THE CHALDEAN OF IRAQ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

THE CHALDEAN OF IRAQ

The website of the academic researcher: SIRWAN BEHNAN
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Sirwan Shabi
Admin



عدد الرسائل : 935
تاريخ التسجيل : 04/10/2007

حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري Empty
مُساهمةموضوع: حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري   حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري Icon_minitimeالأحد أكتوبر 25, 2009 10:15 am

حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري

أبرم شبيرا
توضيح:
قبل كل شئ الضرورة والإلتزام الأدبي يفرضان علينا أن نؤكد بأن هذا الموضوع ليساً طعناً أو تهجماً على المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ولا مدحاً به وليس ضمن نفس السياق والمغزى الذي ساد منهج الكثير من الكتاب سواء في النقد التهجمي على المجلس أو الإفراط في مدحه من دون بناء ذلك على أسس علمية مقبولة للكتابة الموضوعية المنطقية والتي سادت الكثير منها في مواقعنا الألكترونية خاصة بعد خروج مجموعات كلدانية من "مظلة" المجلس وفوزه بثلاثة مقاعد من الكوتة المخصصة لشعبنا في برلمان إقليم كردستان. من هنا أؤكد القول بأن بيان بعض سلبيات المجلس وبشكلها الصريح لا يقصد بها إلا نقداً موضوعياً وبناءاً قد ينظر فيها من يتولى مسؤوليته لربما تكون مفيدة في معالجة بعض عيوبه ونواقصه. والحال نفسه لايختلف عند بيان بعض الجوانب الإيجابية للمجلس فالقصد منها ليس التملق والإطراء الأعمى بل على تثبيتها وترسيخا وأخذها كمسلمات للإنطلاق نحو مستقبل إيجابي أكثر.

من هنا أقول للقارئ العزيز والمعنيين بالشأن القومي بأن هذا الموضوع لم يكتب من منطلقات حزبية أو تحيزا لجهة ضد جهة أخرى بل أنها معالجة موضوعية لواقع موضوعي أصبح ظاهرة وحقيقة واقعية سواء رضينا به أم لا وأصبح فاعلاً على الساحة السياسية لأمتنا وبالتحديد في إقليم كردستان العراق ولا ينكر بأنه أصبح منافساً قوياً للعديد من الأحزاب السياسية الكلدانية السريانية الآشورية وحتى العتيدة منها كالحركة الديمقراطية الآشورية، لا بل ويفوز على أحزاب أخرى التي تأسست منذ زمن طويل كالحزب الوطني الآشوري وحليفه في الإنتخابات منظمة كلدو آشور التابعة للحزب الشيوعي العراقي وحزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني وحلفاؤه. لذا هذا الواقع يدعونا إلى أن نتناول هذا المجلس بنوع من الموضوعية بعيداً عن الحزبية وضيق الأفق وبعيدا أكثر عن المجاملة والمديح.

ولادة حزب جديد:
ضمن نفس السياق الذي أوردته أعلاه، أقول بأنني لا أدري هل أهنئ شعبنا بميلاد حزب جديد، وهو حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري, سيشار إليه فيما بـ "حزب المجلس" أو أن أعزيه على هذا التكاثر الأميبي لأحزابنا السياسية وتحديدا الجديدة المولد والتي لم نرى منهم سوى "القيل والقال" والكلام الفارغ وهم غير قادرون على توفير الإيجار الشهري للسكن الذي أتخذ مقراً لهم فيما إذا كان فعلاً لهم مقراً لحزبهم. منذ فترة طويلة قلنا ونستمر في القول بأن حزباً واحداً مهما كانت قوته لا يمكن أن يعبر عن مصالح الأمة كلها. فالمنطق والضرورة والواقع والتجارب كلها تثبت إثباتاً قاطعاً بأنه بدون وجود أحزاب سياسية متعددة ومتنافسة لايمكن أن تتحق الديموقراطية والتي من خلالها يمكن الوصول إلى العتبة التي ينطلق منها مسار تحقيق مصالح الأمة. فالأمة التي لا توجد فيها أحزاب سياسية فاعلة ونشطة ستكون إرادتها السياسية القومية مرهونة بإرادة الأمم الأخرى. ولكن ليس المقصود هنا بتعدد الأحزاب كثرتها وبشكل لا يتناسب مع حجم الأمة وعدد أفرادها وسعة طموحاتهم القومية السياسية. فالمقصود بالأحزاب الفاعلة والنشطة هو أن تتواجد على أرض الواقع لا على الأوراق وأن تعمل وبشكل يومي ودائم وليس تسطير بعض السطور على المواقع الألكترونية أو الظهور في وقت الإنتخابات فقط ومن ثم بإنتهاء الإنتخابات تختفي عن الإنظار والأسماع. فالذي لا يستطيع أن يصدر صحيفة أو نشرة ولو بصفحتين أو ينشر بياناً أن لم نقل يملك قناة تلفزيونية أو موقعاً ألكترونياً فهذا لايمكن أن يسمى حزباً بالمفهوم السياسي العلمي ولا يمكن أن يكون فاعلاً. فكم من المجموعات التي تدعي بأنها أحزاباً وتملك مثل هذه المقومات لكي تشرعن حالها ونسمح لأنفسها أن نسميها أحزابا؟ لاشك فيه بأن هناك مجموعات تطلق على نفسها حزباً أو تمثل أو تمارس دور الأحزاب السياسية لكن في الحقيقة والواقع ليست كذلك وهناك أيضاً مجموعات أخرى لا تدعي بأنها أحزاب سياسية ولكن في الحقيقة والواقع نرى بأنها تمارس عملاً سياسياً حزبياً وبالتالي تكتسب صفة الحزب السياسي ومن هذه المجموعات نذكر حصراً مجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، موضوع بحثنا. فمشاركة هذا المجلس وبقائمة منفردة وفوزه في الإنتخابات يؤكد ولادته الحزبية وأستطيع أن أضيفه إلى قائمة الأحزاب السياسية السائدة في مجتمعنا.

المجلس الشعبي ومقومات الحزب السياسي:
يحق لنا أن نطلق على هذا المجلس بالحزب والأسباب التي تجيز لنا نعته بهذه الصفة تقوم على المقومات التي يمكلها والمطابقة لأي حزب سياسي بالمعنى العلمي. فأي مجموعة بشرية لها (1) أفكار أو مبادئ، أي الأيديولوجيا، و(2) مجموعة أفراد مؤمنة بهذه الأفكار، أي العضوية، و(3) التنظيم أو النظام الداخلي أو القانون الإساسي، أي الهيكلية و(4) وهو الأهم، السعي للوصول إلى السلطة أو مراكز من السلطة لغرض تحقيق الأهداف وتطبيق الإفكار والايديولوجيا. فمن الواضح بأن الكثير من التنظيمات البشرية، كالنقابات وجمعيات حقوق الإنسان والإتحادات الثقافية والعلمية وغيرها، لها المقومات الثلاثة الأولى ولكن لا ينطبق عليها صفة الحزب السياسي لأنها لا تسعى نحو الوصول إلى السلطة لتحقيق أهدافها بل تحاول سواء عن طريق الأحزاب التي تنتمي إليها أو عن طريق التأثير على الأحزاب السياسية الفاعلة أو على الحكومة أو على أعضاء البرلمان لتحقيق أهدافها، وهي المنظمات التي تعرف بـ (الجماعات الضاغطة) أو (جماعات اللوبي) والتي يكثر منها في المجتمعات الديمقراطية التي وصلت إلى أرقى أشكال التنظيم السياسي. فمن خلال تميزها الواضح بين الأحزاب السياسية والجماعات الضاغطة ودور كل منهما في العملية السياسية وصلت هذه المجتمعات إلى هذا المستوى الراقي من النظام السياسي.

وعلى هذا الأساس نؤكد القول بأن المجلس هو حزب سياسي طالما له عضوية لمجموعة بشرية وأفكار ومبادئ وتنظيم أو نظام داخلي أي هيكلية و.. و .. وسعيه للوصول إلى السلطة، لابل فوز مرشحيه بمقاعد في السلطة التشريعية ولربما غدا سيحصل أحد مرشحيه أو أكثر على حقائب وزارية. والحال لا يختلف كثيراً بالنسبة للكيانات الأصغر من المجلس، فعلى الرغم من إنها لا تدعي بأنها أحزاب سياسية وربما ليس في نظامها الداخلي ولا في أفكارها أو مبادءها أية أفكار قومية سياسية ولا كان في نوايا مؤسسيها مثل هذه الأفكار السياسية القومية إلا إنها تصرفت كحزب سياسي عندما سعت إلى الوصول إلى السلطة عن طريق إقحام نفسها في العملية الإنتخابية بشكل مباشر ومستقل. هكذا "ضيعوا المشيتين" ولم يعد أن يعرفوا فيما إذا كانوا أندية إجتماعية أو كيانات ثقافية او أخويات كنسية أم أحزاب سياسية وبالتالي خرجوا من الإنتخابات صفر اليدين. حال المجلس التناقضية لا يختلف عن هؤلاء لا بل يعكس صورة أكثر تناقضاً. فهو الذي كان من المفترض أن يكون "مظلة" للعدد الأكبر من التنظيمات المختلفة والأحزاب السياسية لشعبنا نرى بأنه تحول فعلاً إلى حزب سياسي بكل معنى الكلمة وحقق "إنجازات" على أرض الواقع وخلال فترة عمره القصير الذي لا يزيد عن سنتين ونيف وتصرف بشكل مستقل في عملية سياسية "إنتخابات برلمان إقليم كردستان" عن الأعضاء الذين كانوا تحت "مظلته" وتركوه وفضلوا هطول الأمطار على رؤوسهم على حماية "المظلة" لهم وبالتالي وضعوا أنفسهم في موقف محرج لا يعرفون كيفية الخروج منه غير أن يكثروا من تبريرات إنخراطهم في السياسة وفشلهم في الحصول إن لم نقل على "كرسي" في البرلمان الكردستاني بل على أصوات معقولة من أبناء شعبنا تعزز مكانتهم في المجتمع، مكان يتناسب مع أصواتهم العالية ومطالبهم المعلنة. لا أريد الإطالة في هذه الكيانات لأن نتائج الإنتخابات الكردستانية كشفت الحقيقة ولم يبقى سوى أن يتعض أصحاب هذه الكيانات منها وأن يستفيدوا من دروسها وأن لا يكثروا التبريرات غير المعقولة والتي ربما هم في قرار أنفسهم غير مقبولة، ولكن أريد الاستفاضة في حزب المجلس الفتي من حيث مولده وكيفية تحقيق "الإنجازات" على أرض الواقع أكثر مما يستطيع أي حزب عتيد من تحقيقها.

حزب المجلس و"الإنجازات التاريخية":
يصف الكثير إنجازات المجلس التي حققها على أرض الواقع خاصة إعادة بناء وتعمير قرى أبناء شعبنا في إقليم كردستان العراق بـ "التاريخية"، سواء من أعضاءه أو المتعاطفين معه أو من الذين إستفادوا من "كرمه" أو كرم عراب الملجس السيد سركيس أغاجان. ونحن لضروريات البحث الموضوعي، نقتبس مجازاً هذه الصفة "التاريخية" منهم لمعرفة جوهر هذه الإنجازت التي أكتسب صفتها التاريخية من خلال كونها لأول مرة تحدث في مجتمعنا. وهنا أود التركيز على "إنجاز" له مدلولات سياسية قومية وهو مؤتمر عنكاوة التي تمخض عنه تأسيس المجلس وتفرغ الكوادر للعمل فيه وبالتالي تحقيق الإنجازات الظاهرة للعيان.

للحقيقة التاريخية نقول بأنه من حيث الشكل والنظرية يعتبر مؤتمر عنكاوه الذي أنعقد قبل سنتين ونيف في بلدة عنكاوه حدثاً تاريخياً في تاريخ الكلدان السريان الآشوريين. فلأول مرة يمكن جمع مايقارب 1200 شخص في إجتماع كبير صرف له أموال طائلة وكرست له إمكانيات كبيرة لإيواء وإدارة المدعوين لهذا المؤتمر من داخل الوطن وخارجه. في كثير من الجلسات مع الأصدقاء والذي يكون موضوع الوحدة القومية لأحزابنا السياسية أو الإتحاد بينهم، تحدث نقاشات طويلة ومعظمها غير مثمرة وكثيرا ما أختم حديثي معهم بالجزم في صعوبة ربما إستحالة مثل هذه الوحدة. ولسهول الفهم كنت أطرح لهم المثال التالي: لو دعيت جميع الأحزاب والمنظمات القومية لشعبنا لعقد مؤتمر في الوطن أو في أي بلد من بلدان المهجر لمناقشة إمكانية وحدة الخطاب السياسي والإتفاق على الحد الأدني في مصلحة الأمة أوتحقيق الوحدة أو الإتحاد، طبعاً هذه أفكار نبيلة أعتقد الكل يتفق معي بأن جميع الأحزاب والمنظمات القومية تدعوا إليها وسوف تلبي الدعوة من حيث المبداً والإندفاع المحموم ولكن عندما يطرح موضوع من يتحمل مصاريف تذاكر السفر والإقامة و"خرجيات" الجيب تبدأ الأمور تأخذ منحناً جدياً ومصيرياً في تقرير الحضور للمؤتمر من عدمه فتزيح هذه المصاريف الأفكار النبيلة القومية جانباً ولم يعد لها أهمية في حضور مثل هذا المؤتمر. فإذا كان صاحب الدعوة يتحمل كافة المصاريف أو معظمها سنرى بأن معظم الأحزاب والمنظمات القومية المدعوة، إن لم نبالغ ونقول جميعها، تهرع لحضور المؤتمر ما لم يكن هناك مانع أمني كعدم الحصول على فيزا وما شاكل ذلك أو الخوف من السفر إلى بلدان غير آمنه، عراق مثلاً أو إيران، ولكن إذا كان المدعوهو الذي سيتحمل هذه المصاريف فأحزروا كم من الأحزاب السياسية والمنظمات القومية سوف تحضر؟؟؟. هذه ليست حزورة ولكن الحقيقة هي أنه إذا كان التشاؤم يسيطر كلياً علينا نقول لا أحد وفي أحسن الأحوال نقول بأنه من بين العدد الكبير لهذه الأحزاب والمنظمات المدعوة لا يحضرها إلا عدد قليل جداً. وإذا كنا متفائلين بحضور هذا العدد القليل جداً وبحثنا في مسألة تمويل الوفد الحاضر سنرى بأن العامل الحاسم في تقرير حضور هذا العدد لهذا المؤتمر كان المال ومدى توفره أو الحصول عليه.

في الماضي وقبل مائة سنة تقريباً قال لينين: "قل لي من يمولك سأقول من أنت" هذه المقولة التي قالها تعبر عن الملامح العبقرية للينين في فهمه لعالم السياسة واللاعبين السياسين الحقيقيين فيه. فإذا كان التمويل يأتي إليك من جهة (أ) فأنت بكل بساطة تمثل جهة (أ) أو شكل من أشكاله أو أداة من أدواته. هذه حقيقة ثابتة ومعروفة في عالم السياسة أن لم تكن في حياتنا الإعتيادية. من المؤسف أن أذكر بأنه نحن أبناء هذه الأمة "الفقيرة" نخجل من التطرق للأمور المالية ودورها في المسألة القومية وتنظيماتنا القومية والسياسية. فعندما نعجز عن توفير تذكر سفر أو مصاريف إقامة أو حتى أخذ بضعة أيام إجازة من العمل والسفر لحضور مؤتمر قومي (بالمناسبة معظم مؤتمراتنا تنعقد في عطلة نهاية الأسبوع) نبرر غيابنا عن هذا المؤتمر بحجج مزعومة ونستحي أن نقول بأننا لم نستطيع توفير المصاريف اللازمة لحضور مثل هذا المؤتمر. كنا في السابق نرى في بعض من أبناء شعبنا من إيران وأقصد القوميين منهم والمهتمين بالشؤون القومية حالة شاذة ومادة دسمة للنكتة والنقد السمج عندما كان هؤلاء يدعون لحضور مؤتمر سواء أكان سياسي قومي أم ثقافي لغوي وأول سؤال كانوا يسألونه قبل تلبية الدعوة أو رفضها هو "من سيدفع تكاليف السفر والإقامة"؟؟ واليوم مثل هذه الحالة مسألة طبيعية فيما إذا كنا فعلاً نرغب في العمل السياسي المستديم والناجح.

فوفق هذه البديهية المنطقية يفرض السؤال نفسه وبقوة ليقول من مول مؤتمر عنكاوة ووفر كل الإمكانيات المالية والإدارية والتنظيمية لكي ينجح وينجب مجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ويستمر هذا الإخير في مسيرته الإنجازية وينافس أعتى الأحزاب والمنظمات القومية في مجتمعنا لا بل ويصبح في طليعتهم فيعيد بناء القرى وينشأ محطة تلفزيون فضائية تعتبر بالمقايس التقنية من أرقى المحطات ليس على المستوي القومي لمجتمعنا بل على المستوى العراقي أيضا ونحن نعرف جيداً بأن الحاضرين لمؤتمر عنكاوة والمتولين على أمر هذا المجلس الشعبي هم ليسوا من أصحاب الملايين لا بل أغلبهم كانوا مستجدين في العمل السياسي والقومي أو من المتقاعدين من الأحزاب الأخرى إن لم نقل من المناهضين للعمل القومي أو المستهزئين منه في السنوات التي سبقت تأسيس المجلس. أتذكر بهذا الصدد بأن الحركة الديمقراطية الآشورية تحفظت ولم تحضر مؤتمر عنكاوة وأسباب تحفضها كانت قد أستندت على ضرورة معرفة الجهة الممولة للمؤتمر ومدى إستقلالية قراراته. لا لوم على زوعا أن يثير مثل هذه التساؤلات وهو صاحب تجربة سياسية غنية لكي يعرف طبيعة المؤتمر الذي كان مزمعاً عقده في عنكاوة ومع من يجلس ويتعامل في مسألة قومية حساسة تتعلق بوحدة الأمة وتنظيماتها المختلفة، والحال لا يختلف كثيراً عن الأحزاب السياسية الأخرى التي ترددت كثيرا وتأخرت لحين إنضمامها إلى المجلس.

يقول البعض بأن الأموال تمطر على المجلس من جهات خارجية ملتزمة بالحفاظ على المكونات القومية المختلفة في العراق والآخر يقول بأن هذه الأموال أرسلها مستر بول بريمر وبملايين الدولارات "كاش" في صناديق إلى الحكومة الإقليمية الكردستانية لتخصيصها للشعب الكلداني السرياني الآشوري وهي حلال عليه. وجهات أخرى تقول بأنها من "كرم" الحكومة الكردية على "المسيحيين" والتخصيصات الخاصة لهم. ولكن مهما كان مصدر هذه الملايين ورغم الإختلاف أو تنوع مصدرها إلا إن الحقيقة الناصعة هي أنها تأتي عن طريق الحكومة الكردية وتحديداً عن طريق الحزب الديمقراطي الكردستاني وعبر قنوات السيد سركيس أغاجان الوزير المالي السابق والعضو الموثوق به في البارتي. من هنا نقول طالما البارتي هو الذي يمول المجلس أو تمر أوتخصص الأموال عبره فإذن أن هذا المجلس إما هو قسم أو جزء من البارتي أو هو أداة من أدواته في التعامل مع المسألة القومية لشعبنا.

لقد سبق وذكرنا بأن الحزب السياسي يسعى للوصول إلى السلطة السياسية أو إلى مراكز منها لكي يحقق الأهداف التي يؤمن بها لأنه لايمكن أن يحقق أي هدف قومي أو وطني على أرض الواقع إذا كان حزباً سرياً بعيداً عن السلطة ويلجاً إلى ما يعرف في بلدان العالم الثالث بـ "النضال السلبي". في حين نرى بأن المجلس الشعبي قد حقق إنجازات كبيرة تعتبر جزء مهم من أهدافه قبل أن يصل إلى السلطة أو إلى أي مركز من مراكز السلطة. فعلى سبيل المثال كانت الحركة الديمقراطية الآشورية أول تنظيم سياسي لأمتنا في تاريخها يشارك في السلطتين التشريعية والتنفيذية وأقصد في إقليم كردستان العراق قبل سقوط النظام البعثي في العراق وإستطاع أن يحقق إنجازات توجها بالتعليم السرياني والمشاركة في تأسيس المدارس السريانية ونشر الوعي القومي السياسي من خلال وسائل أعلامه العلنية ولم يكن بالإمكان إطلاقا تحقيق مثل هذه الإنجازات وهو بعيد عن السلطة. واليوم غير الأمس فإن فتور علاقة زوعا مع الحكومة الكردستانية وتحديداً مع البارتي وتقلص مشاركته في السلطة حتما ينعكس على تقلص دوره في تحقيق الإنجازات لأبناء أمتنا خاصة بعد ظهور حزب المجلس كمنافس جدي لزوعا. من هنا نتسائل كيف استطاع حزب المجلس تحقيق مثل هذه الإنجازات وهو لم يكن في السلطة ويشذ عن نظرية الأحزاب المعروفة في علم السياسة والتي أشرنا إليها سابقا؟ فالجواب لا يمكن أن يكون ولا يمكن أن يصحح هذا الشذوذ إلا بالتأكيد في كونه جزء من البارتي أو أداة من أدواته الذي يتحكم في النظام السياسي في كردستان العراق. ثم ما العيب فيما إذا كان حزب من أحزاب أمتنا جزء من البارتي أو أداة من أدواته في التعامل مع أبناء الأمة الكلدانية السريانية الآشورية ويحقق منافع جمة لهم لا بل والكثير من أهدافهم وفي مقدمتها مطالبة الحكم الذاتي وشرعنته والعمل على إخراجه إلى النور؟

الكورد والتعامل مع المسألة القومية للكدان السريان الآشوريين:
هذا موضوع طويل وعميق ويتطلب بحد ذاته بحثاً مستقلاً ولكن نحاول هنا أن نبين الجوانب التي لها علاقة بموضوعنا هذا. قلنا في السابق ونكرر القول الآن ونستمر في القول بأن للكورد كامل الحق في أن يكون لهم دولة كردية مستقلة فهذا حق مطلق لا يمكن أن ينكره الإ المستبدين لا بحق الكورد فقط بل بحق الإنسانية جمعاء. فإذا كانت الظروف الحالية لا تسمح بإخراج مثل هذا الحق الطبيعي إلى النور والواقع العملي فأن هذا لا ينكر ولا يقلل من شأن بقاء هذا الحق حياً فاعلاً لحين أن ينضج الواقع ويولد هذا الحق المطلق الدولة كردية. وضلال هذا الحق المطلق تمتد بحكم التاريخ والجغرافية إلى الكدان السريان الآشوريين ويمنحهم نفس الحق ولكن بحكم الديموغرافيا والظروف المحلية والإقليمية، وبالأخص الدينية والثقافية منها، يصبح هذا الحق الكلداني السرياني الآشوري محدوداً بطبيعتهم الديمواغرافية والثقافية والدينية. أي بعبارة اخرى، بالرغم من إختلاف الحق القومي المطلق بين الكورد والكلدان السريان الآشوريين إلا أن هذا الإختلاف يبقى دائماً في الكم وليس في النوع. أي بعبارة أدق أن الحقين مرتبطان مع بعضهما ويتفاعلان معاً ولا يمكن أن ينفصلان. فلا إستقرار وحياة هانئة للكورد ما لم يكن إستقرار وحياة هانئة للكدان السريان الآشوريين والعكس صحيح أيضاً. فهذا الترابط الجدلي بين الحقين يستوجب أن يكون مستوعباً ومدركاً ومبرمجاً للطرفين وبالأخص للكورد لأنهم هم القابضين على السلطة وصناع القرار السياسي الرئيسي. كما على القوى السياسية للكدان السريان الآشوريين أن يدركوا هذه الحقيقة ويعملوا وفقها وإلا فمن المستحسن يلموا "جوالاتهم" ويلجؤا إلى إحدى بلدان المهجر ومن هناك يغنون موالاتهم وعلى كيفهم.

السؤال المحير هو لماذا لجأ الكورد إلى تأسيس المجلس الشعبي للشعب الكلداني السرياني الآشوري وخلق تنظيم آخر شعبي في شكله وحجمه أكثر مما كان سياسي خاصة بأن المؤسسين لهذا المجلس لم يكن لهم خبرة سابقة في العمل السياسي والقومي في الوقت الذي كانت تعج الساحة بأحزاب آشورية كلدانية بعضها ناشطة على هذه الساحة ولها علاقات وتجارب مع الكورد وبالأخص مع البارتي كزوعا والحزب الوطني الآشوري وحزب بيت نهرين الديمقراطي وحزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني خاصة أن بعض مؤسسي وقيادي هذه الأحزاب هم أما كوادر في البارتي أم مقربين إليه. قد يكون الجواب في رغبة الكورد الصادقة والحقيقية في خلق "مظلة" للجميع ولم شملهم في تنظيم جامع ليكون سهل التعامل معه ويصبح قناة واحدة لتوزيع "المكارم" وتحقيق الإنجازات لأبناء شعبنا بشكل أكثر عملية ومنطقية. وقد يكون الجواب أيضا في إيجاد تنظيم يكون من خلفة السيد سركيس أغاجان رجل البارتي الموثوق به لطرحه كرمز من الرموز الكلدانية السريانية الآشورية المرتبطة بالقيادة الكردية لبيان مدى أهمية مثل هذا الإرتباط وكشرط لخدمة الكلدان السريان الآشوريين. وهنا يجب أن لا ننسى أيضاً رغبة الكرد في خلق مثل هذا التنظيم الشعبي الذي دعي إليه مختلف الشخصيات الكلدانية السريانية الآشورية من داخل الوطن وخارجه ولأسباب دعائية تظهر من خلاله أهتمامها بمسألة الأقليات وبالأخص المسيحية منها وحمايتهم في المنطقة الكردية. وإذا كنا أكثر تأثير بـ "نظرية المؤامرة"، فلربما يكون غرض الكورد من خلق المجلس الشعبي هو نكاية بالأحزاب الآشورية الكلدانية خاصة الفاعلة منها على الساحة السياسية والتي تملك قرارها المستقل ويصعب تطويعها ضمن السياسة الكوردية تجاه الأقليات. ولعل تبني المجلس الشعبي للتسمية المركبة للكدان السريان الآشوريين ومطالبتة بالحقوق القومية التي طالبت بها سابقا الأحزاب الآشورية الكلدانية وتحفظ الكورد في السابق تجاها أو عارضوها ضمناً وقبل ولادة المجلس الشعبي، يأتي ضمن نفس السياق ووفق منهج سحب البساط من تحت أقدام هذه الأحزاب وتقليص شعبيتهم وعن طريق إغداق الأموال على المجلس الشعبي وتوفير له كل الإمكانيات لتحقيق مثل هذه الأهداف القومية، وهي الأهداف التي تحقق بعضها في هذه المرحلة التي يلعب المال دوراً أساسياً في توجيه الجماهير وكسب تأييدهم خاصة عندما يكرس مثل هذا المال في تحقيق المنافع الشخصية وفي الإعلام الموجه.

أن معادلة العلاقة الجدلية بين حق الكورد القومي وحق الكلدان السريان الآشوريين يجب أن تبقى متوازنة وليس من السهل أن تبقى هكذا وتستمر خاصة عندما يكون هناك فرقاً شاسعاً بين طرفي المعادلة من النواحي الديموغرافية والثقافية والحضارية. ولكن مهما كان هذا الإختلاف فأن توازن هذه المعادلة الحقوقية ليس بالأمر المستحيل فيما إذا تعامل طرفي المعادلة بنوع من الواقعية التي تتطلبها السياسة الناجحة وأن يقبل كل طرف الطرف الآخر بعقلية قائمة على قبول الإختلاف كمنهجاً فكرياً وسياسياً وليس على الرفض السافر أو المستتر بكلام معسول أو المغطي بأموال مكرسة لتحقيق مصالح شخصية معينة وفي المحصلة النهائية تنصب الكارثة على الطرف الضعيف من المعادلة الحقوقية. فلو أخذنا موضوع الحكم الذاتي للكلدان السريان الآشوريين في مناطق تواجدهم الذي يعتبر من أرقى أشكال الحق القومي الذي سيحقق تطبيقه توزناً ممتازاً في المعادلة الحقوقية بين الكورد والكلدان السريان الآشوريين، نرى بأن دعم الكورد لهذا الحق ودفع المجلس الشعبي في مقدمة المطالبة يكتنفه نوع من الغموض الذي يثير الكثير من الشكوك في نواياه الكورد تجاه هذا الحق الطبيعي. فهناك في إقليم كردستان وقائع جغرافية وديموغرافية في مناطق معينة قابلة لتطبيق جانب من جوانب الحكم الذاتي فيما إذا توفرت الإرادة السياسية الحقيقية والمؤمنة بالحكم الذاتي. ومن الممكن أن تكون هذه المناطق منطلقاً أولياً وتجربة مطلوبة لتطبيق الحكم الذاتي في المناطق الأخرى خاصة في سهل نينوى الذي تتحكم فيه إرادات سياسية متصارعة بين الكورد والعرب من أجل الهيمنة على قرى وقصبات هذا السهل وبالنتيجة يكون الكلدان السريان الآشوريين وقوداً لهذه الإرادات المتصارعة والخاسر الأول فيها. وما التهجير الإجرامي بحق المسيحيين من مدينة الموصول وإغتصاب الأراضي في بعض القرى وتخصيصها للعرب إلا مثال على ذلك. لهذا نقول بأن المطالبة بالممكن تحقيقه خير من المطالبة بغير الممكن، أي بعبارة أخرى، المطالبة بأهداف قصيرة الآجل من حيث تطبقيها تسبق دائماً وأبداً المطالبة بأهداف بعيدة الآجل.

المعادلة الحقوقية بين الكورد والكلدان السريان الآشوريين:
أنه من مصلحة الكورد القومية الكاملة، مثلما هي مصلحة الكلدان السريان الآشوريين أن يتحقق توزان في المعادلة الحقوقية بين الطرفين. من هنا يجب أولاً على القوى السياسية الفاعلة للكلدان السريان الآشوريين أن يدركوا وبعمق بأنه لا "راحة بال" لهم ما لم يتم التعامل السياسي الناضج والمنطقي مع الكورد. فالتاريخ والجغرافيا وقائع تتحكم بشكل فعال في العلاقة مع الكورد لذلك لا يمكن تجاهلهما إطلاقاً. والأكثر من هذا، فعلى الكورد وأحزابهم الفاعلة مسؤوليات أكبر باعتبارهم الفاعل الرئيسي وصانعي القرار على الساحة السياسية. فالكورد يعرفون حقائق وخفايا تنظيمات الكلدان السريان الآشوريين أكثر من غيرهم ويدركون جلً إدراك جوانب القوة والضعف فيهم. لا بل بشكل أدق يعرفون شعبية كل واحد منهم ومدى قوته السياسية وعمقه الفكري وتنظيمه الحزبي أيضا. من هذا المنطلق كان يجب على الكورد وتحديداً البارتي أن يتعامل مع هذ الحقيقة لا أن يلجأ إلى خلق "حقيقة" أخرى تخل بالتوازن المنطقي والعادل في المعادلة الحقوقية بين الطرفين. أي بعبارة أخرى كان يجب أن لا يلجأ إلى تأسيس المجلس الشعبي الكداني السرياني الآشوري ويتجاهل بشكل مباشر التنظيمات الكلدانية السريانية الآشورية الفاعلة على الساحة السياسية والقومية. فكان الأجدر بالكورد دعوة مثل هذه التنظيمات أو المساهمة في دعوتهم أو مساعدتهم في تشكيل تنظيم فيدرالي أو إتحاد كونفدرالي بينهم ومن خلاله كان على الكورد أن يتعامل مع الشعب الكلداني السرياني الآشوري باعتبار هذا الإتحاد أو التنظيم الفدرالي طليعة سياسية ممثلة لهذا الشعب لا أن يخلق تنظيم أو يساند أو يمول تنظيم يعمل له أكثر مما يعمل معه. وهنا يجب أن نفرق بين بين يعمل "لـ " وبين من يعمل "مع". فالكدان السريان الآشوريين يفترض عليهم أن يعملوا مع الكورد ضمن المعادلة الحقوقية المتوازنة الآنفة الذكر لا أن يعملوا للكورد ضمن معادلة حقوقية مختلة تضر أولاً بالكلدان السريان الآشوريين وبالنتيجة والحتم تضر أيضا الكورد. من هنا نؤكد القول بضرورة تعديل ميزان المعادلة الحقوقية بين الطرفين وأن يباشر الكورد في إزالة إختلال ميزان المعادلة الحقوقية وأن تضع الأوزان الحقيقية في كفة الطرف الكلداني السرياني الآشوري لكي يتحقق العدل والإنصاف ثم السلام والاستقرار والإزدهار في المنطقة.

ولكن السؤال يطرح نفسه بقوة وبوضوح جسور: هل فعلاً إن الأحزاب والقوى السياسية الكلدانية السريانية الآشورية تدرك هذه الحقيقة؟؟ وهل هي فكرياً وسياسياً مستعدة للدخول في هذه المعادلة ومن ثم تعديلها؟؟؟ وهل الكورد مستعدون لقبولهم كطرف في ميزان المعادلة الحقوقية؟؟؟ هذه كلها أسئلة لا يمكن الإجابة عليها بشكل موضوعي طالما لا نملك معلومات كافة تصلح لتكون مدخل للأجوبة. ولكن هذه الأسئلة تطرح سؤالاً آخر وهو: ألم تدعو اللجنة التحضيرية لمؤتمر عنكاوة الأحزاب الكلدانية الآشورية كالحركة الديمقراطية الآشورية والحزب الوطني الآشوري وحزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني وغيرهم ولم يحضروا للمؤتمر كما لم ينضموا إلى المجلس الشعبي وإن أنضم عدد منهم فإن إنضمامهم كان متردداً ومتأخراً وما ترشيح مرشحي هذه الأحزاب للبرلمان الكردستاني بشكل مستقل إلا تأكيد على كونهم خارج المجلس الشعبي أكثر من كونهم في داخله. واليوم يحاول المجلس الشعبي أن يفتح قنوات جديدة مع هذه الأحزاب لإيجاد مسلك يؤدي إلى فتح "المظلة" أكثر سعة لتتسع للجميع وتنضوي تحت ضلالها أكبر عدد ممكن من تنظيمات شعبنا ولكن هل فعلا المجلس الشعبي مؤهل لهذا العمل وهل فعلا ستتسع مظلته لكي تضلل الكبار والصغار معاً؟؟

المجلس الشعبي وعقدة المظلة:
يقال بأن الجاهل هو من يتعثر بنفس الحجر مرتين. والأمة أيضا التي لا تقراً التاريخ ولا تتعض من تجاربه ودروسه هي أمة متخلفة من حيث الوعي القومي السياسي. فكم من أحزابنا ومنظماتنا السياسية والقومية درست التاريخ القومي وأمعنت بشكل جدي في التنظيمات السابقة وعرفت أسباب فشلها أو أخفاقها أو نجاحها ومن ثم إستفادت منها؟ واقصد هنا التنظيمات الممكنة تسميتها بـ "الفدرالية"، أي التي تنتمي إليها منظمات أو أحزاب سياسية وتحافظ في نفس الوقت على كياناتها وعضويتها الداخلية وأفكارها وماليتها والخطوط العريضة لسياساتها، وهي المنظمات التي تعنينا في هذا الموضوع والقريبة الشبه بالمجلس الشعبي. لا أدري إذا كان مؤسسو المجلس الشعبي قد سمعوا عن الإتحاد الآشوري العالمي أو عرفوا أو أمعنوا في مرحلة تأسيسه ومراحل مسيرته والإخفاقات والنجاحات التي حققها؟ فالسطور التالية تكشف الجواب عن هذه الأسئلة.

هناك في تاريخنا القومي الحديث عدد من مثل هذه التنظيمات الفدرالية معظمها أصيبت بعقدة المظلة وفشلت في البقاء فترة طويلة أو في أحس الأحوال بقيت أسم بلا جسم أو جلً ما يقال عنها بأنها شبه ميتة. ولعل الإتحاد الآشوري العالمي والمعروف بـ ((AUA خير مثال واضح وجلي نستفيد منه في المقارنة مع المجلس الشعبي في فهم عقد المظلة وما يترتب على ذلك من نجاحات وإخفاقات. لقد سبق وأن بيناه في مقال سابق مثل هذه المقارنة ولكن هنا أود أن أشير إلى نقطة مهمة مشتركة بينهما، وهي إصابتهم بعقدة المظلة.. ما الذي أقصده بعقدة المظلة والذي ربما هو مفهوم جديد للقارئ الكريم ويستوجب شرحاً وجيزاً ومختصرا كمدخل لموضوعنا هذا؟. عندما تصاب الأمة بنكبات وفواجع وتشرد وفقدان الكيان السياسي الرئيسي وتحديداً الدولة وما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية أو إيجابية على مستوى الوعي القومي السياسي لأبناء الأمة فإن كل هذا يخلق نوع من رد فعل ينعكس في عقلية ووعي نخبة معينة من أبناء الأمة. وبسبب كون تناقضات المجتمع سياسية وإجتماعية وإقتصادية وغيرها كثيرة، وبسبب كون إمكانيات الأمة محدودة وضعف أو فشل التنظيمات القائمة في معالجة كل حالة على حده وإنعدام أو ضعف التنسيق فيما بينهم فإن هذا ينعكس في سلوك النخبة وفي محاولة لتأطير كل هذا الواقع المأساوي للأمة في إطار واحد وبهدف التنسيق بين تنيظمات هذا الواقع وتحقيق الصالح العام.

أن إنشاء مثل هذا الإطار التنظيمي لمعظم تنظيمات وأحزاب الأمة هو أمر نبيل وصحيح ولكن بسبب قوة التناقضات والمأساة التي أصيبت الأمة بها وتشتت أساليب وافكار التعامل مع هذه التناقضات يخلق نوع من رد فعل قوي ونهم لدى النخبة فتحاول أن تلمل وتجمع كل هذه التناقضات في إطار واحد وهو الذي يعرف بـ "المظلة" من دون إي أعتبار لطبيعة كل تناقض من تناقضات المجتمع أو نوعية الكيان المطلوب منه الإحتماء تحت هذه المظلة. أن هذا الأمر يشبه كثيرا حالة شخص جائع جداً وتعرض عليه أشهى أنواع الأطعمة ويبدأ الأكل بشراسة وبكميات كبيرة من كل هذه الإنواع من الأطعمة من دون إعتبار لصحته وقابلية معدته على هضم كل هذه الإنواع من الأطعمة فبالتالي يصاب بسوء هضم وقد يصاب بأمراض أخرى. هكذا الحال مع النخبة المؤسسة للمظلة التي تعمل لبناء مثل هذه المظلة من دون أي إعتبار للأمور السياسية وفصلها عن بقية الأمور الإجتماعية والإقتصادية وسبل التعامل معهم وبالتالي أما يصاب هذا التنظيم المظلي بالشلل أوبفشل تحقيق أهداف أو إنتهاءه من الوجود.

أن السبب الرئيسي للأمراض التي يصيب بها مثل هذا التنظيم الفيدرالي هو جهل أو قلة وعي هذه النخبة بالأمور السياسية والتنظيمية. (1)- العضوية في التنظيم يجب ثم يجب أن تقتصر على المنظمات القومية والأحزاب السياسية ولا مكان لعضوية الأفراد مهما كانت قابليتهم الفكرية والعلمية إلا عن طريق إنتماءهم إلى منظمة او حزب معين. فكان ولا يزال الكثير من الأفراد بحد ذاتهم أعضاء في الإتحاد الآشوري العالم لا بل وفي قيادته أيضا وهم لا يمثلون أي تنظيم أو حزب داخل تحت مظلة الإتحاد، والحال نفسه بالنسبة للمجلس الشعبي. فإلتزام الفرد وفكره وأسلوبه وحقوقه ووجباته غير تلك التي لمنظمة أو حزب معين. (2) عالم السياسة غير العوالم الآخرى الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والدينية وغيرهم. فالسياسة عالم واسع لا حدود له خاصة بالنسبة للقوميات التي ليس لها كيان سياسي (دولة) أو منطقة حكم ذاتي كالقومية الكلدانية السريانية الآشورية فكل شيء، خاصة في بلدان العالم الثالث، هو سياسة... مثلاً العناية بلغة الأم وإحياء التراث وتطوير الفنون وحتى العناية بالعائلة وتربية أفرادها كلها أمور تعزز وترسخ من وجود الأقلية ويحصنها من الذوبان في الأمم الأخرى فهذا هو عين السياسة ولا غيرها. من هذا المنطلق نقول أن التنظيمات القومية السياسية تختلف كلياً عن التنظيمات الأخرى الإجتماعية والثقافية والرياضية... وهي من الأمور الواضحة جداً في المجتمعات الديمقراطية المتطورة من ناحية النظام الحزبي والسياسي. فلا يمكن أن نجد حزب سياسي داخل في تحالف مع نقابة أو نادي إجتماعي أوجمعية ثقافية او يتشاركون في عضوية منظمة معينة من أجل تحقيق هدف سياسي أو قومي بل نرى بأن مثل هذه النقابات والجمعيات تكون تابعة للحزب وبينهما حدود تنظيمية ومالية واضحة لا تخلط بين الإثنين رغم التبعية الواضحة بينهما.

ولما كان موضوع المظلة موضوعاً سياسياً صرفا خاصة بالنسبة للأقليات مثل الكلدان السريان الاشوريين لذلك فإن ظلال المظلة يجب ويجب أن تظلل فقط التنظيمات القومية السياسية ولا غيرها ولا يمكن أن تكون لبقية التنظيمات الإجتماعية والثقافية والرياضية مكان تحت المظلة إلا بشكل غير مباشر وعن طريق الأحزاب التي تنتمي إليها. عندما تأسس الإتحاد الآشوري العالمي دخل في عضويتة أندية إجتماعية ورياضية وثقافية وأحزاب سياسية وأفراد فخلطوا النابل بالحابل، السياسة بالرياضة والثقافة والإجتماع والدين وهكذا أصبح عالم يجمع كل هذه المناحي وما تحمله من تناقضات وإختلاف في الأهداف والمفاهيم. في حين كان يجدر بالإتحاد أن يقبل في عضوية أحزاب سياسية فقط ومن ثم يشكل لجان خاصة تعني بالشؤون الثقافية والرياضية وغيرهما وينسق من خلال هذه اللجان مع التنظيمات الإجتماعية والرياضية والثقافية الأخرى. والحال نفسه أيضاً بالنسبة للمجلس الشعبي حيث يضم في عضويته تنظيمات ثقافية واجتماعية وكيانات مجهرية لا علاقة لهم بالسياسة أو المسائل القومية الحقيقية وعددهم أكثر بكثير من عدد الأحزاب السياسية المنضمة إليه والتي أكتشفت أخيراً بأن مكانها غير مناسب تحت المظلة وإن تردد إنضمامها كان مبرراً وربما تصرفها المستقل في الإنتخابات الكردستانية كانت أيضاً مبررة. (3) – التنظيم الفدرالي المظلي يجب أن يميز بين القيادة والموظفين فيه. فالقيادة تكون بالتناوب بين التنظيمات المنتمية إليه ولفترات معينة. أما الموظفون فيكونون أشخاص حرفيين لا علاقة لهم بهذا التنظيم أو ذاك. نرى بأن في الإتحاد الآشوري العالمي تحول الموظفون إلى قادة وصانعي القرار ولا أعتقد بأنهم ينتمون إلى تنظيمات منضمة إلى الإتحاد لهذا السبب آلت عضوية الإتحاد تقريباً إلى عصبة من الأفراد ولا مكان للتنظيمات المنضوية تحت مظلته. ويظهر بأن المجلس الشعبي سائراً على نفس الدرب، فالمسؤولون عن إدارته هم موظفون وقادة في نفس الوقت ولا أدري فيما إذا كانوا هم ينتمون إلى تنظيمات مظلة المجلس الشعبي وإذا أستمر على نفس المنوال فأن الأمر سيفضي إلى نفس النتيجة ويصبح المجلس قاصراً على نفر من الأفراد.

المستقبل السياسي للمجلس الشعبي:
أن الإتحاد الآشوري العالمي قد تحول فعلاً إلى شبه حزب سياسي وليس حزب سياسي كامل ومع الأسف هو بحكم المنتهي على الساحة القومية لمجتمعنا أو أكثر ما يقال عنه بأنه مصاب بشلل نصفي، فنشاطه مقتصر على بضعة أشخاص من إستراليا في إصدار بيان أو حضور ممثليه لمؤتمر. والمجلس الشعبي أيضا تحول إلى حزب سياسي ... نعم حزب سياسي كامل كما سبق وأن شرحنا في أعلاه. وبغنى عن تبعية المجلس الشعبي للكورد، سواء أكان يعمل معهم أو لهم، فإنني سأخذ المجلس كحقيقة موضوعية من دون اعتيار لمسألة إنتماءه أو تمويله عند البحث عن مستقبله. وبدءاً أقول حتى لا يكون المجلس الشعبي حزباً سياسيا فاشلا أو يصاب بنفس أمراض الإتحاد الآشوري العالمي عليه أن يتخلص من التناقضات التي أغرق نفسه فيها وأن يدرس أخطاء الإتحاد ويتعض منها سواء بالاستفادة منها أو تجنبها.

المجلس أصبح حزباً سياسياً سواء أعلن بذلك أم لا، فالواقع والممارسة تؤكدان ذلك. لذا عليه أن يطوي مظلته ويكشف عن حقيقته الحزبية. وحتى يكون فعلاً حزباً سياسياً نشطاً عليه أن يحل نفسه من عضوية المنظمات والجمعيات والأحزاب المنتمية إليه ويغير هيكليته المظلية إلى نظام داخلي للحزب. أما إذا أصر المجلس على إبقاء مظلته حفاظاً على الإنجازات التي حققها على الأرض والشعبية التي أكتسبها وإيفاءا بإلتزاماته سواء الوطنية أم الكردستانية أم القومية فعليه أن يتجنب أخطاء الإتحاد الآشوري العالمي:
1. أن يقصر العضوية في المجلس على المنظمات والجمعيات والأحزاب دون الأفراد.
2. أن يفرق بين القادة والموظفين في المجلس.
3. والأهم، أن يغير أسلوب تعامله مع الأحزاب السياسية فليكن مدركاً ومعلوماً لا حزب سياسي يقبل أن ينظوي تحت مظلة المجلس بالأسلوب الحالي القائم وكأنه دعوة تبعية للمجلس لا دعوة تحالفية. من غير المنطق أن يدخل في تحالفات مع أحزاب سياسية وإلا تحول هو نفسه إلى حزب سياسي وبالتالي يفقد صفته المظلية، وهذا ما فعله الإتحاد الآشوري العالمي. فإذا كانت النوايا صادقة، ونتمنى أن تكون كذلك، فعلى المجلس أن يحل نفسه وهو بالشكل الحالي وأن يدعو الأحزاب السياسية لتشكيل لجنة تحضيرية من بين أعضاء الأحزاب السياسية لعقد مؤتمر تحالفي لأقامة تحالف أو منظمة مظلية تجمع القوى السياسية فقط تحت ظلها وأن تصبح قيادتها دورية بين الأحزاب الأعضاء. هناك فكرة خلق هيئة أو لجنة سياسية خاصة بالمجلس لغرض التعامل مع الأمور السياسية أو التباحث مع الأحزاب السياسية والتي طبقها الإتحاد الآشوري العالمي قبل أكثر من عقدين وشكل "الذراع السياسي" والذي كان كمناورة لغرض التباحث مع الأحزاب السياسية الآشورية والدخول في تحالفات معهم غير أن سرعان ما أنقطع هذا الذراع وبدأ يتصرف بشكل مستقل حتى أستقر المقام به إلى أن يؤسس منظمة سياسية مستقلة بالتمام والكمال عن الإتحاد لا بل يمارس نشاطاً بعيداً عنه أم لم يكن معارضاً له لذا على المجلس أن يتجنب هذا الخطا.
وأخيرا:
لم يبقى إلا أن اعترف بأنني وضعت نفسي في تناقض بين تبعية المجلس الشعبي للكورد أو للبارتي والعمل له وبين ما طرحته في أعلاه والذي يتطلب إستقلالية في إتخاذ قرار مصيري للمجلس الشعبي الذي صرف له أموال طائلة وجهود كبيرة. ولكن لو أخذنا المعادلة الحقوقية بين الكورد والكلدان السريان الآشوريين والمبينة أعلاه بحسن نية تسعى لتحقيق المصلحة المشتركة بين الطرفين لأختفى مثل هذا التناقض وصحت الأمور على الأقل من حيث النظرية والمنطق. ويجب أيضاً أن ننوه بأن الأمور في الوقت الحالي غير ما كانت وقت تأسيس المجلس والسنتان التي خلت من عمره فلم يعد السيد سركيس أغاخان وزيراً للمالية كما أن رئاسة الوزارة أنتقلت إلى الإتحاد الوطني الكردستاني الذي يظهر بأنه ليس له رؤية أو إستراتيجية واضحة وكاملة عن الأقليات لأن منطقته خالية تقريباً منهم مما قد يؤدي هذا إلى جفاف الينابيع المالية التي كانت تسقي بساتين المجلس الشعبي فعلى القائمين بأمور المجلس أن يفطنوا هذه الحقيقة ويتصرفوا وفقها خدمة لصالح أبناء أمتنا. ويقيناً بأن رجال الدين من مختلف كنائسنا كانوا حذقين في إدراك حقيقة جفاف هذه الينابيع المالية وبالتالي خففوا من مديحهم المنمق وزياراتهم المجاملية للسيد أغاجان أن لم يكن بعضهم قد بدأ بخلق مبررات وحجج لنقده أو الهجوم عليه وعلى مجلسه الشعبي.

من الضروري جداً ونحن لازلنا في الخاتمة أن نوضح ونفرق بين المجلس الشعبي ككيان تنظيمي وبين أعضاءه أو قيادته كأفراد، فالأول له إعتبار معنوي موضوعي والثاني له إعتبار شخصي ذاتي وموضوعنا هذا يتناول الإعتبار الأول ولا يمس الإعتبار الثاني إطلاقاً. فالعقلية الديمقراطية قادرة كل القدرة على الفصل والتمييز بين موضوعي عن الذاتي أو بعبارة أدق بين الحزب أو التنظيم وقيادته وأكثر وضوحاً بين الدولة وحكومتها. وهو عكس العقلية الاستبدادية التي تدمج الدولة في رئيسها ومن ينتقد الدولة في الإنظمة الاستبدادية فالويل له لأنه يتهجم ويهين رئيسها. فهو الدولة نفسها كما كان الحال مع صدام حسين وغيره في بلدان العالم الثالث. ونحن تناولنا هذا الموضوع بشكل منطقي وموضوعي وبحسن نية سواء تجاه المجلس الذي أخذناه بمعزل عن قيادته وأعضاءه والذين للبعض منه صلة صداقة قديمة وقرابة معي ولا شك في حسن نيتهم في السعي نحو العمل القومي. لذلك يستوجب أن نقرأه بعقلية ديمقراطية قادرة على فصل الموضوع عن الذات. وأخيراً أطلب العذر من القراء وموقع عنكاوه على إطالتي في هذا الموضوع وليس ذلك إلا بسبب كونه موضوعاً مهماً في هذه المرحلة خاصة وأن المجلس الشعبي يحضر حاله لعقد مؤتمره الثاني.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sirwanbabylon.phpbb9.com
 
حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
THE CHALDEAN OF IRAQ :: النافذة الالكترونية للباحث الاكاديمي سيروان شابي بهنان :: الرأي الحر-
انتقل الى: