الحكم الذاتي مطلب شرعي ورائع ...ولكن كيف السبيل اليه ؟
ادورد ميرزا
استاذ جامعي مستقل
اصبح شائعا توجيه الانتقادات الى من يقع في دائرة المسؤولية في العراق بعد عام 2003 والذي سيبقى العراقيون يستذكرونه حيث استحق بحق ان يطلق عليه اسم عام التدمير الشامل استذكارا لأسلحة الدمار الشامل التي اتهم العراقيون بامتلاكها, ولا يخفى على احد انه في ظل الأنظمة الشمولية او الدكتاتورية لا يسمح لكائن من كان ان ينتقد اي مسؤول في حكومته , ولكن ما شاهدته في دول الغربة فان ابسط المواطنين من حقهم توجيه الانتقاد الى كل مسؤول تقاعس او اهمل دوره في خدمة المجتمع حتى وان كان رئيس الجمهورية , ولست هنا بصدد المقارنة في حكومة العراق ومن هم في المسؤولية وما بين حكومات الغرب المتقدم فالفرق كبير, لكني وددت فقط الإشارة بان انتقاد رئيس الجمهورية او غيره من المسؤولين في اوطاننا قد يعرضك الى ما لا يحمد عقباه , اما اذا انتقدت سيد او شيخ او كاهن او من في دائرتهم , فمعناه انك اقتربت من انفاسك الأخيرة , واذا حاولت انتقاد كاتب معين او موقع الكتروني او حاولت توجيه انظار المسؤولين حول امر ستراتيجي يتعلق بمستقبل شعبنا في مناطقه التأريخي في الوطن, فمعناه انك ادخلت نفسك في ورطة واقل ما ستوصف به هو عدم الدراية بما يحدث على الأرض وانك غارق في الضحالة السياسية .
وفي كل الأحوال فانك ستهاجم وقد تعاقب بانواع العقوبات والممنوعات خاصة واخطرها عندما يكون الشخص المفوض لتحليل كتاباتك والحكم عليها شخص غير مؤهل وغير كفوء وغير دقيق , هكذا هي الثقافة التي يفهمها وتربى عليها { بعض من مواطنينا } , وهنا يجب ان نؤكد باننا لا نبغي من وراء النقد التشهير الشخصي او الإساءة الى الأحزاب او الى الكتل والتجمعات الشعبية , انما نبغي حماية الحقيقة وحماية المسؤولين النجباء من السنة المتصيدين الخائبين الحاقدين , ان المسؤولون الحقيقيون اصحاب العقول النيرة من البديهي انهم يحترمون رأينا ويعتبرونه حقا بل واجبا نمارسه ضد بعض السياسات الخاطئة والتي نعتقد بانها قد تؤدي الى تمزيق وحدة شعبنا وطمس تأريخه او زعزعة امنه وتخريب ثقافته واقتصاده , وهنا اسجل كل التقدير لكل من يتسع صدره لكتاباتنا بدءا من رئاسة الجمهورية وانتهاءا بكتابنا وكاتباتنا وادارات مواقعنا الألكترونية الرائدة .
كتب احد الكتاب والذي اكن له كل الاحترام والتقدير لتفانيه المعلن من اجل الكلدانية , مقالة مطولة عن الحكم الذاتي معتبرا فيها ان من لا يؤيد ذلك تُفرز سياسته في خانة الضحالة السياسية ....جاء فيها { إن المطلوب من تنظيمات شعبنا وفي مقدمتها الحركة الديمقراطية الآشورية وحزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني وبقية الأحزاب ان تضم صوتها الى المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والقوى والأحزاب القومية الخيرة الأخرى التي تطالب بتثبيت حقنا في الحكم الذاتي ، وفي البداية ان يدون الحكم الذاتي لشعبنا كمادة من مواد الدستور العراقي ودستور حكومة اقليم كردستان } انتهى النص
وقبل ان اناقش ذلك.... اقر باني متابع جيد لكل آراءه وافكاره والتي في غالبيتها تصب في دفاعه الرائع لتثبيت الكلدانية كقومية خالدة الى جانب القوميات الأخرى , حيث يسعى جاهدا لتحقيق ثباتها ووجودها , ولا يخفى على احد من ابناء شعبنا بان هناك العديد من ابناء شعبنا يقرون بهذا الرأي ويعملون على دعمه وترويجه كأمر قائم وحتمي , كما ان هناك على العكس من ذلك حيث هناك اخرين من قوى شعبنا يعتبرون بان الكلدانية اوالسريانية ما هما الا طائفتين مذهبيتين مسيحيتين , وانهم اي هذه القوى يفضلون ان ينظويا تحت راية { الأشورية } لتكوين كتلة بشرية قوية واحدة لكي يكون لها رأيا واحدا قويا ومؤثرا تستطيع بهذه الوحدة اثبات وجودها على الساحة السياسية العراقية كقوة حقيقية على الأرض , خاصة اذا ما علمنا بان الأشوريين والسريان والكلدان يمتلكون مقومات الوحدة حيث يتّبعون الديانة المسيحية ويتكلمون اللغة السريانية الآرامية وان تقاليدهم وعاداتهم وآمالهم واهدافهم مشتركة , ان الجدل الدائر حول التسمية لن تحسم في الزمن القريب انما ستدوم قد تمتد لعقود , بقي ان اشير الى ان هناك الكثير من قوى الكلدان والسريان يؤمنون انهم اشوريون وان قوميتهم هي الأشورية , وايضا هناك قوى من الكلدان والسريان لا يؤيدون ذلك بل يجزمون بان السريانية قومية بحد ذاتها وكذلك الكلدانية...! ولذلك فاني اعتقد بان الموضوع متشابك ومعقد ويحتاج الى وقت طويل من المداولات وزيادة الوعي القومي للخروج من هذه العقدة التي وبلا شك ان بقيت فانها ستضعف قوتنا ووجودنا القومي والحظاري في العراق وفي العالم , واني واثق من ان جزءا من المسؤولية تقع على عاتق قادتنا السياسيين والنخب المثقفة جنبا الى جنب مع قادة كنائسنا الأجلاء بمذاهبهم الثلاث فهم المسؤولون امامنا وامام التأريخ عن ما يصيبنا من ويلات ومن ضعف وتمزيق ..اعود لموضوع الحكم الذاتي ....فاقول للمهتمين به بانه ليس كل من لا يؤيد مشروع الذاتي يرجم ويرمى خارج الاجماع القومي ثم يتهم بالضحالة السياسية , كما ان الضحالة السياسية ليست مفردة سهلة الهضم كما يعتقد البعض , انها موضوع خطير قد يؤدي الى خراب وفساد المجتمع , واذا طلبنا من عاقل ان يشخص لنا مثالا للضحالة السياسية فانه حتما سيتجه الى ما يدور من سياسات في العراق , لأن الذي يحصل في العراق هو الضحالة السياسية بعينها, فالعملية السياسة حين توجه لتحقيق المصالح الشخصية او الفئوية او الطائفية لا توصف الا بالضحلة , وان القائمين على ادارتها في العراق هم من يستحقون هذا الوصف .
ان مطالبة الكاتب من البعض من تنظيمات شعبنا المذكورين في المقالة ....{ ان تظم صوتها الى جانب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والقوى والأحزاب القومية الخيرة الأخرى } ليست القضية المهمة لا بل لا يوجد هناك ما يشير الى الاستعجال في هذا الأمر , لأننا وكما نعلم ان التنظيمات اعلاه كبيرة ومتجذرة وبعضها لها قيادات مشاركة في الحكومات العراقية ولها رؤيا معينة اتجاه الاحداث , كما أن لكل منهما برنامجه السياسي ومواقفه الخاصة اتجاه ما يجري على الأرض , ولا استثني هنا قوى شعبنا الأخرى التي قصدتها حيث تساهم هي الأخرى جنبا الى جنب مع الخيرين لخدمة شعبنا ولبناء العراق الموحد , انما المهم يا سيدي العزيز .. وقد كنت صائبا فيه وفي نفس النص .. هو ...{ ان يدوّن الحكم الذاتي لشعبنا كمادة من مواد الدستور العراقي ودستور حكومة اقليم كردستان } ..., وهنا اود ان أُذكّر بان مطلب الحكم الذاتي الذي طالب به شعبنا قد أيده فيما بعد السيد رئيس البرلمان الكردستاني , وهذا ليس كافيا , حيث لا بد ان يكون لحكومة العراق رأيا فيه , وان شعبنا بانتظار ان يتحقق ذلك وسيكون القائد الذي سيعلن ذلك رسمياً مدعاة اعتزاز ومفخرة تأريخية لن تنسى , وسوف تلتف حوله كل قوى شعبنا السياسية والدينية , عندها سيكون لكل حادث حديث .
نعم ...{ ان يدوّن الحكم الذاتي لشعبنا كمادة من مواد الدستور العراقي ودستور حكومة اقليم كردستان } ..انها البداية التي يجب ان ننطلق منها لكي نضع مطاليبنا موضع التنفيذ , وعكسها فان كل ما يقال هراء في هراء , ان عقدة التعصب لهذا الطرف او ذاك لا يمثل رأي وثقافة شعبنا ولا يخدم تقدمنا , ان تثبيت مطلب الحكم الذاتي اذا ما اقر في الدستور العراقي الشامل وفي دستور كردستان بالشكل الذي يضمن الاستقلال الكامل البعيد عن ستراتيجيات الوصايا او الحماية سيكون البداية السليمة التي ستحظى بتأييد كل شعبنا وعلى اختلاف انتماءاتهم الكنسية او القومية, ولا ننسى بان هناك باب آخر يستطيع المخلصون طرقه اذا ما اردنا ضمان ذلك , لأن الأمم المتحدة هي التي اقرت بحق الأقليات القومية للحصول على الحكم الذاتي في ظل حكومة مركزية مؤمنة بالتعددية وبالديمقراطية .
وبهذا الصدد كتب الأستاذ عبدالله النوفلي مقالا جاء فيه ...
{ يا للخطأ الذي نحن عليه، كوننا نُفرغ مناطقنا من سكانها ونجعلها تذهب على طبق من ذهب للآخرين واحيانا بابخس الأثمان , ونعيش بعد ان كنا احرارا بضوابط معينة في مناطقنا اذلاء خانعين خارجها ونقبل هذا الآذلال وهذا الخنوع ونبدأ بالبكاء على اطلالنا , ومن يتمكن من التنضير والكتابة تتفتح قريحته وهو في الخارج ليبدأ بتقديم الحكم والنصائح للقلة المتبقية الصابرة في هذا الوطن .} انتهى النص
اتمنى لشعب العراق بكل اطيافه كل الخير والحرية والسلام .