آباؤنا البطاركة أعتقد أنه قد آن الاوان لحل المعضلة:
بقلم سيروان شابي بهنان:
يتعرض أبناء شعبنا المسيحي في العراق الى موجة سوداء من العنف بحيث جعلتهم يعيشون تحت ضروف قاسية ومؤلمة جدا , لابل أصبحت الحياة عندهم لا تطاق وتتنافى مع أبسط قواعد الاخلاق وحقوق الانسان في العالم كله . أن ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاثوري يعيش اليوم تحت موجة عنف لم يشهدها التاريخ من قبل وبهذه الحدة المؤلمة وبخاصة في المدن التالية بغداد والبصرة والموصل أذ يتعرض ابناء شعبنا في هذه المدن الى عملية القتل والترحيل المتعمد يوميا وهذه واقعة خطيرة للغاية تعود بالاذهان المذابح الدموية التي ارتكبها شابور ذو الاكتاف الحاكم الفارسي للعراق في القرن الثالث الميلادي , الا أن هذه المذابح بحق الابرياء من المسيحيين فقد ظلت مستمرة بين الحين والاخر كأن المسيحيين خلقوا ليكونوا مشروع دائم للذبح في العراق فهل يخفي على أحد المذابح التي احدثها جنكيز خان بحق آلاف من المسيحيي العراق والمذابح التي أرتكبت آبان الاحتلال العثماني للعراق والمذابح التي أرتكبت آبان الاحتلال الانكليزي للعراق وها اليوم يتكرر هذا التاريخ الاسود للتتكرر المذابح الدموية بحق ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاثوري لكن في هذه المرة في آبان الاحتلال الامريكي للعراق وفي القرن الواحد والعشرين. أن هذه الضريبة المؤلمة الا وهي ضريبة الدم التي يدفعها المسيحيين الابرياء في العراق من يتحمل خطيئة هؤلاء المساكين الذين يذبحون يوميا من دون أي ذنب في بغداد والبصرة والموصل فقط لكونهم مسييحيين مسالمين وشاهدين الى ربنا يسوع المسيح له المجد في يوم القيامة, يذبحون هؤلاء المساكين ومن دون أية حركة للحكومة المركزية في بغداد ولا ساكن يتحرك لا في الحكومة ولا في البرلمان بدافع جدا واهي ألا وهو أن الارهاب يستهدف الجميع لا بل يحصد الجميع , نعم أن الارهاب يحصد الجميع لكن ما هو مصدر هذا الارهاب وما هو هدفه. لقد صرحت الحكومة المركزية في بداية اعمال العنف في العراق حول الارهاب أذ قالوا أنه الارهاب وانه يستهدف أشعال الحرب الطائفية بين السنة والشيعة في العراق وهدفه جر العراق الى حرب ابادة بشرية تقوده الى الحرق والانقضاء ألا ان هذا الارهاب قد جوبها بوقفة شجاعة من البرلمان العراقي والحكومة العراقية وتم أدانته من قبل كل المرجعيات الدينية في العراق لا بل أضطرت الحكومة الى اتخاذ قرارات شجاعة لتشكيل خطة أمنية لمكافحة الارهاب اي انها تحركت ولم تبقى الحكومة مكتوفة اليدين ولم تتخذ موقف المتفرج . فها الارهاب قد بلغ الى أبناء شعبنا واخذ يذبح الفقراء والمساكين من أبناء هذا الشعب ويدمر كنائسنا. فأذا وجهنا السؤال الى الحكومة المركزية في بغداد ما هو هدف الارهاب والترهيب الذي يتعرض له أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاثوري من قبل السكان المحليين في المدن بغداد والبصرة والموصل ؟ أليس وفق ما يحدث على الارض هو أستهداف مبرمج للقضاء على هذه الشريحة من المجتمع العراقي بالقتل والتهجير المتعمد(نتيجة التهديد بالقتل) الى خارج حدود العراق للاخلاء البلاد من هذا المكون البشري, لا وبل توجه الالاف الى سوريا والاردن ولبنان بحثا عن ملاذ آمن, اما الذين لا حولت ولا قوة لهم فقد أخذوا يتوجهون الى أقليم كردستان العراق.
سؤال يطرح نفسه اين موقف البرلمان العراقي من الارهاب الذي يتعرض له المسيحيين العراق , أين موقف الحكومة العراقية من هذا الارهاب الذي اخذ يحصد ارواح المسيحيين الابرياء يوميا ويعرض البقية الى التهجير القسري. ماذا تنتظر الحكومة المركزية برئاسة الاستاذ نوري المالكي المحترم في بغداد أن يبقى لنا عشرة أو عشرين فرد في بغداد والبصرة والموصل حينها سوف تشرع بأتخاذ القرارات ألا تخشى حينها انه سوف يتعذر على أتخاذ أي قرار لحماية عشرة وعشرين فرد أم ان الحكومة الموقرة هي مع الاخلاء الهاديء لهولاء المساكين من هذه المدن الملتهبة وتحت شماعة الارهاب!. بحق السماء ماذا تنتظرون أذا كان هذا هو هدف الارهاب (القضاء على المسيحيين) اي انه يستهدف تغير تأريخ العراق برمته حينها اعتقد انه من باب الاولى ان يتخذ أصحاب القرار في الحكومة والمرجعيات الدينية الرئيسية قرارات تساعد قدر الامكان على كسر شوكت الارهاب وليس السكوت , لان هذا السكوت مرعب هو الاخر بقدر الارهاب لا بل له دلالة خطيرة لانه وكما نفهم ان السكوت هو علامة الرضى لابل سوف يعزز من موقف الارهابيين ويحثهم على الارتكاب ما هو أشنع.
سؤال يطرح نفسه وفق آداب المعرفة والاخلاق والتي دونت بأيادي الحكماء بأمهات الكتب والمصادر ألم يحن الوقت لالقاء نظرة على الوضع الماساوي لهذه الملة من قبل أصحاب القرار للاتخاذ قرارات تساعد على أنشاء مناطق آمنة تحفظ لهؤلاء المساكين خبزتهم وكرامتهم أم ان أمر المسيحيين قد سلمى لا سامح الله الى الموت أو التهجير من العراق؟
ألم يحن الوقت لابائنا البطاركة والسياسين المعنيين بشؤون أبناء شعبنا الجلوس على طاولة واحدة وبضمير حي لمناقشة قضيتنا المصيرية والتي من شانها ايجاد مناطق آمنة لهؤلاء المساكين الذين يعيشون في أصعب الحياة فهم اليوم بأشد حاجة اليها من أي وقت مضى في تأريخ العراق كله. لقد آن ألاوان بكل ما تعنيه الكلمة الى الالتفاته الكبرى حول موضوع أقامة الحكم الذاتي لهؤلاء المساكين في سهل نينوى والذي أثاره السيد سركيس آغاجان المحترم قبل فترة ليست ببعيدة فعلا انها فكرة جوهرية , أذ ان هذا الحزام سوف يخلق منطقة آمنة بأستطاعتها ضم النازحيين من بغداد والبصرة بدلا من الرحيل الى خارج العراق وبذلك يحمي الالاف من أبناء شعبنا من الضياع والمصير المجهول وبخاصة بعد ان يقر هذا الموضوع رسميا من قبل الحكومة المركزية او من قبل مجلس الامن والذي هو جزء من الامم المتحدة وهو بمطلب ضروري جدا في الوقت الراهن من السعي الى تحقيقه . أود في هذه المضوع (الحكم الذاتي ) ان اسرد نصيين من نصوص الحكم الذاتي ولماذا أوجدة فكرة الحكم الذاتي دوليا وعلى مستوى العالم كله كي يكون القاصي والداني على أنصاف لما ذهبت اليه حين ناشدت أصحاب القرار والسياسيين والمعنيين حول اتخاذ قرار بأسرع وقت ممكن يساعد على انقاذ أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاثوري من الموت المحتوم الذي يواجهونه يوميا في العراق على أيدي الارهابيين والمتواطئين معه. يقول المحامي حسن قره ولي في كتابه المعنون( الحلول العلمية المطبقة لمشكلة القوميات والاقليات في اطار القانون الدستوري والدولي) وفي الفصل الثاني (الحكم الذاتي في أطار القانون الداخلي): تبرز اهمية الحكم الذاتي في المجتمعات التي تتميز بوجود قوميات واقليات قومية عرقية متعددة , وكنتيجة لظروفها التأريخية والاجتماعية والجغرافية والتي احتفظت لنفسها عبر تأريخها الطويل بخصائصها القومية والثقافية , ولظروفها الخاصة ولظروف أخرى لم تتمكن هذه القوميات والاقليات بالاندماج والانصهار في القومية الاكبر السائدة وبالطرق الديمقراطية.ويقول الكاتب في نص أخر : ان هذه القوميات والاقليات قد تكون معرضة تأريخيا للتمايز في الحقوق والمواطنة والتهجير القسري أو التذويب من قبل السلطة المركزية بسبب الطابع اللاديمقراطي الذي تسلكه تلك السلطة تجاههم, وكنتيجة لذلك تطالب هذه القوميات والاقليات بالحكم الذاتي لتنمية ثقافتها وتراثها الحضاري والقومي وادارة شؤونها الداخلية بنفسها في حدود نفس الدولة وتحت سلطتها المركزية. من خلال هذين النصيين يتبين بشكل واضح لا بل بوضوح الشمس مدى احقيت أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاثوري في اقامة مناطق حكم ذاتي لهم تدار من قبلهم وتحفظ لهم كرامتهم وخبزتهم من دون اثارة اية مخاوف لا للانفصال ولا لتقسيم الوطن أليست هذه المطاليب عادلة ووطنية وفق ما يتعرض له أبناء شعبنا من المذابح اليومية من جهة, ووفق ما هو منصوص في دساتير الحكم الذاتي نفسها من جهة أخرى.
سؤال أخر مهم يطرح نفسه هل نستطيع تحقيق الحكم الذاتي وكيف؟ أن هذا السؤال أطرحه على نفسي كأكاديمي متخصص بالقضية القومية وأحاول الاجابة عنه بحيادية وفق الرؤية الاكاديمية والسياسية المتواضعة التي أملكها: نعم نستطيع تحقيق الحكم الذاتي أذا كان لدينا الاصرار من جهة وأستجابة بضمير حي لواقعنا المأساوي والذي يتمثل بالحياة التي يعيشها أبناء شعبنا في بغداد والموصل والبصرة والمأسي التي يتعرضون لها يوميا على أيدي المسلحين والغوغائيين . أما كيف يتم ذلك فيكون قبل كل شيء يجب ان تشكل لجنة مطالبة وبرأي الشخصي يجب ان تكون مكونة من المكونات الاساسية السياسية لابناء شعبنا تضم( ممثل واحد عن الحركة الديمقراطية الاشورية , ممثل واحد عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني , ممثل واحدا من الحزب بيت النهرين الديمقراطي , ممثل واحد من الحزب الوطني الاشوري ,و السيد سركيس آغاجان المحترم – لدوره البارز في طرح القضية ) سبب التركيز على هذه الاحزاب دون غيرها يأتي لكونها تملك في الوقت نفسه أعضاء في الحكومة والبرلمان سوى في أقليم كردستان أو في بغداد فقط لهذا الغرض هذا من جهة ومن جهة أخرى ان هذه الاحزاب قد تبين في رؤيتها انها جميعا متفقة في المبدأ الاساسي أي توفير الامان لابناء شعبنا والحد من عملية القتل المتعمد والهجرة المؤلمة التي يتعرض لها أبناء شعبنا في بغداد والبصرة والموصل والتي لا تتحقق الا بأيجاد منطقة آمنة لابناء شعبنا وبأسرع وقت ممكن. الى جانب هذه اللجنة صوت آباء البطاركة الثلاثة أي مباركة رسمية(بوثيقة) لعمل اللجنة لكي تنال قوتها وثقلها بين أبناء الشعب والسلطات الحكومية في العراق. تقدم اللجنة طلبها الى الحكومة المركزية في بغداد فأذا وافقت الحكومة المركزية على مطلب اللجنة فيكون فيه كل الخير لابناء شعبنا الذين يقطنون في الوقت الراهن في المناطق الملتهبة . أما في حالة رفض الحكومة المركزية لطلب اللجنة لا سامح الله فيكون الخيار السلمي والديمقراطي هو الحل الوحيد من خلال سعي اللجنة الى مجلس الامن التابع الى الامم المتحدة للبث في قضية مصير الالف من المسيحيين المظطهدين في العراق والذين يواجهون الموت المحتم. علما ان هناك قضايا عديدة كقضية أبناء شعبنا قد أحيلت الى مجلس الامن أذ أستطاع من اتخاذ قرارات حاسمة أذكر على سبيل المثال قرار رقم 688 المؤرخ في 5 نيسان 1991 بخصوص تعرض العراقيين لاعمال القمع والابادة في العراق من قبل الحكومة نص القرار
ان مجلس الامن اذ يضع في اعتباره واجباته ومسؤولياته, بموجب ميثاق الامم المتحدة, بالنسبة لصون السلم والامن الدوليين. وأذ يشير الى احكام الفقرة (7) من المادة (2) من الميثاق , وأذ يساوره شديد القلق ازاء القمع الذي يتعرض له السكان المدنيون العراقيون في أجزاء كثيرة من العراق والذي شمل مؤخرا المناطق السكانية , وأدى الى تدفق اللاجئين على نطاق واسع عبر الحدود الدولية , والى حوادث غارات عبر الحدود بما يهدد السلم والامن الدوليين في المنطقة, واذ يشعر بأنزعاج بالغ لما ينطوي عليه ذلك من آلام مبرحة يعاني منها البشر هناك ) اذ أخذ هذا القرار بالتقرير الذي احاله الامين العام للامم المتحدة والمؤرخ في 20 آذار 1991 والذي يطالب بدوره بمايلي:
1 . يدين القمع الذي يتعرض له السكان المدنيون العراقيون في أجزاء كثيرة من العراق والذي شمل مؤخرا المناطق السكانية الكردية وتهدد نتائجه السلم والامن الدوليين في المنطقة .
2 . يطالب بان يقوم العراق على الفور كاسهام منه في ازالة الخطر الذي يتهدد السلم والامن الدوليين في المنطقة بوقف هذا القمع.
3 . يصر على ان يسمح العراق بوصول المنظمات الانسانية الدولية على الفور الى جميع من يحتاجون الى المساعدة في جميع أنحاء العراق ويوفر جميع التسهيلات اللازمة لعملياتها.
4 . يطلب الى الامين العام أن يواصل بذل الجهود الانسانية في العراق , وأن يقدم على الفور , واذا اقتضى الامر على أساس ايفاد بعثة أخرى الى المنطقة , تقريرا عن محنة السكان المدنيين العراقيين , وخاصة السكان الاكراد الذين يعانون من جميع أشكال القمع الذي تمارسه السلطات العراقية.
5 . يطلب ايضا الى الامين العام أن يستخدم الموارد الموجودة تحت تصرفه , بما فيها موارد وكالات الامم المتحدة ذات الصلة للقيام على نحو عاجل بتلبية الاحتياجات الملحة للاجئين وللسكان العراقيين المشردين.
6 . يناشد جميع الدول الاعضاء وجميع المنظمات الانسانية أن تسهم في جهود الاغاثة الانسانية هذه.
7 . يطالب العراق بأن يتعاون مع الامين العام من أجل تحقيق هذه الغايات .
8 . يقرر ابقاء هذه المسألة قيد النظر .
اتخذت الجلسة 2982 قرارها بأغلبية (10) أصوات مقابل 3 أصوات (زامبابوي , وكوبا, واليمن) وأمتناع عضوين عن التصويت (الصين والهند).
من خلال هذا العرض يتبين لنا مدى الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه مجلس الامن في حل المشاكل العرقية التي يتعرض لها البشر في العالم في حالة كونه جديا في التداول مع المشكلة بعيدا عن الضغوطات التي قد تمارسها القوى العظمى احيانا وتذهب ضحيتها الشعوب المغلوبة على أمرها.
بعد هذا العرض اود ان اذكر الى سيادة البطاركة الاب عمانؤيل دلي والبطريرك مار دنخا الرابع الكل الطوباوي : أليست محنة أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاثوري التي يواجهه اليوم في المدن الملتهبة كا (البغداد والبصرة والموصل) اكثر حدة وألم من محنة أخواننا الاكراد سنة 1991 , أم ان هناك سياسة الكيل بالمكايل وليست بالمكيالين للامم المتحدة تجاه قضايا المصيرية للشعوب.
لذا ادعو من سيادتكم الاخذ قدر الامكان بما ذهبت اليه حول امكانية تحقيق الحكم الذاتي لابناء شعبنا في سهل نينوى وبذلك سوف يتحقق الامان للالاف الابرياء المتشردين هنا وهناك من ابناء شعبنا المتألم والذي يعيش في ضرف جدا صعب. أنني أناشدكم يا ابتي البطاركة لانني على يقين أنكم قادرين من خلال تأثيركم ومن خلال مكانتكم الكبيرة في قلوبنا جميعا بما فيه تنظيماتنا السياسية بأنها سوف تلعب دور في غاية الاهمية بالتنسيق مع اللجنة التي أقترحتها من خلال رؤيتي المتواضعة والتي بنيتي عرضها من خلال هذا المنبر الحر الى رؤساء تنظيماتنا السياسية في العراق انكم قادرين معا على تحقيق الامان لابناء شعبنا والله الموفق.
سيروان شابي بهنان (باحث أكاديمي)
200705011