الوطني الاشوري والبعد عن الخطاب السياسي/أفرام ابلحد أفرام

الوطني الاشوري والبعد عن الخطاب السياسي
« في: الأمس في 07:04:20 pm »

--------------------------------------------------------------------------------
الوطني الاشوري والبعد عن الخطاب السياسي

اثار حذف المادة 50 من قانون انتخاب مجالس المحافظات التي كانت تضمن حصة القوميات والمكونات الصغيرة من المقاعد المخصصة لكل محافظة ضجة كبيرة في اوساط شعبنا من الكلدان والاثوريين والسريان وامتدت الى باقي مكونات الشعب العراقي وعلى مختلف المستويات، لست هنا بصدد شرح ابعاد وتداعيات هذه القضية خصوصا ان احزابنا القومية وكتابنا الكرام امطروا وسائل الاعلام وخصوصا المواقع الالكترونية ببيانات شجب واستنكار وراح البعض يحلل الموقف ويدق ناقوس الخطر لما ستؤول اليه اوضاع المسيحيين نتيجة لهذا القرار وآخرون طالبوا بتحرك واسع على كافة الاصعدة، واصبح الموضوع حديث الساعة حتى المواطن العادي من ابناء شعبنا لمست امتعاضه وسخطه الشديدين لما حصل في 24/9/2008 تحت قبة البرلمان العراقي. لااخفي البهجة التي دخلت نفسي لدى ملاحظتي ارتفاع مؤشر الوعي القومي والسياسي لدى العموم خصوصا لدى الكلدان حيث يكون عادة في ادنى مستوياته مقارنة باخوانهم الاثوريين، حتى فضائيتنا اليتيمة تجاوزت سياستها الانتقائية تجاه بعض التنظيمات السياسية والشخصيات القومية وراحت تنشر اخبار وتعرض مقابلات واراء من كان بالامس محضورا ظهوره على شاشتها ووقف الجميع بتراص ازاء تهميش شعبنا وهذا ما تقتضيه المصلحة العامة في مرحلة حساسة كهذه. الا ان ما اثار استغرابي هو تصريحات نائب الامين العام للحزب الوطني الاشوري والذي خلال لقاء اجرته قناة عشتار الفضائية معه لتسليط الضوء على موقف هذا الحزب من حذف المادة 50 تهجمه على كل من النائبيين ابلحد افرام ويونادم كنا الممثليين الوحيدين لابناء شعبنا في البرلمان العراقي وتحميلهما مسؤولية حذف المادة (50) واتهامهما بالتقصير والاهمال وعدم الاهلية لتمثيل المسيحيين في البرلمان. وغايتي من خلال طرح هذا الموضوع ليست الدفاع عن الشخصين المذكورين وعن موقفهما من القرار المجحف للكتل الكبيرة بل هي الاشارة الى حالات وحوادث مماثلة في الجوهر حصلت في العالم وان كانت مختلفة من حيث التأثير ومواقف الاحزاب في تلك البلدان منها. اذ ليس فينا من لايذكرما تعرضت له الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 من هجمات ارهابية في ظل الرئيس الجمهوري بوش وقتها كانت ردة فعل الساسة الامريكان واضحة ولم يستغل الحزب الديمقراطي الامريكي تلك الحادثة للطعن و القاء اللوم على خصومه في الحزب الجمهوري وعلى رأسهم الرئيس بل وقفوا صفا واحدا ضد الاعتداء الخارجي وتكاتفوا لمعالجة الازمة ودمل الجراح. وهم الذين يوجهون لبعضهم الانتقادات اللاذعة بصورة مباشرة خلال الحملات الانتخابية والمناظرات التلفزيونية اما عندما يتعرض الشعب الامريكي لاي اعتداء تتغير الامور وتنصهر الفواصل وتختفي اثار الانتمائات الحزبية الضيقة. ونفس الشيء حدث في كل من اسبانيا وبريطانيا عند تعرض مواطنيها لاعتداءات مماثلة. وربما من يرى عدم جواز مقارنة ما جرى في تلك البلدان من حوادث وردود افعال القيادات فيها بما وقع من تهميش ضد ابناء شعبنا ومواقف ساستنا من القضية لأي سبب كان فاعود لاذكر ان حزب الله عندما قام بقتل وخطف جنود اسرائيليين وما تلا تلك العملية من هجوم انتقامي دمرت فيه اسرائيل معظم البنى التحتية للبنان حينها وقف الفرقاء اللبنانيون حتى المناوئون لسياسات حزب الله ضد ما اعتبروه اعتداءا اسرائيليا على شعبهم على الرغم من مبادرة حزب الله بالتحرش بالجانب الاخر ولا ينكر ان اصواتا تعالت تنتقد انفراد الحزب وعدم التشاور مع باقي القوى قبل الاقدام على تلك المغامرة لكن ذلك لم يحدث الا بعد انتهاء تلك الحرب. كما يجب ان لاننسى الازمة التي حدثت بين التحالف الكردستاني والكتل السياسية العراقية الاخرى عندما مرر مجلس النواب القانون الخاص بكركوك لانتخاب مجالس المحافظات قبل اشهر قليلة والذي رفض من قبل القيادة الكردية والشعب الكردي عموما فلم نر سياسي كردي واحد يتهم النواب الاكراد بالتقصير والاهمال بسبب اقرار قانون الانتخاب في كركوك وانما القوا باللائمة على الكتل الاخرى وتحركوا سريعا لابطال ذلك القانون ووحدوا خطابهم وسيروا مظاهرات حاشدة موحدة (ليس كمظاهراتنا الانفرادية ) في عموم كردستان للتعبير عن رفضهم للقرار. ان قيام الوطني الاشوري باستغلال ما يتعرض له شعبنا من اضطهادات وسلب للحقوق والمتاجرة بالمواقف السلبية والشوفينية لشركائنا في الوطن للنيل من خصومه السياسيين امر بعيد عن الخطاب السياسي الواجب التوحد خلفه في مثل هذه الظروف فالامر لايعدو كونه ضيق افق وقصر نظر للمشهد السياسي وتفضيل للمصلحة الحزبية على المصلحة العامة لشعبنا، اتساءل ماذا كان سيفعل السيد نائب الامين العام للوطني الاشوري لو كان نائبا في البرلمان (ويبدو ان هذا ما يثيره) اكثر مما فعل افرام وكنا من ردة فعل سريعة وغاضبة لحظة مصادقة البرلمان على حذف المادة 50 فعليه ينطبق المثل الشعبي القائل (العب لو اخرب الملعب ). فلو افترضنا قيام حكومة كردستان باصدار قرار اواجراء ينعكس سلبا على المسيحيين في كردستان فهل يصح تحميل السيد وزير السياحة الذي هو امين عام الوطني الاشوري وزر ذاك الاجحاف ؟ ان ترديد شعارات الاخوة وضرورة التقارب والوحدة لابناء شعبنا باتت مواد زينة نزركش بها خطبنا ومقالاتنا اما النوايا الحسنة والرغبة في ترجمتها على ارض الواقع لا زالت ابعد من ان تكون ضمن اطار تفكير الكثيرين منا.

افرام ابلحد افرام
رئيس المركز الكلداني للثقافة والفنون