دعوة لتشكيل فصائل مسيحية في الموصل وسهل نينوى
ادورد ميرزا
استاذ جامعي مستقل
دعا الدكتور سركون داديشو من على شاشة الفضائية الأشورية والتي تبث برامجها من اميركا في لفتة رائعة دعا فيها القوى السياسية الحزبية والدينية للطلب من القيادة الكردية السماح لها لتشكيل فصائل مسلحة من ابناء شعبنا المسيحي في العراق للمساهمة في احلال السلام والحفاظ على امن المسيحين , هذه الفصائل تتشكل من ابناء الكنيسة الكلدانية والسريانية والأشورية والأرمنية المتواجدين على كل ارض العراق وخاصة كردستان ويتم نقلهم الى داخل الموصل للمساهمة في استتباب الأمن الى جانب قوات البيشمركة الكردية والقوات الحكومية المتواجدة هناك , لقد جاءت هذه الدعوة كما يبدو تأكيدا على ان ما يشاع عن تورط البيشمركة الكردية في احداث الموصل هي اشاعات غير صحيحة ومغرضة , وانا بدوري اشد على يد الدكتور سركون لهذه الدعوة والتي ستجعل قوانا السياسية والدينية على مقربة من الاحداث جنبا الى جنب مع قوات الحكومة والميليشيا الكردية والتي تسعى الى حماية المسيحيين في الموصل , ان دعوة الدكتور سركون الرائعة تتطلب من كل الفصائل الحزبية والروحية الى التوحد وترك كل الخلافات جانبا والتوجه الى الأهم وهو مصير حياة شعبنا في الموصل والعراق , اتمنى ان تحظى هذه الدعوة الترحاب من قبل القيادة الكردية لتفويت الفرصة على الخائبين والمنافقين , ان تواجد شبابنا على ارض الموصل سيساعد على الاسراع في كشف المتورطين في قتل المسيحيين كما سيسهل على قيادة البيشمركة وقيادة قوات حكومة بغداد السيطرة على الوضع والتعرف على المجرمين القتلة بشكل دقيق ومباشر وبدون تشكيك .
واريد ان اقول باني قد قرأت وسمعت وشاهدت مئات التقارير والتحاليل والتصريحات ومن مختلف المناشئ السياسية والدينية , وتوصلت الى قناعة بان المنادين والراكضين لتقسيم العراق وتمزيق مكونات شعبه هم عراقيون ويعملون من داخل العراق , وقد استبعدت القيادةالأمريكية على الأقل فيما يجري للمسيحيين من قتل وتهجير وحرق وتدمير لدورهم واماكن عباداتهم , والسبب لأن كل ما سمعته من تصريحات وخطابات وعلى لسان { بعض الساسة المتنفذين في ادارة شؤون العراق شمالا و جنوبا شرقا وغربا } يجعلني ان اشك في ان ما يجري من ترهيب وقتل وتهجير للمسيحيين في العراق يصب في جعبة بعض الكتل المتلهفة لكسب المزيد من الغنائم والمكاسب والتي في جوهرها غنائم غير مشروعة ومكاسب غير وطنية , وان طريقتهم للحصول عليها غير اخلاقية ولا انسانية .
هناك اكثر من رأي يتداوله بعض المحللين حول المتورطين في قتل وتهجير المسيحيين في الموصل فمنهم من اتهم تنظيم القاعدة ومجموعات من الصداميين البعثيين وأخرون يتهمون ميليشيات اسلامية سنية او شيعية متطرفة , ولكن بعضا آخر من المحللين يتهمون البيشمركة الكردية المتواجدة على ارض الموصل على انها المسؤولة عن قتل وتهجير المسيحيين من اجل تهيأت الظروف لظم كركـوك والموصل وما جاورها الى جغرافية اقليم كردستان باعتبار ان ذلك هو الهدف المنشود الذي تسعى اليه القيادة الكردية العراقية لاعلان دولتهم الكردستانية الكبرى ، وقد عزز هذا الرأي الأخير حدثين ...
الأول .. هو تصويت الكتلة الكردية في البرلمان ايجابا على إلغـاء المـادة 50 المتعلقة بتمثيل المسيحيين والصابئة والشبك في مجالس المحافظات .
والثاني ..بسبب تواجد قوات البشمركة على ارض الموصل تزامنا مع قيام مجموعات مسلحة بترهيب وقتل المسيحيين واجبارهم على ترك الموصل واللجوء الى قرى ونواحي سهل نينوى والتي تسيطر عليها البشمركة الكردية مما سيجعل تصويت المسيحيين لصالح الكرد في انتخابات مجالس المحافظات امرا واقعا ، ويذكر بعض المحللين من ان الأخوة الصابئة قد استبعدوا من اللعبة لان الكثافة السكانية للصابئة في كركوك والموصل غير فعالة , بالرغم من انهم قد شملوا ضمن المادة 50 ، ولكن ذكاء القادة الكرد ابقوهم لكي لا تنكشف اللعبة التي يخططونها في الموصل .
وهناك بعض من المحللين من قال ..ان الشبك وهم ايضا ضمن قائمة المادة 50 لكن ممثليهم يعلنون جهارا انهم ينتسبون الى القومية الكردية ، وهذا يعني بان اصواتهم ستذهب لصالح الحزبين الكرديين وبسهولة ، اما الأخوة اليزيديون فقد نالوا ما نالوه من قتل وتهجير وتشتيت فاصبحوا امام الأمر الواقع والذي لا يبتعد كثيرا عن واقع المسيحيين .
لكن الذي اريد الإشارة له هو المكون المسيحي والذي يعتبر تعداده السكاني مؤئرا في العملية الانتخابية الى حد ما بين المكونات الأقل عددا ، فبعــد رفض ممثليهم في البرلمان العراقي التابع لحكومة بغداد بشكل غير مباشر الأصطفافات والخضوع لاجندات القيادة الكردية خاصة فيما يتعلق "بصيغة وجغرافية تنفيذ الحكم الذاتي" مما جعل "بعض" من القادة الكرد غير راضين عن ذلك { كما يصفه المحللون } مما جعل البعض يعتقد بان بعض من اعمال العنف التي طالت المسيحيين في الموصل هي من تدبير "بعض من ميليشيات القادة الكرد" حيث ادت هذه الأعمال الى ترويع وقتل بعض المسيحيين وهروب الباقي هروبا جماعيا كما تناقلته وسائل الاعلام الى نواحي وقرى سهل نينوى , ان المسيحيين في الموصل يشكلون نسبة سكانية عالية هي اكثر من نسبتهم في كركوك ولكن وفي كل الأحوال وكما يقول المحللون فان القادة الكرد سيظمنون اصواتهم في كلتا المحافظتين اذا ما بقي الحال كما هو واستقر المسيحيون في اماكن تواجدهم الحالية .
ونحن من خارج الحدود نتسائل لماذا قتل وترهيب وترحيل المسيحيون في هذه المرحلة اخذ بالتزايد , ومن هو المستفيد الرئيسي من ذلك , فباعتقاد غالبية المحللين الذين نقرأ اراءهم يرون بانه لا يوجد هناك من له المصلحة في قتل المسيحيين من الذين يحكمون العراق الا من له اطماع توسعية على الأرض العراقية , فاصابع الاتهام متجهة جميعها اليهم وذلك بسبب التوقيت , حيث ان حملة القتل والتهجير اخذت تشتد قبـل شهرين تقريبا من عمليـة إنتخابات مجالـس المحافظـات , كما ان اتهام هؤلاء لم يأتي اعتباطا انما جاء نتيجة تصريحاتهم ومطالباتهم باقامة الفدراليات او توسيع الأقاليم , وكما يصف المحللون بان ما حصل للمسيحيين في البصرة والتي هي تحت سيطرة التآلف الشيعي من قتل وتهجير ومطالبة كتلة التآلف الشيعي بفدرالية محافظات الجنوب له صلة ايضا .
بقي ان اذكر بان المسيحيون في البصرة هم الأوائل من تعرضوا الى القتل والتهجير وسلب دورهم ومحلاتهم وتدمير كنائسهم على يد ميليشيات كانت تسيطر على كامل المحافظات الجنوبية, ثم انتقل العنف ضدهم في بغداد وخاصة في الدورة فقتل من قتل وهجر من هجر , ويذكر انه قد تم تدمير غالبية كنائسهم وفي وضح النهار ايضا , واليوم عاد العنف الى المسيحيين من سكنة الموصل فالقتل والتهجير قائم وتحت انظار قوات الأمن الحكومية .
اشير هنا الى التصريحات التي صدرت بعد بعد بعد { بعد جرائم قتل وتهجير المسيحيون في الموصل وعلى لسان بعض المسؤولين في حكومة بغداد وحكومة اربيل ورؤساء الكتل واعضاء البرلمان العراق والكردي وهيئة العلماء المسلمين الى جانب بعض المرجعيات الشيعية } ...ان جميع هؤلاء سنة وشيعة عربا واكرادا جميعهم وعبر تصريحاتهم ادانوا قتل الأبرياء المسيحيين , وانهم بريئون من كل ما حدث وليس لهم اي دخل لا من قريب ولا من بعيد ..ولكن انقل لكم ما صرح به احد المتألمين العراقيين لما يجري في العراق ..في مقابلة تلفزيونية ...حين قال مستهزءاً ..
ما دام الجميع متبرئون من قتل المسيحيين وتهجيرهم في العراق عامة والموصل خاصة , اذن فان القاتل مجهول وعلى ما يبدو انه { جني } هبط من المريخ .
.....واعيد الى الذاكرة ما صرح به السيد فوزي الأتروشي وكيل وزارة الثقافة مشكورا ولكن وايضا فقد جاءت تصريحاته بعد بعد بعد { بعد تصويت البرلمان على الغاء المادة 50 حيث لايغيب عن البال بان الكتلة الكردستانية قبلا ..كانت قد صوتت لصالح الغاء هذه المادة والتي كانت بنودها تخدم مصالح المكون المسيحي }.....اتمنى ان تسود حسن النية وتعاد الأمور الى مجاريها الايجابية لأن فضل وانسانية الكرد حكومة وشعبا في احتضان العراقيين وخاصة المسيحيون يعتز به ويحترمه الهاربون من جحيم الطائفية الى مدن كردستان الآمنة ..
فالسيد فوزي الأتروشي يقول ....
{لهذا اضع يدي على موطن الجرح لتغطيته وتعقيمه وابعاده عن مصادر القيح . والجرح هنا هو "الغاء المادة (50)"ومصدر التعقيم هو العمل بكل ما يعيننا على اعادة النضارة والتألق والاخضرار للتجربة الديمقراطية في العراق ولا يكون ذلك الا بمنح الاطمئنان لكل سكان العراق وبكل تلاوينهم وان الديمقراطية ستشملهم جميعاً . وبعيداً عن كل ما قيل وسيقال في مجلس النواب العراقي , فأن هذا المجلس لا يمكن ان ينسى حقيقة فكرية وفلسفية هي ان الديمقراطية تعني بالذات احترام كل المكونات الصغيرة الحجم في المجتمع العراقي ومنع فيضان الكبار عليهم . واذ فعل البرلمان ذلك اصبح ممثلاً لنفسه وليس للشعب العراقي } .انتهى النص .....وحسب اعتقاد بعض المحللين بان كلام السيد فوزي الأتروشي العاطفي جاء متأخرا , حيث ما قاله كان يجب ان يقال قبل تصويتهم على الغاء المادة , لا بل كان يجب ان يدعموا المادة 50 ويدافعوا عنها لتثبيتها !
ختاما ..اترك التعليق لكم في كل ما مضى من كلمات التعبير عن غضبنا وألمنا على ما يحدث لشعبنا من مآسي يندى لها جبين الانسانية.... كما اتمنى من كل حاكم او مسؤول سياسي وروحاني في العراق ان ينتبه لقراراته ولآرائه وتصريحاته قبل وقوع الاحداث لكي لا يندم عليها لاحقا فيفقد الشعب عند ذلك الثقة به وبافكاره وعقيدته وكل مشاريعه, انها مجرد ملاحظات لا تبتعد كثيرا عن عواطفنا الجياشة اتجاه شعبنا المسيحي الأعزل الذي يقتل ويهجر امام انظار من انتخبهم وائتمنهم على حياته وعرضه وماله
المجد والخلود لشهداء العراق الأبرياء مسلمين ومسيحيين وغيرهم والخزي والعار لمن لا يحمي شعبه .