مؤتمر عنكاوا.. والهوية القومية
فوزي البازي
عقد للفترة من 12 إلى 13 آذار الجاري مؤتمر قومي كلداني سرياني آشوري في مدينة عنكاوا بأربيل حضرت له واقامته ما عُرف بلجنة مؤتمر ستوكهولم التي انبثقت عن مؤتمر أقيم في السويد قبل فترة ضم عددا من الناشطين والمثقفين من ابناء شعبنا المغتربين بعيدا عن الوطن.
ومن بين الأفكار التي تبناها المؤتمر اطلاق اسم (سورايا) على شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وهي النقطة التي سأتوقف عندها في هذا المقال لما تنطوي عليه من معان ودلالات ربما هي تعكس غايات ونوايا المؤتمر والجهات التي دعمته وساندته وروجت له.
فتبني اسم (سورايا) كاسم موحد لشعبنا لا يخرج عن تفسيرين اثنين حسب رأينا المتواضع، فإما هو ترسيخ وتثبيت لتسمية (الاشوري) أو هو محاولة لإبراز الهوية الدينية لشعبنا واعتمادها في المجالات السياسية والثقافية والإدارية على حساب الهوية القومية.
وفيما يتعلق بالتفسير الأول فالمعروف لغويا أن مفردة (سورايا) تعود في اشتقاقاتها إلى (آشوري) لأنها في الأصل (آسورايا) وهي من (أسيريان) التسمية اليونانية للآشوريين، ولسنا بصدد الإسهاب في هذه النقطة، من الناحية اللغوية والتاريخية، لأنها معروفة للجميع وليست بحاجة إلى قواميس ومعاجم.. لكننا نتوقف عند الغاية منها في تبني تسمية واحدة دون باقي التسميات، وهو الأمر الذي لا ينسجم (ظاهريا) مع توجهات العديد من الجهات التي أعدت للمؤتمر وشاركت فيه وروجت له، مما يقودنا إلى القول بوجود ثمة غموض في المسألة، إلا إذا كان في الأمر ثمة (إن) قد تجعل الأمور أكثر تعقيدا من فهمنا المتواضع.
أما التفسير الثاني، فالمعروف أن تسمية (سورايا) رغم التفسير الأول، تحمل طابعا دينيا أكثر منه قوميا، بمعنى أن المقصود منها (مسيحي) أكثر من (آشوري كلداني سرياني)، وعندما نقول بالسريانية (سورايا) و(عربايا) يكون المقصود (مسيحي) و(مسلم) وهذا أمر معروف لجميع أبناء شعبنا، وحتى أخوتنا في الوطن من المسلمين يقولون عنا (سورايي) ويقصدون (مسيحيين).
إذن هي محاولة جديدة وواضحة لتهميش الهوية القومية لشعبنا وتذويبها في الهوية الدينية كما تسعى بعض الأطراف المعروفة من خارج أوساط شعبنا والتي لا تريد له أن يكون موحدا قويا على الصعيد القومي، بل منقسما ومتفرقا كما هي حاله على الصعيد الكنسي.
إن من يتبجح بمسألة كون اسم (سورايا) هو أكثر التسميات قبولا من مختلف مكونات شعبنا المذهبية عليه أن يُدرك، ومن المنطلق أعلاه، أنه يساهم في التقسيم أكثر منه في التوحيد، وهو لا يخدم قضية شعبه بقدر ما يسير في طريق واضح لتنفيذ مخطط من لا يريدون لشعبنا أن يكون قويا يمتلك ثقلا مهما في الوطن.. إنما أن يكون فقط شعب مسيحي طيب ومسالم لكن لا هوية قومية له تمهيدا لطمس هويته القومية في باقي الهويات المجاورة شمالا وجنوبا.
وثمة نقطة اخيرة نشير إليها للدلالة على نوايا وأهداف مؤتمر عنكاوا وعدم تمكنه بالتالي من عكس التمثيل الحقيقي لشعبنا، وتلك هي غياب فصائل وتنظيمات مهمة عنه وعدم مشاركتها فيه رغم ما تمثله من ثقل شعبي ورسمي كبير بخصوصيتها الكلدانية السريانية الاشورية في الساحة العراقية والإقليمية والدولية. والقادم من الأيام سيكشف المزيد من الحقائق.