--------------------------------------------------------------------------------
مؤتمر عنكاوا، هل نصف القدح فارغ أم مليء؟
قرأنا الكثير عن مؤتمر عنكاوا، فمن يقول إنه مؤتمر ناجح ومن يقول إنه مؤتمر فاشل. المؤتمر وبغض النظر عن السلبيات التي رافقته هو مؤتمر للوحدة وهذا بحد ذاته عامل إيجابي لا يمكن إنكاره إلا من قبل فئة صغيرة التي لا تزال تراهن على الانفصالية والتي صوتها يذوب تدريجيا في الهدير الذي نسمعه من قبل كل أبناء أمتنا بأننا أمة واحدة. فالذي حزبه لم يشارك في المؤتمر يشكك فيه ولا يباركه رغم إن بعض الاحزاب المقاطعة له تحمل نفس الفكر الوحدوي وأما الذي هدفه زرع الانفصالية والوقوف مع صف الغرباء الذين لا يريدون لأمتنا الوحدة خوفا على أنفسهم يقول بأن المؤتمر فاشل وليس فيه أي حسنة والكنيسة التي لا تقر إلا بتسمية واحدة ترى فيه إنشقاقا عن الامة وليس جديرا بالحضور وأما الذين يؤمنون بحتمية وحدة شعبنا فإنهم يرون فيه خطوة مهمة في طريق الوحدة وكما قلنا رغم السلبيات التي رافقته ومنها إعطاء أغلبية المقاعد للذين يؤيدون إنضمام الحكم الذاتي لشعبنا في سهل نينوى الى أقليم كردستان. فالذين يكتبون بأمانة يحللون المؤتمر ويبدأون بنقده بشكل منطقي وعقلاني ويبرزون النقاط الايجابية فيه ويمطوها لكي تكون أكثر فعالية في وقتنا وفي الزمن الاتي، وليس هذا فقط بل يحاورون تلك النقاط الايجابية بغية تفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع من خلال عمل ناضج. وبنفس الوقت يؤشرون على النقاط السلبية للمؤتمر منتقدينها ومحاولين إبعادها عن المؤتمر وذلك بالتنويه عنها وإعطائها بعدها التهديمي إن بقيت دون معالجة. وليس هذا فحسب بل الضغط على اللجنة الرئاسية للمؤتمر بأن المؤتمر سيكون مصيره الفشل إن لم تعالج تلك النقاط السلبية بالحكمة والعقل. وأما النقاط الاخرى والتي إقترحت والتي لم يصوت لها البعض وهي في الحقل الوسطي فإن إنتقادها يكون لكي لا تؤخذ بشكلها السلبي ولفظة إضافة سورايا هي أحسن مثل لما نقصده بالحقل الوسطي فإن هذه اللفظة التي إدخلت أخيرا على التسمية الاولى لأمتنا (الكلداني السرياني الاشوري) صوت لها الكثيرون وأقرت ولكن بعض مثقفي شعبنا لا يتفقون وإدخال هذه التسمية ومنهم الاستاذ جميل روفائيل وكذلك الاستاذ روند بولص الذي يراها خطوة الى الوراء. فالحكمة هنا هي إن كتابنا الذين يؤمنون بقوميتهم ولهم دراية وعمق بقضية شعبهم لا يتسرعون ويلعنوا المؤتمر ويصفوه بالفاشل بل يحاورون المؤتمر بالعقل والمناقشة الهادفة وليس كما فعل بعض الكتاب (إن صح أن نطلق عليهم كتاب) أن يقرروا وبجرة قلم بأن المؤتمر فاشل من دون أن يروا فيه أي نقطة خير، ولا أن يعطوا ولو بعض الانصاف لأكثر من ألفين شخص تجمعوا لغرض مقدس ألا وهو وحدة شعبنا، إن هؤلاء الكتاب هم أنفسهم الذين رفضوا مؤتمر بغداد (وبالمناسبة فإن لفظة سورايا كانت إحدى اللفظات المقترحة حينها لأمتنا والذي شاركت فيه كل مؤسسات أمتنا)) ووقفوا ضده، فهل يا ترى سيأتي يوما سنرى فيه هؤلاء يوافقون على أي شيء يخدم وحدة شعبنا أو أي عمل يقوم به أبناء شعبنا؟
كانت هناك بعض النقاط والتي بقيت غامضة للبعض ومنها التمويل وهذه نقطة حساسة أثيرت كثيرا وذلك لأن التمويل لا يخدم التحييد الذي أعلنه المشرفين على المؤتمر أو كيفية إختيار المدعويين والذي كان على عجل (فكما يعرف القاريئ إن الكثير من أبناء المهجر لهم أعمالهم ووظائفهم فلم يكن هناك متسعا من الوقت لحضورهم المؤتمر) وسرعة قيام المؤتمر (وهذه نقطة أخرى حيث بعض الاحزاب كانت تنتطر جوابا على أسئلتهم) وإختيار الاعضاء للبرلمان المرتقب وخاصة إعطاء بغداد ثلاثة مقاعد وبغداد هي الثقل الكبير في وجودنا في أرض أجدادنا العراق (بيث نهرين) ونفس الشيء بالنسبة لأمريكا وإختيار الاعضاء على آرائهم حيث فضل من يؤيد إنضمام سهل نينوى الى أقليم كردستان على من يعارض هذه الفكرة (وأنا أرى بأن تعطى الحرية الكاملة لأبناء المنطقة لإبداء رأيهم الحر (من دون أي تأثير خارجي) في نوعية الحكم الذاتي أو الادارة الذاتية التي يرونها لمنطقتهم) ولكن هذا لا يمنع من إن المؤتمر ضخ حرارة الوحدة بين أبناء أمتنا سواء في فترة إعداده أو في فترة إنعقاده وذلك بتسليط الاعلام على نيته الوحدوية وكذلك إلتقاء أكثر من ألفين شخص يحملون في قرارات أنفسهم حلم الوحدة وإرجاع حقوقنا المهضومة وهم يتبادلون الاراء والخبرة في هذا المجال. مهما قيل عن الذين وفدوا من الخارج فلهم الشكر فإن الكثيرون منهم تركوا عوائلا لوحدها وكذلك إعمالهم التي يرتزقون منها، وأما في الداخل وخاصة الذين أتوا من المناطق الساخنة فإن مغامرتهم بالمحيء وفي هذه الظروف لهي حقا موقع إعجاب وتقدير. كفانا النظر الى القدح والقول بأن نصفه فارغ فلنقل إن نصفه ممتليء.
قد يكون هناك الكثير ليقال عن المؤتمر ولكن إن قلنا قلنقل وقلبنا يضخ فيه دم هؤلاء الشهداء العظام من أبناء أمتنا الذين ضحوا بحياتهم لكي يخدموا هذه الامة لا لكي يروا أبناءها يتركون المهم ويتمسكون بالتسميات (والتي هي إحدى الوسائل المستخدمة من قبل الغرباء عن أمتنا لتلهيتنا عن المطالبة بحقوقنا وأراضينا)، لنصفي ذواتنا ولنكن حقا أبناء لهذه الامة ولنشجع الاعمال التي تساعد نهوض أمتنا ومن أي جهة كانت (ليس شرطا أن تكون جهتي أنا فقط) وننبذ هذا الانتقاد التخريبي ولتكن قلوبنا مزرعة للحب والوحدة وليس للكراهية والحقد والانفصالية.
لا نعلم هل سيكون لنا مؤتمرا آخر أم لا؟ والى ذلك الحين فلنأمل بأن نحصد بعض الثمار من مؤتمر عنكاوا وتكون السلسلة (مؤتمر بغداد – مؤتمر عنكاوا) نهايتها خيرا على أبناء أمتنا البررة.
كامل كوندا
أستراليا - ملبورن