Sirwan Shabi Admin
عدد الرسائل : 936 تاريخ التسجيل : 04/10/2007
| موضوع: نعم أيها المالكي نحن معك ولكن؟ بقلم الكاتب سليم مطر/ جنيف الخميس نوفمبر 20, 2008 2:52 am | |
| نعم أيها المالكي، نحن معك.. ولكن؟ سليم مطر/ جنيف تشرين ثاني 2008 www.salim-matar.com www.mesopotamia4374.com
ان الضمير الوطني العراقي يتطلب من كل الحريصين على سلامة شعبنا ومعالجة جراحه، ان يلجأوا الى العقلانية والواقعية في حكمهم على الامور، من دون مزاودات وثورچيات وبطولات زائفة تحكمت بنا خلال اجيال واجيال ولم تجلب لنا غير المغامرات الفاشلة والثورات الدامية والحروب الخاسرة. دعونا نضع شعاراتنا الخلابة البراقة على جنب، وننظر الى الامور بعين واقعية، مثل طبيب امام انسان عزيز يعاني عذابات المرض. فلا نبتغي غير الحلول العملية التي تجنبنا الكارثة وتحل الشفاء والسلام والاستقرار في وطننا الجريح. من اهم شروط الرؤية الواقعية الوسطية، تجنب التطرف في الاحكام السلبية او الايجابية، اما الرفض العنيف او الخنوع المتملق، بل اعتماد الاحكام العقلانية الوسطية التي تشيد بالمحاسن وتنتقد العيوب، وتطرح الحلول. هنا محاولة لتطبيق هذه الرؤية الواقعية الوسطية ازاء شخصية مهمة جدا في الوضع العراقي الحالي، الا وهي شخصية الرئيس نوري المالكي. وضعية المالكي تقلد المالكي منصب رئاسة الحكومة العراقية منذ حوالي ثلاثة اعوام. وهو يواجه بصورة مستمرة تجاذبات وضغوطات مختلف القوى العراقية المتنافسة والمتصارعة، بالاضافة الى القوى الاقليمية والعالمية وعلى رأسها امريكا ودول الجوار. هنالك القوى الطائفية، شيعية وسنية، التي تخشى على مصالحها الطائفية من استقرار الدولة العراقية وقوتها. فمثلا، ان جماعة الحكيم لا زالوا يحلمون بتكوين(امارتهم) الطائفية في الجنوب، على غرار الامارات القومية في الشمال. ثم ان الجماعات العنفية المسلحة، مثل القاعدة والبعث، رغم تراجعها الكبير، ما زالت تعمل على تدمير الدولة العراقية بحجة مقاومة الامريكان. منذ فترة والاعلام القومي الكردي يشن حملة شعواء ضد (المالكي) بسبب اقتراحه تعديل الدستور وتكوين (مجالس اسناد شعبية). وعلى عادة هذا الاعلام العنصري فأنه لا يعرف أي قيم وحدود في طرح خلافاته مع الآخرين حتى لو كانوا حلفائهم وشركائهم في الحكومة! وقد بدأت هذه الحملة الشعواء بالتصريح الناري الذي اطلقه السيد البرزاني واصفا اعضاء مجالس الاسناد بـ (الجحوش والخونة) وهذه دعوة صريحة الى قتلهم، بل يمكن ان تبرر حتى قتل المالكي نفسه!!
انجازات المالكي مهما اختلفنا مع المالكي، فأن الواجب الضميري الوطني يحتم علينا الاشادة بأنجازاته الوطنية. حتى خصومه يعترفون بأنه خلال سنوات حكمه حقق اعظم خطوة يحتاجها العراق: ـ قيادة سفينة الوطن في لجة طوفان الحرب الطائفية ومخاطر التفتت والدمار، الى شاطئ الأمان والسلام والوحدة الوطنية. ان نجاح المالكي هذا يقينا يعود الى عوامل عديدة، اهمها روح السلام والتوحد التي ظلت متوهجة في اعماق العراقيين رغم الاعاصير التي اجتاحت بلادهم. لكن هذا النجاح يعود ايضا الى شخصية المالكي نفسه وتمتعه بصفات اساسية للقائد السياسي الذي يحتاجه العراق: ـ من الناحية العقائدية، فأنه يتحلى بأهم واول ميزة يجب ان يتحلى بها أي زعيم عراقي: ((الوطنية العراقية...)) فرغم ماضيه الحزبي الطائفي(كأحد زعماء حزب الدعوة) الا ان المالكي وبعد تجربة الحكم، اثبت انه قادر على الارتفاع الى مستوى رجل الدولة العراقي الحريص على تمثيل العراقيين بمختلف تنوعاتهم، والكفاح من اجل احترام الدولة وفرض حضورها في كل انحاء الوطن.. ـ اما من الناحية الشخصية، فان المالكي يجمع بين ميزتين متكاملتين وضروريتين جدا لأي زعيم: ((الحزم والمرونة)). أي انه يتقن الى حد كبير، كيفية التمسك بقراره والاصرار علي تنفيذيه مهما كانت التحديات والصعاب، ثم بنفس الوقت، تجنب الوقوع في الغرور والتعنت والفردية الطائشة، بل الاستخدام الناجح والمحنك لأسلوب الحوار والتشاور والصبر من اجل اقناع الاطراف الفعالة، دينية وسياسية واجتماعية. ( للتذكير، أن الغرور وغياب المرونة والطيش الفردي، ظلت مشكلة اغلب زعماء العراق، امثال عبد الكريم وعبد السلام وصدام، باستثناء الملك فيصل الاول الذي كان قائدا ناجحا، اذ جمع بين الحزم والمرونة).. ـ تحقيق المصالحة، ان المالكي تمكن ان يبني اساسا صلبا للمصالحة بين الشيعة والسنة، من خلال الضرب العادل والحازم للمتطرفين في كلا الناحيتين: قوات المهدي وقوات القاعدة.. ثم الاشراك الفعال للعشائر وابناء الشعب في عملية فرض الامن والحوار والتقارب بين المختلفين، من خلال الصحوات ثم مجالس الاسناد. ـ مجابهة التعصب العنصري، حيث أنه تمكن حتى الآن من الحد من روح الاستحواذ القومي التوسعي للقيادات العنصرية الكردية، وخصوصا في الابقاء على عراقية كركوك. ـ كسب دول الجوار، إذ تمكن وبحنكة وصبر ان يقيم علاقات مسالمة وتعاونية بين الدول المتنافسة المحيطة بالعراق، ونعني بها تركيا وايران والسعودية وسوريا والكويت، بالاضافة الى مصر، ويجعلها تلعب ادوار ايجابية لدعم السلم العراقي بدلا من دعم الحرب الطائفية.. ـ حل مشكلة الاتفاق مع امريكا، فقد تمكن من تحقيق شبه اجماع وطني على عقد اتفاقية امنية مع امريكا، والتوصل الى نوع من الحل الوسط بين مصالح امريكا ومصالح العراق، وتحقيق اتفاقية، مهما كانت عيوبها، فأنها تستحق ان توصف بأنها ضرورية لتجنب اذى الامريكان وخبثهم. واذا تمكن العراقيون من تطوير تآلفهم وخلق قادة وقوى وطنية حقيقية وواقعية، فان هذه الاتفاقية سوف تكون بكل يقين لصالح العراق ومستقبله.... ـ تثبيت مركزية الدولة، اذ انه شرع في الكفاح من اجل تعميق مركزية الدولة العراقية والحد من روح الانفصال والانسيابية المتفاقمة باسم الفيدرالية القومية والطائفية.. عيوب المالكي اما عيوب المالكي فيمكن تلخصيها بالتالي: ـ فساد مؤسسات الدولة، ان المالكي ما زال محاطا بالعديد (ولا ندري كم نسبتهم مقارنة بالمخلصين) من المسؤولين الفاسدين والمرتشين والذي يستخدمون سلطاتهم للاستحواذ على الاموال وافساد الدولة والمجتمع، مثال فضيحة الوزير صولاغ الاخيرة. ولا ندري مدى قناعة وقدرة المالكي على القيام بعملية اصلاح جذرية للتخلص من المسؤولين الفاسدين وتقريب مسؤولين اكثر نزاهة، وخلق مؤسسات حكومية وشعبية تقود عملية الاصلاح والبناء.. ـ الانتماء الحزبي الطائفي، يوجد تناقض غريب بين دور المالكي كقائدة دولة، ودوره كقائد حزبي. فهو كرئيس حكومة يمارس دورا وطنيا خاليا من الطائفية، الا انه لا زال كقائد لـ(حزب الدعوة الاسلامي الشيعي) ضمن دوره الطائفي القديم. (علما بأن هذا التناقض بين الدورين الحكومي والحزبي يعاني منه غالبية قادة العراق الحالي، امثال الطلباني والهاشمي)! اننا فوجئا ان القائمة الانتخابية الاخيرة التي شكلت بزعامة المالكي (قائمة ائتلاف دولة القانون)، تظم سبعة كيانات حزبية، رغم تنوعها القومي لشمولها اكراد وفيلية وتركمان، الا انها ظلت شيعية تماما! ان المراقبين يستغربون كيف سمح المالكي لنفسه الوقوع بمثل هذا الاشكال الانعزالي الطائفي المناقض تماما لكل مواقفه وسياسته الوطنية! لكن ثمة أمل كبير ان يقوم المالكي بخطوتين، اولاهما آنية سريعة، والثانية مستقبلية: ـ آنيا يتوجب العمل بكل الامكانيات من اجل التحالف مع اطراف سنية عربية وكردية وتركمانية بل حتى مسيحية وصابئية وعلمانية كذلك، لكي يحتفظ المالكي، انتخابيا، بدوره الوطني الشمولي الذي يستحقه عن جدارة. ـ اما الخطوة المستقبلية التي لو قام بها المالكي فأنه سوف يدخل فعلا التاريخ، ليس فقط كزعيهم دولة بل كزعيم (امه عراقية) ناهضة. ونعني بذلك ان يشرع بخلق كيان حزبي اسلامي جديد يمثل كل المسلمين العراقيين: شيعة وسنة، عرب واكراد وتركمان وشبك. وللتذكير نقول، ان اكثر من 90% من العراقيين مسلمين، وان الاسلام هو العنصر الحاسم في الهوية العراقية، لأنه يجمع مختلف الفئات العراقية القومية والدينية. ولنا في التاريخ تجارب كثيرة، منها التجربة الاسلامية في تركيا، كذلك الحزب الديمقراطي المسيحي الالماني، الذي بدأ كحزب كاثوليكي ثم تحول الى حزب مسيحي شامل لكل الالمان بعد ضم البروتستان، ثم بعد ذلك اليهود، ثم المسلمين في السنوات الاخيرة، رغم انه بقي يسمى ويعتمد على الخط العام للضمير المسيحي الالماني والانساني. ان عملية التحول التاريخية الحاسمة التي تمر بها بلادنا تعتبر فرصة مناسبة جدا لمثل هذه المشاريع الوطنية الكبرى. على النخب الاسلامية العراقية ان تستثمرها من اجل تحقيق الوحدة الاسلامية الوطنية حزبيا وسياسيا، بعد ان تحققت في الحياة وفي الدولة. نعم أن الشعب العراقي احوج ما يكون الى اسلام وطني عراقي جامع للشيعة والسنة، العرب والاكراد والتركمان والشبك، ولما لا ايضا المسيحيين والصابئة واليزيدية؟! ـ الموقف السلبي من الثقافة والمثقفين، من المؤسف ان المالكي ومجموعتة لا زالوا مثل جميع القيادات السياسية العراقية، حكومية ومعارضة، تقف موقفا سلبيا، ان لم يكن عدائيا، إزاء الثقافة والمثقفين! انهم مثل جميع القادة العراقيين، لا يهمهم من الثقافة والمثقفين، غير الاعلام والاعلاميين. ليعرف المالكي انه لن يصبح قائدا وطنيا حقيقا ويلعب دوره التاريخي المطلوب الا بعد ان يتقرب ويتعاون ويستشير النخب الثقافية، مثلما نجح بالتعاون مع النخب السياسة والعشائرية والدينية. لا زال معاونوا المالكي المعنيون بالثقافة والاعلام اناس انانيون ضيقوا الافق ولا ينظرون ابعد من مصالحهم الشخصية والحزبية والطائفية، اما مصلحة الوطن وثقافته وسمعته فهي آخر اهتماماتهم. ان المثقفين العراقيين في الداخل، وخصوصا في الخارج، لا زالوا يعانون الفاقة والحرمان من ابسط الدعم المادي والمؤسساتي، وهم عرضة لمعانات الحياة وضغوطات ومذلات ومغريات الاطراف العنصرية والمعادية للوطن التي تشتري بعضهم بأبخس الأثمان من اجل ان يبيعوا ضميرهم الوطني ويدبجوا المقالات التي تمتدح السياسة العنصرية والانفصالية والتدميرية. ان تاريخ الامم والدول، يؤكد ان جميع المشاريع العظمى الناجحة، ما تمت الا بالتحالف بين السياسيين والمثقفين. وان اهم ميزة لدى جميع القادة الكبار الذين خلدهم التاريخ، هي قدرتهم على كسب المثقفين وبناء مؤسسات ثقافية واكاديمية، واستشارتهم والاعتماد عليهم في التفكير والتخطيط للمشاريع الوطنية. يكفي التذكير بأن قادة العراق الذين خلدهم التاريخ هم من حقق مثل هذا التعاون، امثال حمورابي وآشوربانيبال ونبوخذنصر وهاورن الرشيد والمأمون وفيصل الاول.. ـــــــــــــــــــ حول مشروع(الاسلام العراقي)، راجع ملفنا في مجلة(ميزوبوتاميا): http://www.mesopotamia4374.com/adad12/fahrest12.htm | |
|