراق والولايات المتحدة وقانون الانتخابات وقانون النفط والغاز».
من جانبه توقع التيار الصدري تأجيل البت في قانون انتخابات المحافظات الى الاسبوع المقبل. وقال النائب عن الكتلة الصدرية عقيل عبدالحسين في اتصال مع «الحياة» إن «جلسة اليوم (الاحد) لن تتطرق الى قضية قانون انتخابات مجالس المحافظات». وأوضح ان «اللجان التي شكلت للبحث في اسباب النقض سترفع تقريرها النهائي الذي سيتضمن توصياتها الى هيئة رئاسة البرلمان الاثنين، ومن ثم ستحدد هيئة الرئاسة موعدا جديدا للتصويت على القانون بعد عرض التوصيات على مجلس النواب». واشار: «بعد اطلاعنا على بيان مجلس الرئاسة الذي تضمن مبررات النقض وجدنا انها مبررات سياسية وليست قانونية او دستورية». وتابع ان «طريقة التصويت التي مرر بها قانون الانتخابات كانت صحيحة، ولكن وجد البعض، على ما يبدو، ان اللعبة السياسية هي لعبة عدد اصوات ليس إلا». وطالب مجلس الرئاسة «باعتماد نتائج التصويت التي مررت قانون انتخابات مجالس المحافظات اذا كانت تنادي بالديموقراطية وتصرّ على العمل بها».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن النائب الاول لرئيس مجلس النواب خالد العطية قوله إن «مشروع قانون انتخاب مجالس المحافظات أحيل الى لجنة الاقاليم والمحافظات واللجنة القانونية لدراسة اسباب نقضه من قبل هيئة رئاسة الجمهورية». واضاف: «سيشارك نواب من الكتل البرلمانية غير الممثلة في اللجنتين في العمل على تقديم تقرير نهائي الى رئاسة مجلس النواب خلال مهلة يومين».
وكان البرلمان أقر الثلثاء الماضي قانون انتخاب مجالس المحافظات غير المنتظمة في أقاليم بموافقة 127 نائباً من أصل 140 كانوا قد حضروا الجلسة وسط مقاطعة نواب التحالف الكردستاني الذين يشغلون 53 مقعداً من مقاعد البرلمان العراقي المؤلف من 275 مقعداً، ومعارضة نائبي رئيس البرلمان خالد العطية (شيعي) وعارف طيفور (كردي).
وأثار قرار رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني بجعل التصويت على مسألة تأجيل الانتخابات في كركوك «سرياً» حفيظة الأكراد معتبرين ذلك «خرقاً دستورياً وقانونياً»، وأوضحوا ان «إمرار القانون بهذه الطريقة سيخلق أزمة سياسية لن تحمد عقباها».