سيادة المطران الجليل لويس ساكو ... أنتم لم تُجيب على تساؤولاتي
سيدي المُبجل، أنا أحترمكم جداً ولم أتطرّق إلى روحيتكم أو أخلاقكم أو تدريسكَم ... أنت علمتني النقد، أنت علمتني أن نعمل من أجل إصلاح الكنيسة والتغيير والتجديد... أنت علمتني أن أقول وأعبّر عن أفكاري بحرية وبجرأة وبشكل مباشر ... أنت علمتني أن لا أحكم على إنسانية الشخص ... هذا هو تعليمُك لي في دروس اللاهوت الرعوي ... وفعلتُ ذلك في رسالتي إليك وباحترام تام .... أنا لم أستخدم عبارات: القحة والتبذل الأخلاقي والإستهزاء والخروج عن الأدب الإنساني ... عملاء ... عيب عليك ... يا قليل الأدب ... صدقني فرحت جداً عندما رفعوا مقالتي من موقع عنكاوا كوم، بطلبك أو نزلا لطلب الآخرين من مناصريك، وأبقوا على ردّك لكي يكون الأساس الذي أنطلق منه في رسالتي هذه إليك ...
أولاً: سألني كثيرون بالهاتف والإيميل لماذا كتبتُ ما كتب؟ وجوابي هو: كتبَ الأب ألبير أبونا مقالاً: كنيستنا تفتقر إلى رعاة وعن حياة الكاهن، وأردتُ أن أكمل في نفس الفكر وأُظهر أنني لا ألتمّس، على الأقل شخصياً، راعياً يُحاور ويستشير الكهنة والعلمانين قبل أن يُبادر أو يُقرر شيئاً، وأنا أعترف أنني من جملة هؤلاء الرعاة. فالكل يُبادر ويفعل ما يشاء من دون وعي لعواقب أفعاله على الكنيسة وعلى الجماعة في الحاضر والمُستقبل ...
ثم أننا مُقبلون على إنتخابات نيابية، والناس تسألنا عن مواقفنا. لذا أردتُ أن أضع أمام سيادة المطران لويس ساكو الجزيل الإحترام وهو احد اعلام الكنيسة الكلدانية واهم شخصياتها . جملة تساؤولات حول موقف الكنيسة من السياسة، مُبيناً له، ولغيره، أننا مُحرجون من مواقف الكنيسة الغير الواضحة. حيث تعلمنا في الحق القانوني والرسائل البابوية أن الإكليروس لا يتدخل في السياسة، ولا يقبل بمناصب سياسية، فكيف تبدو الكنيسة في الوضع العراقي إذن من هذه التعاليم؟
وأنا شخصياً لا أعرف شيء عن تفاصيل الحكم الذاتي في سهل نينوى، ولستُ مهتماً بهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، لأنها قضية سياسية صرف، والشعب له الحق في البت في هذه القضية، وله الحق في العيش في سهل نينوى أو السويد أو دارفور أو غزة أو سومطرة (ولو ما اعغف وين صايرة ؟). الحكم الذاتي قضية سياسية وهي من حق الشعب أن يُقرر ولن نسلبه حقّه، الكنيسة تتبع الشعب أينما حطّ.
ثانياً: لماذا مواقع الإنترنت صارت مجال التحاور بين الإكليروس؟ أقول لأن سيدنا المطران لويس ساكو السامي الوقار يٌحب هذه المواقع ولا يطرح أفكاره ونظرياته إلا على الإنترنت والمواقع الإلكترونية عوض أن تكون في لقاءات المطارنة والسينودس والكهنة والتي اختفت. لربما له الحق لأنه يشعر أن إجتماعات السينودس غير مثمرة بالنسبة له، ولا تمتلك الفاعلية الكافية لسبب مواقف الأساقفة وعلاقاتهم مع بعضهم البعض. لذا قدمّت له هذه التساؤولات عبر الإنترنت. أنا أعرف أن مواقع الإنترنت ليست المجال الأمثل للتحاور بيننا، ولكن أريد أن يأخذ جميع الإكليروس: مطارنة وكهنة قراراً بعدم اللجوء إلى الإنترنت لإظهار العضلات الفكرية وإرهاصاتهم اللاهوتية، بل يواجه الواحد الآخر وجهاً لوجه بشجاعة من دون مراوغة أو إفتراء أو تباهي. ويوم يُؤخد هذا القرار، سأكون أول المنُفذين له بكل صدق، ولن أسمح لأحد من المقربين لي بالكتابة عوضاً عني في مواضيع تخص الكنيسة كما يفعلون. وأطلب من سيادة المطران لويس ساكو أن يكون أول مَن يُقرر ذلك ويُعلن عن ذلك كتابة ويلتزم به وسأتبعه قلباً وقالباً.
ثالثاً، وهذا هو المهم، لم تُجبني يا سيدنا الجليل على تساؤولاتي. فأنا سألتك: لماذا يطلب منك انتَ وحدكَ، من دون كل الكهنة في العراق، أن تتعامل مع الأمر الواقع؟ نحن كهنة أيضاً، وعملنا وسنبقى نعمل في بغداد، فلماذا تقوم بمثل هذه المُبادرات الشخصية من دون أن يُطلب منك؟ أو لا ترى أن في ذلك إحراجاً لبقية الكهنة زملائك؟ أولا تظن ان أجهزة الدولة والتيارات الحزبية والدينية ستمدحك وتُثني على مُبادرتك، وتنظر بعين الشك والريبة إلى بقية الكهة؟ألم تُفكّر مليا بعواقب هذه المُبادرات على مُستقبل الكنيسة في ظل أجواء مثل هذه؟
أنتم تُقدمون موائد الإفطار، وهي مائدة دينية وركيزة من ركائز الإسلام حسبما علّمتنا . وإذا رغبتَ بالشركة الإيمانية الكاملة معهم مثلما تُعبر عنها هذه المائدة، وكما أنت علّمتنا فهذا أمر عائدٌ لك وأنت حُر بالتأكيد وذو قرارات متزنة وتعرف كيف توازن الأمور. ثم أنا لم أقل إنك تعملها من أجل الشهرة أو المنصب، أنت قلت. ولكن السؤال الأهم: نحن ليس لنا المال الكافي لإقامة هذه الموائد في كنائسنا، فلماذا يُفرض علينا هذا كواقع حال؟ ولأن ما لدينا هو بالقطارة ويكفي لفقراء كنائسنا. فأنا وغيري من الكهنة يسألون: لماذا الإنفرادية في التعامل مع القضايا الرعوية؟ لماذا لا تستشيروننا في أمور مثل هذه لنحسبَ حسابَ كل شيء؟ أعتقد أن إستجابة الكهنة لدعوة الرياضة الروحية التي أعلنت عنها في أيلول الماضي كانت خير دليل على القطيعة التي لنا نحن الكهنة جميعاً معكم أيها الأساقفة الأجلاء من دون تمييز أو تفضيل لموقف أي منكم.
أنت أكّدت لي وللجميع في ردّك أن لك تعامل مع الحكومة السابقة والأمريكان. السؤال هو: لماذا تتعامل مع الحكومة والأمريكان، ويصل مستوى التعامل إلى مرحلة الصداقة (لأنه صديقي ليس إلا حسبما كتبتَ أنت)، وتُبرر ذلك بأنه: كان أمراً واقعاً واقع الحال كما تكتب)، في حين تتهم الآخرين بالعمالة؟ لماذا تُحلل لنفسكَ ما تُحرمه على الآخرين؟
ومَن هو هذا الزميل ؟ الذي كان وراء حالات كثيرة من الخطف؟ وماهي ادلتك ؟ من حقّي أن أعرف حقيقة مَن أتعامل معهم؟ إذا كنتَ راعياً بحق، عليك أن تعتني بأمري وتُخبرني عن هذا الزميل الذي تتهمه أنه كان سبباً لحالات الخطف؟ من حقّي أنا أن أعرف ولو عبر الهاتف لأنني كنت ضحية الإختطاف وخسرت صحتي وظهري مُصاب بتهشم فقرتين من جرّاء التعذيب، وبكسر ضلعين في الصدر ورصاصة في قدمي وتهشم في أنفي وأسناني، وأنت تتستّر على مَن تدعوه زميلاً لي، وتعرف هويته وإجرامه وتقول أن في ذلك فطنة ولن نُصرّح بكل ما نعرفه ... والمسؤولية تلزم الإنسان أن يزن كلامه؟ على الأقل صرّح بإسمه إلى رئيس ابرشيتي ، وقدّمه ليُطبّق عليه القوانين الكنسية بدلاً أن تُقدمني انا الضحية. عليك أن تُبرز لنا حقيقة ذلك وتخبرنا بكل ما تعرفه من التفاصيل والحقائق؟ ردّك يدفعنا لأن نشك في بعضنا البعض ونسأل: مَن هو الإسخريوطي بيننا الذي يُسلّم الكنيسة ويبيعها بالقروش؟
رابعاً: يا سيدنا العزيز، الله شافوه بالعقل، منصب نائب المحافظ أو عضو مجلس المحافظة تقول أنه منصب إعتباري ومجاني؛ ترة هاي ما صايره لحد الآن في العراق. وإذا كان حبل الكذاب قصير، فيُمكنني أن أستفسر عن ذلك وإذا تبيّن أنك لم تتقاضى مُستحقات مالية، ولم يرد إسمك في أي سجّلات مالية للحكومة، ولم تستلم المُستحقات المُتراكمة للسنين الماضية، فعندها سأعتذر قدام الله وقدامك وأمام جميع الناس أنني أخطأتُ بحقك، طالباً الصفح منكم وراكعاً أطلب عفوكم، ومستعداُ لتحمّل عواقب فعلتي هذه. أما إذا كنت قد استلمتَ، فلست أحسدكَ أبداً: بالعافية مليون مرّة. لكن صدقني إنه منصب سياسي وليس خدمي مهما كانت المُبررات، لا واقع الحال ولا أنه منصب فُرضَ عليك من قبل المرحوم المطران فرج رحوّ. ثم أرجو أن لا تقدّموه شاهداً على كلامك لأنه غادرنا إلى الديار الأبدية حزيناً، وكان مخطوفاً ومُهاناً ومضروباً مثلي ومثل بقية الكهنة الذين ذاقوا عين الشي، ولكنه لم يعد ليشهد على ما تزعم به وللعذاب الذي تحمّله وتحملّناه بسبب مواقف الكنيسة من السياسة. وأنا متأكد أنه حزين على واقع كنيستنا الذي نُدمّره نحن بأيدينا الآن مع سبق الإصرار والترصد، فكلنا يتحمل مسؤولية ما يحصل في الكنيسة من دمار، ولكل منّا معوله في تدمير هيكل الله بقصد شريف أو لا؟. الله وحده يعلم ما في القلوب وهو الديّان الأوحد، وله الحق في أن يحكم على الإنسان: أليس كذلك؟؟؟
خامساً: أنا لا أنكر أنك درستني وقدمتني للرسامة. ولكن أود أن أقول لك: كان هذا واجبك وليس لك فيه فضلٌ لا على الكنيسة ولا عليَّ، مثلما لستُ أنا بمُتفضلٍ على أحد إذا ما قُمتُ أنا بواجباتي الكهنوتية. هل تريد أن تُطبّق عليّ المقولة: مَن علّمكَ حرفاً صرتَ له عبداً!!! أنا لا أُساوي نفسي بالمُصلحين لأنني لم أُصلح نفسي، أنا كاهن خاطئ، وأعرف نفسي جيّدا، وأعرف أن بيتي إنساني، ومازلت أحاول أن أبنيه على المسيح، وليس على إنجازاتي ومواقفي الشُجاعة أو المتراخية. أنا أعمل خادماً من دون أفضال أو تضحيات، لن اُحمّل الآخرين أحمالاً ثقيلة بسبب خدمتي هذه. وإذا أردتَّ أن تطلب من رئيس أبرشيتي أن يطبق بحقي القوانين الكنسية (ق 1447- 1448) وتُطفي شمعتي لأنني تجاسرتُ عليك فهذا لأنكم أنتم ، علمتموني أن أقول كل شيء بصراحة، وأن السلطة نيرون. وإذا تريد أن تعرف خطاياي فأنا مُستعد لأٌقرَّ بها لك بسر الإعتراف شريطة أن لا تبوح بها على مواقع الإنترنت. أليسَ كذلك؟ ؟؟
أخيراً أود أن أقول للجميع أنني أستلم راتبي من رئيسي الكنسي في بغداد الجالس سعيدا، على كرسي ساليق وقطيسفون .وإذا كنا بحاجة إلى الأموال فعادة نسأل الرئاسة الكنسية التي تتحمل مسؤولية توفيرها من الجهات ذات العلاقة. وأعتقد أن هذا نظام معمول به في أبرشيتكم، وأعرف أنكم مُتسامون عن الأمور المالية والتي هي حقيقة يُقر بها الجميع لصالحكم وأنا أولهم لأن الأعمال تشهد لنزاهة الإنسان في تعاملاته المادية.
أتمنى أن تكونوا معنا في سنة الكهنوت هذه وتسمعوننا نحن ابنائكم الكهنة مع أننا لسنا أصحاب شهادات ومناصب عالية، وليس لنا علاقات مع محافل وجامعات دولية. نحن كهنة بُسطاء مع هذا الشعب المغلوب على أمره، ونريد أن نعيش معه و إلى جانبه، ونُسمِع صوته بصراحة وجرأة. مَن له أذنان سامعتان ليسمع، وإذا كان لكم من رحابة الصدر ما يكفي فألتمس منكم التأمل في إنجيل متى الفصل 23.
إبنكم الداعي لكم بالخير
الأب دوكلاس البازي