إقليم كردستان على شفير الهاوية
عامر خوراني
فاحت رائحة شواء كريهة من طبخ الذي كان يعد على نار هادئة، لنشم معه روائح عفونة السراديب التي كانت تحرق فيها جلود بشرية من بعد سلخها عن الأجساد في أروقة العقود الغابرة.
ذلك الزمن المظلم بدا يلوح ثانية في سماء إقليم كردستان، بعد ما طافت الى السطح رواسب أزمة داخلية، كالبركان انفجرت حممها لتحرق شعوبها وتنثر حصاد السنين في مهب الريح.
بدأت تظهر بوادر أزمة معقدة في البيت الكردي وفي توقيت لا يحسد على ضيقه، بعد ان قطعوا الأكراد أشواطا طويلة وتجاوزوا مراحل عصيبة بين النزوح من الجبال الى العمران والتمدن، ومن بعد ان عرفوا العالم بأنفسهم وفي زمن قياسي كشعب متحضر يريد مواكبة تطور الحياة.
اشتد الصراع هذه المرة بين أعمدة البيت العائلي، بعد ان شيد بإسالة الدماء وقام على أشلاء الشهداء، لرؤية إشراقة حياة جديدة ونيل من رحمها عيش كريم كباقي خلق الله.
الأعداء من أمامهم والجبال من ورائهم، هكذا محاصرون في مثلث الرحمة بين حكومات لا ترحم ولا تريدهم شركاء الوطن، بينما هم انشغلوا باقتسام الميراث والمراهنة على الانشقاقات، والدخول في الانتخابات فرقاء، لما يفرقهم يطفح الكيل على ما يجمعهم، مختلفين في الرؤيا وبعد النظر في المحافظة على الترتيب البيت الداخلي. كل ذلك على حساب مصير الشعب في مجازفة لا يحسد على عاقبتها، وفتح ثغرات بعد ان كادت تصبح قلعة منيعة لتسلل الأعداء، واختلافات أخرى صارت قيد انفجار متأثرة بالانفجار الذي أحدثوه كوادر قيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني في الآونة الأخيرة من هذا الوقت الحرج.
أليست مفارقة غريبة ان تفتعل هذه ألازمة بعد أثمرت الجهود لتوحيد أهم الوزارات في إقليم كردستان وأصبحت قيد التنفيذ من بعد عناء طويل !!
أليس توقيت افتعال هذه ألازمة والانتخابات على الأبواب، تفرض وضع علامة استفهام كبيرة ؟
بينما حكومة مالكي في سباقها مع الزمن رمت بكل ثقلها لتتحرر من التزام صفتها الاتحادية وإنكارها علنا، ضاربة دستور المنتخب عرض الحائط كبداية الطريق نحو المركزية، لقبض زمام السلطة بيد حديدية لكسر الرؤوس التي ترفع هنا وهناك من خلال عسكرة العراق.
حسب البنتاغون تفوق عدد قوات الأمن العراقية من الجيش والشرطة والتشكيلات الأخرى على 600 الف عنصر، ما عدا الصحوات والميليشيات والجيوش السرية التي شكلت على غرار تشكيلات السابقة لقائد الأمة، كما صرف مليارات الدولارات لاقتناء أحدث أسلحة المتطورة.
ان لم تكن دول الجوار في الحسبان، وهذا الشيء مستبعد على الأقل في المستقبل القريب.
إذن سؤال كبير يطرح نفسه مع كبر هذا التسلح !!
لمن كل تلك الجيوش ثانية ؟
السونار الذي يكشف على الجنين في تكوينه، كذلك استنتجت تحليلات المحللين وكشفت مؤشرات أخرى نوايا وخط الذي اختارته الحكومة لنفسها، من خلق أرضية صالحة لولادة دكتاتورية أخرى في رهانها على الوقت، مستخدمة أسلوب المغازلة المعسولة مع رش الأموال لتنظيف العقبات ووضع عثرات لتملص من القضايا العالقة، كما التي طال عليها الزمن مع الإقليم لتتراوح في مكانها تمهيدا لسحب البساط من تحت أقدام قادتها، وارباك خطواتهم لنزع مكاسبهم ووضعهم على فوهة البركان.
إذن ما زال في الوقت بقية لتجاوز هذه ألازمة وإعادة النظر في ترتيب البيت الداخلي، وفي الجيوش التي تعسكر في الخفاء، والعمل على استثمار خطوات تصب في صالح شعوب المنطقة، ومواصلة الطريق الذي مازال طويلا للوصول الى بر الأمان.
وجلـكم أكبر مني عمرا وقدرا وخبرة ومعرفة لتجاوز هذه المرحلة، ومن الله التوفيق.
Amir_shqlawa@hotmail.com