الشيعة يطالبون بـ«انسحاب أميركي مسؤول» والسنّة والأكراد يحذّرون من «حرب أهلية»
بغداد - عمر ستار الحياة - 11/02/09//
تباينت آراء الاطراف السياسية في العراق حول الخيارات المطروحة امام الرئيس الاميركي باراك اوباما بشأن انسحاب القوات الاجنبية من العراق. وفيما رحبت بعض الاطراف بفكرة «الانسحاب المبكر» ترى اخرى ضرورة التقيد بمواعيد «الاتفاق الامني» المبرم بين البلدين وان يكون «انسحابا مسؤولا».
وكانت وزارة الدفاع الاميركية اعلنت أنها أعدت ثلاثة خيارات بشأن سحب القوات من العراق، تتمحور حول المدد الزمنية، ويحدد الخيار الاول المدة بـ16 شهراً، والثاني بـ19 شهراً، والثالث بـ23 شهراً سيتم تقديمها الى الرئيس الاميركي الذي كان تعهد خلال حملته الانتخابية بسحب القوات الأميركية خلال 16 شهراً منذ توليه السلطة في البيت الأبيض.
كتلة «الائتلاف العراقي الموحد» رأت ضرورة «التمسك بالمواعيد المتفق عليها مسبقا من خلال الاتفاق الامني» وقال القيادي في الكتلة الشيخ حميد معلة لـ «الحياة» ان «الائتلاف يريد انسحابا مسؤولا ينسجم واتجاهات القيادة العراقية وبرامجها في بناء قوات عراقية قوية قادرة على تسلم الملف الامني». واضاف ان «القادة العسكريين في البلدين وضعوا المواعيد بالاتفاق, وبالفعل هناك حاجة لمزيد من الوقت لترتيب الانسحاب، ويجب ان يلتزم الجانبان بالاتفاق الامني».
الرأي نفسه عبرت عنه «جبهة التوافق» لكنها اعتبرت ان «اي انسحاب مستعجل من شأنه احداث فوضى في البلاد وتركها بيد الميليشيات وعرضة للاجتياح الايراني».
وقال عضو الجبهة احمد العلواني في اتصال مع «الحياة» ان «العراق يفتقد الاجهزة الاستخباراتية والعسكرية المتطورة، وهي غير مؤهلة لادارة الملف الامني بمفردها. لذا فإننا ندعو الى عدم الاستعجال بسحب القوات الاميركية». واضاف: «حتى المواعيد المحددة في الاتفاق الامني قد تكون غير كافية لبناء الاجهزة الامنية لأنها مخترقة وتفتقد الى التوازن المطلوب» ولفت العلواني الى «ان تطبيق وثيقة الاصلاح السياسي التي اقرت مع الاتفاق الامني من شأنه ان يجعل الانسحاب الاميركي من البلاد غير مؤثر».
الرؤية السياسية للاكراد اكثر تشاؤما بشأن الانسحاب الاميركي المبكر من العراق. وكان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني قال أخيراً ان الانسحاب المبكر قد يقود الى حرب اهلية. ويرى القيادي الكردي محمود عثمان ان «انسحابا اميركيا سريعا وقبل المواعيد المحددة متوقع في ظل توجهات ادارة اوباما، لكن العراقيين يطلبون انسحابا مسؤولاً. وعلى الولايات المتحدة التزامات كثيرة في العراق يجب الايفاء بها».
في المقابل تطالب اطراف سياسية اخرى بتعجيل انسحاب القوات الاميركية من العراق وان يكون «فوريا» كما هو الخطاب السياسي للتيار الصدري و «جبهة الحوار الوطني».
ويقول الناطق باسم «جبهة الحوار» محمد الدايني لـ «الحياة» ان «ما يجري الحديث عنه حول عدم جاهزية القوات العراقية واحتمالات حدوث حرب اهلية بعد انسحاب القوات الاجنبية هو كلام للاستهلاك الاعلامي» لاقتاً الى ان «العراقيين قادرون على ادارة شؤونهم بعيدا عن التدخلات الخارجية». ويضيف: «نريد انسحاب هذه القوات اليوم قبل الغد، لكن اميركا لم تأت الى العراق وتخسر كل هذه الاموال والجنود كي تتركه بسهولة» مشيراً الى ان «جماعات الضغط لن تسمح لاوباما باتخذ مثل هذا القرار. فأولويات اميركا في المنطقة هي امن اسرائيل وتأمين النفط. لذا نعتقد انها لن تنسحب قريباً».
ويتفق موقف تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مع هذا التوجه. وكان الصدر اعتبر ان الاتفاق الامني «اتفاق استسلام» وطالب بالانسحاب الاميركي السريع من العراق.
وتخشى مصادر سياسية وعسكرية اميركية ان يشجع الانسحاب الاميركي المبكر من العراق ايران على الاسراع في ابتلاع هذا البلد في ضوء عدم اكتمال قدراته وبناء قوات قادرة على حماية حدوده وحفظ امنه الداخلي، فيما ابدى مسؤولون اميركيون عن تدريب القوى الامنية العراقية أخيرا تشاؤمهم من امكان اكمال برامج تدريب وتسليح الجيش والشرطة العراقيين في ضوء عجز في الموازنة العراقية يصل الى 30 في المئة.
يشار الى ان الحكومة العراقية كانت وقعت نهاية العام الماضي اتفاقا امنيا مع الولايات المتحدة يقوم على اربع مراحل، تنص الاولى على نقل الملف الامني لـ «المنطقة الخضراء» الى السلطات العراقية، يعقبه تسليم المعتقلين في السجون الاميركية الى الحكومة العراقية، وانسحاب كامل من المدن بحلول حزيران ( يونيو) 2009، وتنص المرحلة الاخيرة على جلاء جميع القوات الاميركية من العراق نهاية 2011.