برلمان اقليم كوردستان هل يَنصف شعبنا الكلــداني ؟بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.noلا يخف على كل ذي نظر الموقف الأنساني المشرف لاقليم كردستان ، رئاسةً وحكومةً وبرلماناً وشعباً ، مما تعرض له شعبنا الكلــــداني ، من عمليات الترهيب والأغتيال والتهجير ، ليس شعبنا الكلداني فحسب ، إنما كل مكونات الشعب العراقي .
كان أقليم كردستان الأرض الطيبة التي احتضنت جميع أطياف الشعب العراقي دون تفرقة او تمييز . ربما كانت التكهنات تدور حول وجود إحساس بالأنتقام لدى طبقات الشعب الكردي كحاصل منطقي لما طال هذا الشعب لعقود مضت حيث كانت كردستان ، بقراها واريافها ومرابضها ومزارعها ، ساحة مستباحة لعمليات عسكرية دائمة ، لكن باستمرار كانت القيادة الكردية وعلى رأسها القائد الكردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني يؤكد ، إن خلافنا ليس مع العرب ، إنما هو مع الحكومات .
وهكذا اثبت الشعب الكردي انه شعب محب للحرية والبناء والتعايش السلمي مع جميع الأطياف العراقية في الوطن العراقي .
شعبنا الكلــــداني قطن هذه الديار منذ سحيق الأزمنة ، وتعايش مع كل مكونات هذا الشعب عبر الحقب التاريخية وكان يشكل البعد الأنساني المسالم لتقارب وتعايش كل فسيفساء نسيج المجتمع العراقي الجميل .
بعد تفكيك الدولة العثمانية ، صوّت شعبنا الكلداني لانشاء دولة عراقية ملكية دستورية ، وكان للكلــدان نصيب كبير في البرلمان العراقي في العهد الملكي ، إضافة الى مجلس الاعيان المتكون من 20 عيناً كان واحدهم بشكل مستمر ممثل من شعبنا الكلداني ، وكان في اغلب الأوقات غبطة البطريرك المسؤول الأعلى للكلــــدان في العراق والعالم .
إن هذه الحقوق قد تبخرت بعد الحكم الجمهوري ، إذ لم يعد وجود لمجلس الأعيان او لبرلمان حقيقي ، فكان حقنا نحن الشعب الكلــــداني قد تبخر مع حقوق الشعب العراقي عموماً بما فيهم الشعب الكردي الشقيق .
بعد سقوط النظام في نيسان 2003 تأملنا ان تعود حقوقنا وتمثيلنا الحقيقي حسب الثقل الديموغرافي الذي نمثله نحن الكلدانيـون ، لكن الحاكم الأمريكي بريمر همش حقوق شعبنا الكلداني ومنحها لحزب آشوري متشدد ، وهو يعترف بمذكراته بفعله المنافي هذا . ومن يومها بدأ الأخوة الآشوريون ، يعملون جاهدين لمسك زمام الامور في مصير شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين بأيديهم .
نحن لسنا ضد ان يحكمنا الآشوريون ، لكن ان يكون في حكمهم نوع من العدالة والأنصاف والندية والتكافؤ ، فنحن الكلدانيون وقفنا الى جانبهم منذ هجرتهم الى العراق في مطاوي الحرب العالمية الأولى ، حيث اتخذت القبائل المهاجرة الأسم الآشوري لعرض قضيتهم في المحافل الدولية ، كشعب طاله التهجير والقتل والتنكيل ، ومنحوا الاسم الآشوري لتمييزهم عن المسيحيين من الكلدانيين والسريان الذين لم يكن لهم اي إشكالات . نحن مع منح إخواننا الآشوريين كل الحقوق ، لكن لسنا مع تهميش شعبنا الكلداني تحت ذريعة إننا شعب مسيحي واحد .
نحن نعلم ان رئاسة وحكومة وبرلمان كردستان لا يفرقون بين المكونات العراقية عموماً ، وبين المسيحيين انفسهم ولهم مواقف انسانية كريمة مشهودة حول ذلك ، لكن لا بد ان يكون هنالك نوع من التحديد ، فمثلاً فضائية عشتار التي ينبغي ان تكون ناطقة لكل المسيحيين دون تفرقة او تمييز ، نراها قد اصبحت آشورية حصراً ، وإن المساحات الأخرى غير الآشورية فهي كردية وعربية وتركمانية وأرمنية باستثناء الكلدانية ، فالأخوة الأشوريون قد نسوا أنفسهم أنهم كانوا يوماً مضطهدين ومهمشين ، وهم اليوم يقومون بتهميش الكلدان في كل المناسبات .
كانت التفاتة ذكية ومسؤولة من برلمان أقليم كردستان حينما التفت الى الحلقات الضعيفة في المجتمع فكان زيادة حصة المرأة في التمثيل في البرلمان من 25 بالمئة الى 30 بالمئة ، وكان تخصيص مقعد للشعب الأرمني ، وخمس مقاعد لشعبنا المسيحي من الكلــــدان والسريان والاشوريين . نحن لسنا ضد التوحيد لمكونات شعبنا ، لكن هذا التوحيد ينبغي ان يكون على اسس من المشاركة المتكافئة . ولا نريد ان نخرج من المولد بلا حمص دائماً . نحن الشعب الكلـــداني الأصيل في بلاد ما بين النهرين لا نريد ان تهمش قوميتنا الكلدانية ، فنحن السكان الأصليين في هذه البلاد ولم نهاجر اليها . إن الشراكة ينبغي ان تبنى على أسس واضحة مبنية على الشفافية والمصداقية والتكافؤ لجميع الأطراف فلحد الآن لم نلاحظ هذا الشئ ، إن فضائية آشور وفضائية عشتار والأموال المخصصة لشعبنا جميعها بيد إخواننا الآشوريين ونحن تابعبن لهم لا أكثر .
إنني أهيب برئاسة الأقليم والحكومة والبرلمان الكوردستاني ، ان ينصفوا شعبنا الكلــــداني بما يستحقه ، اولاً بإعادة تسميته القومية الكلدانية الى مسودة الدستور الكوردستاني وفي كل المواقع التي يفترض كتابة اسم القومية ، فقوميتنا الكلدانية قومية عراقية اصيلة وعريقة كما القومية العربية والكردية ، وشعبنا الكلــــداني يجب ان ينصف في اقليم كرستان ، إن كان وفاءً لمواقفه المخلصة في دعمه للثورة الكردية بالرجال والمال ، او بالشراكة والعلاقات التاريخية التي تربط بين الشعبين الكوردي والكلــداني عبر التاريخ الطويل .
بقلم : حبيب تومي / اوسلو في 13 / 02 / 2009