في البدء يؤسفني أن أقيم مقارنة بين وضع الأقليات في حكومة وبرلمان ( المجلس الوطني ) في النظام السابق وبين وضع الكلدانيين المحسوبين ضمن الأقليات القومية العراقية في حكومة وبرلمان اقليم كوردستان ، ولكن واقع الحال لطبيعة تعامل النظامين مع الهوية القومية الكلدانية هي نفسها ، فإذا كان النظام السابق ولطبيعته الشمولية معذور في فرض تصوراته وخياراته على الآخرين من دون أن يكون للطرف الآخر حق مناقشتها او تعديلها ، و كمثال على ذلك عندما فرض على المسيحيين من الكلدان والسريان والاثوريين أن يسجلوا القومية العربية في حقل القومية في استمارة الاحصاء السكاني لسنة 1977 م ، فرغم امتعاض الكلدانيين واعتراضهم على تجريدهم من هويتهم القومية الكلدانية وفرض عليهم غيرها لكن ذلك لم يؤدي نفعآ بسب تجاهل النظام وعدم اهتمامه لإرادة ومشاعر الآخرين ، ولكن بماذا نصف طبيعة القرارات التي اتخذها برلمان اقليم كوردستان ( الدورة السابقة ) عندما وافق على تغيير التسمية الكلدانية الواردة بصورة منفردة في مسودة دستور الأقليم رغمآ عن الكلدانيين وبناءآ لإرادة القيادي الآشوري في حزب الديمقراطي الكوردستاني السيد سركيس آغاجان علمآ بأنه لم يكن عضوآ في البرلمان الى تسمية لا تدل على قومية محددة بل اخترعت لتحقيق أجندة سياسية وطائفية مشبوهة بالإضافة الى كونها تسمية مركبة قطارية ركيكة المبنى وثقيلة اللفظ والتي بحق وصفها الأب ألبير أبونا في مقالته " هويتنا القومية " ( الرابط ادناه ) بالتسمية السخيفة ؟، أليس من حقنا ألقول، إن قرار تغيير التسمية الكلدانية تم فرضه حزبيآ ووفق اهواء شخصية على اعضاء برلمان اقليم كوردستان ( الدورة السابقة ) ، ثم ما هو وجه الاختلاف بين القرارات التي تفرضها الأنظمة الشمولية المستبدة والاجراء الذي اتخذه برلمان اقليم كوردستان ( الدورة السابقة " الدورة الانتخابية الثانية " ) والذي تم فرضه على الكلدانيين خضوعآ لإرادة شخص واحد لا علاقة له بالبرلمان بل كل ما في الأمر أنه عضو قيادي في احد الأحزاب الرئيسية في الأقليم ، أليست النتيجة هي ذاتها مع اختلاف التسميات واللاعبين ؟.
رغم ما اصاب الكلدانيين من الإحباط وما انتابهم من مشاعر مؤلمة بسبب خضوع البرلمان الكوردستاني للإرادة الآشورية المعادية للإرادة القومية الكلدانية ، ورغم هضم حقوق الكلدانيين في تشكيلات حكومة كوردستان ، ورغم اصدار بعض الفروع الحزبية العائدة لأحد الأحزاب الكوردية الرئيسة في الأقليم تعليماتهم الى اعضائهم للإدلاء بأصواتهم الانتخابية للحزب الآشوري المسمى بالمجلس الشعبي " الكلداني السرياني الاشوري " لضمان فوزه أولآ ومن أجل رفع القاسم الانتخابي وابعاد أي من المرشحين الكلدان للوصول اليه ، ورغم كتابة العشرات من المقالات والرسائل والمناشدات التي وجهت الى القيادة الكوردية لانصاف الكلدانيين ووضع حد لوكيلهم المتعين على رقاب المسيحيين من التدخل في الشأن الكلداني أو وقوفه كفلتر لعدم تمرير أي استحقاق كلداني في اقليم كوردستان ، لكن وللأسف فإن تلك القيادة تجاهلت كل تلك المطاليب ولم تكلف نفسها للرد عليها او تنظم لقاء مع الكلدانيين لسماع شكاويهم ومظالمهم ، رغم كل ذلك وغيرها ما نزال نحن الكلدانيين نأمل من قيادة الأقليم ومن اعضاء برلمان الأقليم ( عدا الاشوريين الميئوس من موقفهم المعادي للهوية القومية الكلدانية) أن يعيدوا النظر بطريقة تعاملهم مع الكلدانيين التي يجب ان تتم من خلال تعاملهم المباشر مع الأحزاب السياسية القومية الكلدانية وليس من خلال ممثلي التنظيمين المعاديَين للثوابت القومية الكلدانية واللذين هما الحركة الديمقراطية الآشورية "زوعا " والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ، ونتمنى ان لا يكونوا المسؤولين في القيادة الكوردية قد نسوا مشاعر الألم والقهر والظلم التي عانوا منها بسبب ممارسات الأنظمة السابقة بحق الشعب الكوردي والتي بدأنا نحن الكلدان نعاني من بعض جوانبها بسبب الغبن والتهميش في حكومة وبرلمان الأقليم وايضآ بسبب عدم احترام إرادتنا في اختيار تسميتنا الكلدانية لتكون المعبّرة الوحيدة عن هويتنا القومية في دستور الأقليم .
لا نعتقد انه من مصلحة الشعب الكوردستاني ان يتم اقصاء وتهميش المكون المسيحي الرئيسي في الأقليم الذي هو الشعب الكلداني والذي من حقه المشاركة في حكومة الأقليم او في اختيار ممثليه في برلمان الأقليم ، كما ليس من العدل أن يتم فرض جهة او شخص معادي للهوية القومية الكلدانية ليكون الوصي على الكلدانيين فهل يعقل أن يكون الجلاد هو القاضي في نفس الوقت ، لكن تبقى ثقتنا كبيرة في القيادة الكورستانية وعلى رأسها رئيس الأقليم السيد مسعود البارزاني من اجل احقاق الحق وانصاف الكلدانيين ووضع حد للممارسات التي تمارس ضد ارادتهم تحت قوة الحزب او السلطة ، كما أملنا كبير بأعضاء الدورة البرلمانية الحالية في اقليم كوردستان ان يعيدوا التسمية الكلدانية الى سابق وضعها في مسودة دستور الأقليم ، حيث كانت قد وردت في المادة الخامسة على النحو التالي ( المادة 5 : يتكون شعب اقليم كوردستان من الكورد ، التركمان ، العرب ، الكلدان والسريان والآشوريين ، الأرمن وغيرهم ممن هم من مواطني اقليم كوردستان ) . كانت هذه هي الصيغة المعتمدة والمقبولة لحد قبل ساعة واحدة من المصادقة عليها عندما تدخل السيد سركيس آغاجان واستخدم قوة السلطة والحزب ورفع حرف الواو التي تفصل بين " الكلدان والسريان والاشوريين " رغمآ عن إرادة الكلدانيين ليجعل من تلك التسميات تسمية قطارية لا معنى لها إذ لا هي تدل على قومية محددة ولا هي تاريخية بالاضافة الى كونها تسمية ركيكة المبنى وثقيلة اللفظ لذلك لجأ الكثير بعد اعتمادها على تسمية شعبنا بالمسيحيين لصعوبة لفظ تلك التسمية القطارية الهزيلة .
بعد تواطء المؤسسات الكوردستانية وخاصة برلمان الأقليم ( الدورة السابقة) مع القوى الآشورية المعادية للهوية القومية الكلدانية ضد التسمية الكلدانية الواردة في مسودة دستور الأقليم ورغمآ عن الكلدانيين انفسهم كما ذكرنا في اعلاه نستطيع أن نقول وبكل أسف ان احد اركان حقوق الانسان او حقوق المواطنة للكلدانيين والتي هي حرية احترام هوية الآخرين في كوردستان العراق تتعرض الى انتهاك وتبقى ناقصة الى أن يتم اعادة التسمية الكلدانية في مسودة دستور الأقليم الى صيغتها المنفردة التي كانت عليه قبل التلاعب بها رغمآ عن اصحابها الكلدانيين الى تسمية قطارية لتحقيق اجندة سياسية وطائفية مشبوهة .
لأنه لا قيمة لحياة الانسان إذا جُرِدت منه معتقداته وثوابته التي يستمد منها معنى لوجوده ، فإن جعل التسمية القومية الكلدانية لتكون اداة رخيصة لتحقيق أجندة طائفية وغايات حزبية وسياسية رخيصة تعتبر إهانة واعتداء على القيم الانسانية لذلك نطالب القيادة الكوردستانية والحكومة الكوردستانية والبرلمان الكوردستاني للعمل على الغاء قرارهم السابق بإلغاء التسمية الكلدانية الواردة بصورة منفردة في مسودة دستور الأقليم وجعلها تسمية قطارية " الكلداني السرياني الاشوري " التي لا تدل على التكوين القومي لأي من المكونات الثلاثة تلك ، ولا اعرف كيف يجوز للأخوة الأكراد أن يفرضوا من خلال تصويتهم في برلمان الأقليم على صيغة الهوية التي يجب على الكلدانيين ان يحملوها ، فإذا كان هذا جائزآ في نظرهم فلماذا يحتجون ويرفضون ما قام به النظام السابق من تعريب والغاء للهويات القومية التي للآخرين ، أليست هي ذات المعادلة ؟.
لو تساءلنا ، هل الكلدانيين بخير في اقليم كوردستان ، نستطيع أن نقول وبالمطلق ان التعايش الشعبي بين جميع مكونات شعب كوردستان بما فيهم المكون الكلداني هو في أحسن احواله بل تعتبر العلاقة الأخوية وروح التسامح والتعايش السلمي بين شعوب كوردستان العراق نموذجآ حضاري متقدم لِما يجب ان تكون عليها العلاقة بين الشعوب ، ومن حسن الحظ ان تلك العلاقة هي ثابتة و ليست رهينة للموقف الرسمي السياسي الذي قد يتغير وفق المصالح والأهواء ، أما من حيث طبيعة تعامل الحكومة الكوردستانية والبرلمان الكوردستاني مع التطلعات القومية والسياسية الكلدانية نقولها وبكل صراحة انه تعامل يشوبه نوع من الاحباط والشعور بممارسة سياسة الاقصاء والتهميش الذي تمارسه تلك المؤسستين بحق الكلدانيين ، ونحن نعرف جيدآ ان سبب هذا الخلل هو لأن القيادة الكوردستانية تنظر الى الكلدانيين بالمنظار الآشوري الذي يعمل قصارى جهده من اجل الغاء او اقصاء وتهميش التطلعات القومية والسياسية الكلدانية ليس فقط في اقليم كوردستان وإنما في كل مكان وهذا ما يعاني منه الكلدانيين منذ أن بزغ نجم السيد سركيس آغاجان ( الآشوري ) كوزير للمالية في حكومة الأقليم السابقة ( الكابينة الخامسة ) وتسليطه على شؤون المسيحيين في الأقليم ، فمنذ ذلك الحين لا يوجد ممثل للكلدانيين في برلمان او حكومة الأقليم وحتى المخصصات او المستحقات المالية للمجلس القومي الكلداني قد جمدت لأن الفلتر الأشوري المسيطر على القرار الكوردي واقف بالمرصاد لأي تطلع كلداني سواء كان قومي او سياسي ، لذلك نطالب القيادة الكوردستانية ان تعيد النظر في طريقة تعاملها مع المكون الكلداني ليكون من خلال الممثلين الكلدانيين المرشحين من قبل احزابهم السياسية القومية فقط عندها فقط تكون الإجابة على السؤال المذكور ، هل الكلدانيين بخير في اقليم كوردستان ؟، ومن دون أي تردد نعم وفي كل النواحي ، ونعتقد ان مطاليب الكلدانيين باحترام هويتهم القومية ومنح حقوقهم و استحقاقاتهم السياسية والتعامل معهم من خلال الممثلين الذين ترشحهم احزابهم السياسية القومية هي مطاليب مشروعة وهي عناصر او اركان اساسية التي تتضمنها حقوق المواطنة الكاملة في الدستور ، فهل ستنصف القيادة الكوردستانية الكلدانيين وترفع اسباب الغبن الذي لا يزال يلحق بالكلدانيين نتيجة تسليط اوصياء عليهم من خارج مرجعياتهم الدينية والسياسية القومية ، نأمل ذلك ونتمنى أن نرى شعبنا الكلداني وهو يتمتع بكامل حقوقه واستحقاقاته المشروعة في المؤسسات الرسمية في الأقليم لكي يستطيع ان يمارس مواطنته الكاملة وهو حرآ ومتحررآ من مؤامرات وسطوة ممن تحسبهم حملان وديعة ولكن افعالهم تفضح نواياهم وما بدواخلهم من حقد وكراهية .
رابط مقالة الأب البير ابونا
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarikh_Skafe/090629.htmمنصور توما ياقو
30Sep2010