الواقع السياسي الكلداني والمستقبل
بقلم : وديع زورا
بالرغم من كل الأخطاء والسقطات لبعض المؤسسات الكلدانية يبقى الحراك والوعي السياسي الكلداني موسوما بالتقدير ومشهودا له لمشاركته الفعالة منذ عقود مضت على مواصلة النضال المشروع مع إخوته العراقيين على الساحة السياسية العراقية للسير في مسار التحولات الديموقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان.
تتطلب مرحلة بعد 2003 تأسيس الاحزاب القومية الكلدانية في العراق للسير في طريق النهج القومي وللمطالبة بالحقوق المشروعة للكلدان بالاضافة الى ظهور التعددية والحرية الفكرية والتعبيرية. وكان من الملاحظ ان بعض المؤسسات الكلدانية لم تستطع الصمود تحت تيارات المغريات لان لها أرضية متذبذبة من جهة والى ضعف الإيمان بقضيتها القومية من جهة ثانية والى ضعف القياديين أمام الملذات المغرية والحصول على المكاسب من جهة ثالثة والى التفرد في اتخاذ القرارات من قبل القياديين دون النظر الى رأي الآخرين في الادارة من جهة رابعة.
في إقليم كردستان العراق ليس للديموقراطية مكان كل ما يخص أحزاب شعبنا المسيحي العراقي إلا من خلال المجلس الشعبي الذي يقيد كل مؤسسة لا تدخل تحت جناحيه، لأنه يملك المال والقرار بالإضافة إلى انه معتمد من قبل حكومة إقليم كردستان، حيث استطاع مؤسس المجلس الشعبي السيد سركيس اغاجان تغيير مسار المادة 5 في الدستور الكردستاني واختراع التسمية اللاقومية القطارية.
ومن نافلة القول استطاع سكرتير المجلس القومي الكلداني الحالي إقصاء القيادة السابقة للمجلس في عام 2007 ، ثم قام بعقد المؤتمر الثاني في عينكاوا في نيسان 2009 واختير سكرتيرا. ومن الجدير بالذكر كان قد أجرى تعديلات على بعض فقرات النظام الداخلي التي اقرها المؤتمرون وعلى وجه الخصوص الفقرة 7 بصدد إقرار المجلس التسمية (الكلداني السرياني الأشوري) كتسمية توافقية مرحلية وليست تسمية قومية لضمان دعم الحقوق القومية لشعبنا. العتب على الأخوة المؤتمرين والحاضرين من الكلدان الذين قبلوا بهذه الفقرة التي أعطت الشرعية القانونية والأدبية إلى النظام الداخلي للمجلس مما أدى أخيرا إلى تطبيق هذه الفقرة واتفاقه مع المجلس الشعبي.
أن القيادات السياسية الكلدانية قد وعت بضرورة توحيد الخطاب الكلداني في جميع المحافل مما نتج عن تشكيل اللجنة العليا للتنظيمات الكلدانية ولكن سرعان ما حصل خلاف بين القيادات السياسية حول أسماء المرشحين مما برز قائمتان وأدى إلى تشتيت أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة بين تقسيم الجسم الكلداني الى قسمين ( قائمتين) وبين الامتناع عن التصويت .
من الملاحظ أن هنالك متغيرات ستشكل انعطافا استراتيجيا في تاريخ العراق سواء أكان انفصالا أو وحدة على أسس جديدة ليست على أساس العراق الذي عشناه بعد سقوط الصنم والى يومنا هذا!! بالطبع ستكون هناك تغييرات في الخارطة السياسية العراقية وستكون هنالك تحالفات جديدة وشراكات جديدة وكل ذلك في ظل هذا المناخ السياسي الذي يسود الساحة والزاخر بالانقسامات والخلافات الحادة بل والخطيرة والتي تعزز التشاؤم وتقلل مساحات الأمل والتفاؤل..!!
أن الواقع السياسي الراهن يلزم كل القوى السياسية الكلدانية، إزاء هذا الموقف الداهم أن نفكر في الصيغة التي نحافظ بها على مصالح الكلدان ومسيحي العراق في المناطق ذات الكثافة السكانية وننتشلها من متاهات المستقبل الغامض وان نراعى الظروف الاستثنائية الداخلية بل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة العربية وعلى وجه الخصوص العراق، ولن يتأتى ذلك إلا إذا راعت الزعامات الحزبية الكلدانية اتفاقها على الأهداف والوفاق السياسي في داخلها ومع الأحزاب الأخرى وان يتفقوا على الحد الأدنى من الرؤى التي تزيل هذا المناخ التعيس الذي يسوده التوتر في مستقبل مجهول لا يدرى أين تتجه بوصلته ومساره الذي يستعصى علينا تحديده، على زعامات أحزابنا أن تعمل وفق الرؤى التحليلية المجردة من الذات والمطامح الحزبية الضيقة.
نحن أحوج إلى التنظيمات الكلدانية الواعية المخلصة لرسم مستقبلنا السياسي والكشف عن أوراق سياسية كانت راقدة، وكذلك إلى فهم كنه التكتلات السياسية الجديدة التي هي في طريق التبلور من اجل إحداث التغيير السياسي المنشود من قبل معظم العراقيين وعليه كان بالضرورة القصوى أن نعيد ثقتنا بأنفسنا ونستفيد من تجاربنا وننتظم في توحدنا سياسيا وقوميا للنهوض الكلداني في مستقبل أيامنا.
6 / اذار / 2011