حتى السفراء محاصصة .. اين الكفاءة الدبلوماسية
ادورد ميرزا
اكاديمي مستقل
في الوقت الذي يعلن السيد المالكي وقادة الأحزاب والقوي المشاركة في الحكومة رفضهم اعتماد المحاصصة الطائفية مستقبلا ، وانهم سيتمسكون بالمشروع الوطني المعتمد على الكفاءة والنزاهة , يفاجئنا البرلمان العراقي العتيد بترشيحه عددا من الاشخاص لشغل منصب سفير وفق قاعدة المحاصصة سيئة الصيت , وانا استمع الى سيرة بعضهم والتي لم تخلو من بطولات كالخارجين عن القانون والتي تنتهي غالبيتها في السجن , فاني ارى بان الاستمرار بمنهج المحاصصة الطائفية فان ذلك سيبقي العراق متخلفا وبعيدا عن المدنية والتقدم .
ولكي لا نضلم بعض السفراء العراقيين المستقلين الباحثين عن لقمة العيش من الذين قبلوا بترشيحهم لمنصب سفير , فاني ابحث عن مواصفات عضو برلماننا الذي يمتلك سلطة قرار الترشيح , فهل هناك علاقة طردية بينه وبين من يقوم بترشيحهم او تزكيتهم من ناحية الكفاءة والاخلاص والنزاهة , لأن غالبيتنا بات عارفا بمواصفات غالبية اعضاء برلماننا ومدى كفائتهم واخلاصهم والطريقة التى وصلوا بها الى بناية البرلمان ليجلسوا على الكرسي ليتحدثوا باسمنا .
ان عضو البرلمان الذي بات يمثلنا انما هو من سيرسم ويخطط ويتحكم في كل القرارات التي تعني بمستقبلنا من الناحية العلمية والاقتصادية والاجتماعية , وهنا اشير فقط الى نبذة بسيطة جدا عن مواصفات المرشح لعضوية البرلمان في بعض الدول الديمقراطية , فهي كما نعلم تختلف من دولة إلى أخرى وذلك حسب مستوى التطور الديمقراطي والاجتماعي لتلك الدولة ، ولكني فقط اقول بان مهام عضو البرلمان في هذه الدول فانها غاية في الشفافية والمبدئية وتتركز في مراقبة الحكومة واداء مؤسساتها ومحاسبتها عند التقصير , كما انه يشارك في صياغة واعداد ومناقشة القوانين والتشريعات التي تتعلق بالصحة والتعليم والخدمات وكل ما له علاقة بالنمو الاقتصادي والعلمي وبالعلاقات الدولية للدولة .
أما في البلدان الغير ديمقراطية والمتخلفة فاننا نرى البعض من اعضاء البرلمان فيها لا يهتم إلا بالمصالح الضيقة لطائفته ولحزبه او لفئته وأحيانا لمصالحه الشخصية ، ففي بلادنا انتشرت ظاهرة النواب الفاسدين وعديمي الكفاءة , ولان الانتخابات على الابواب فقد أصبح لزاما على الناخبين العراقيين أن يبحثوا عن المرشحين نظيفي اليد والسمعة ويملكون الكفاءة والحس الى جانب وجوب إدراكهم السياسي بالواقع الموجود وإدراكهم بالمشاكل المحلية والمركزية وإدراكهم للحلول الممكنة ووعيهم بالخريطة السياسية للقوى السياسية والشعبية وكيفية التعامل معها , ولكي يتحقق ذلك يجب الضغط على الحكومة لجعل الانتخابات علنية وواضحة ومعتمدة في ذلك على معايير النزاهة والكفاءة والشعبية والتي يجب اعتمادها من قبل الكتل او الأحزاب حين يرشحون احدا لشغل المناصب المهمة في الدولة ومنها منصب عضوية البرلمان .
ولكي نكون واقعيين فاني سانقل لكم نصا منسوبا الى السيد سلمان الجميلي وهو عضو البرلمان العراقي ويشغل منصب عضو لجنة العلاقات الخارجية .....
اقرأو ماذا قال ...{ انه تم اعتماد مبدأ المحاصصة بين الكتل العراقية في اقتسام 30 منصباً كسفراء عراقيين جديد في مختلف دول العالم . ويضيف قائلا ...رشح مسؤولون وموظفون كبار واشخاص مقربون من القادة السياسيين ليكونوا سفراء للعراق.. وأوضح ان قائمة المرشحين تضم عشرات الاسماء بينهم الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ومحافظ بغداد الحالي صلاح عبد الرزاق وابن شقيق رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارزاني. وختم قائلا ....ان المرشحين" لا يتمعتون الا بحد أدني من المواصفات وان كفاءات غالبيتهم متدنية }......ونسأل السيد الجميلي مالعمل اذن !
ثم ما دامت القضية بهذه الصورة المشوهة كما وصفها السيد الجميلي ....الم يكن من الأجدر قيام المسؤولين عن الخارجية العراقية بالاعلان في وسائل الاعلام عن وجود حاجة لسفراء وعلى من يجد في نفسه الكفاءة التقديم دون اللجوء الى اعتماد البرلمان على المحاصصة سيئة الصيت التي قسمت وزاراتنا الى عربية وكردية شيعية وسنية وغيرها ! ولكن وكما يبدو فان ما حصل هو افراز طبيعي لبرلمان غير كفوء وعاجز عن تغليب المصلحة العليا للدولة لأنه حبيس المحاصصة والمصلحة الطائفية والشوفينية والشخصية , الا تعلمون بان تغليب مصالح الكتل والاحزاب على مصالح الشعب العراقي بعربه وكرده بمسلميه ومسيحييه جريمة مخلة بالشرف وضد تعاليم الدين وضد حقوق الانسان.
واخيرا ...فاهل مكة ادرى بشعابها ....فنحن العراقيين بكل انتماءاتنا الدينية والقومية ومنذ 1920 لم يسلم من لساننا ومن ايدينا اي نظام , ولكن واذا افترضنا بان هؤلاء السفراء قد تم تعيينهم ومشى الحال , فاني وكما اعتقد لن يكون ذلك لزمن طويل ولا نهاية المطاف ، لأن التغيير السياسي في العراق اذا ما حصل وطبعا بمساعدة امريكية واستقر الوضع العام في ظل حكومة تكنوقراط شفافة وديمقراطية مستقلة تعمل وفق دستور عادل وغير مصلحي , وتعتمد في ادارتها لمؤسسات الدولة على الكفوئين وفق قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب , فان كراسي كل هؤلاء { الوزراء والسفراء والضباط المعينين وفق المحاصصة الطائفية والحزبية بكل ملاحقهم وتوابعهم } ستكون في مهب الريح حالها حال من سبقها من الكراسي ....والله اعلم .