هل يقبل الحزب الآشوري المعاصر بالحوار الديمقراطي وقبول الآخر ؟
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no قطعاً لا اقصد هنا الحزب الآشوري الذي اجبر الملك اسرحدون بعد فشل حملته على مصر عام 762 قبل الميلاد ، بتنصيب آشور بانيبال وريثاً للعرش بدلاً من شمش شوم أوكين وهو الأبن الأكبر لاسرحدون ، إنما اعني في هذا المقال الحزب الآشوري المعاصر الذي انبثق في تضاعيف القرن العشرين ، وهي مجموعة احزاب اشورية ، برمتها ، يفتقر خطابها الى لغة الحوار الديمقراطي وقبول الآخر .
قد يكون هذا الزعم غير دقيق بكل معنى الكلمة ، إذ ان هذه الأحزاب ، وأقصد في المقال المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ، ( ثمة إشكالية عسيرة بإيجاد إطار يعبر عن المجلس الشعبي ، هل هو حزب سياسي ؟ ام منظمة للمجتمع المدني ، وبنظري إن المجلس نفسه ومفكريه لم يحسموا هذا الأمر فالضبابية في تعريف المجلس لا زلت قائمة ) .
اعود الى مسألة الحوار الديمقراطي مع الآخر ( وقبوله كما هو ) ، قد يكون حكم غير دقيق في ضوء انفتاح المجلس الشعبي والأحزاب الآشورية بشكل عام على الآخر ، فلهذه الأحزاب مساحة معقولة للحوار الديمقراطي في تعاملها مع المكونات العراقية والأحزاب السياسية العاملة في الساحة العراقية ، لكن الحزب الحزب الآشوري بشكل عام لا يملك نفس المساحة حينما يتعلق الأمر بالأحزاب الكلدانية . والأحزاب الآشورية بشكل عام تتسم :
اولاً ـ
فيما بينها ، إذ ان هذه الأحزاب غالباً ما تكون متخندقة لا تقبل اي لقاء او حوار فيما بينها ، وما يكتب عن تمترس هذه الأحزاب واضح جلي بما يطرح من مقالات متقاطعة وما وما يظهر من قوائم انتخابية متنافسة في مواسم الأنتخابات ، فيمكن للاحزاب الاشورية ان تتحالف مع اي قوى عراقية باستثناء لقاء حزب آشوري مع حزب آشوري آخر ، وربما هنالك بعض الأستثناءات الطفيفة لكنها غير ذات اهمية .
ثانياً ـ
تعامل هذه الأحزاب مع شعبنا الكلداني وقواه القومية السياسية ، والكتاب والشخصيات التي لها نزعة قومية كلدانية ، بأنهم متهمون الى ان يثبتوا براءتهم ، فالمعروف ان كل كائن بشري من حقه ان يعتز بانتماءاته القومية والدينية والمناطقية .. الخ ، لكن الأخوة الآشوريون يفسرون النزعة القومية لدى الكلدانيين بأنها عامل تفرقة الصفوف ، في حين يمنحون الحق لانفسهم بامتلاك النزعة القومية الآشورية فذلك لا يشكل خطورة ولا يشكل عامل تفرقة الصفوف بحسب فكرهم الأصولي .
فالحقيقة يعتقدون انها بحوزتهم لوحدهم ، كيف لا ؟ حيث ان الأحزاب الكلدانية لم يكتب لهم الفوز في الأنتخابات وقد حصلوا على 1700 صوت فحسب ، ولو كانوا على حق لكسبوا الأنتخابات ، ولهذا ينبغي ان يرفع الكلدانيون بأحزابهم وكنيستهم ومنظماتهم الراية البيضاء ويستسلموا للاحزاب الآشورية المؤمنة بالوحدة القومية والذين فازوا في كل مقاعد شعبنا في البرلمان الكوردستاني .
إن ما استشفيته من خلال كتاباتي وجدالاتي وردود الفعل من قبل الأخوة في الأحزاب الاشورية ، او من الموالين لهم من الكتاب الكلدانيين الذين مع الأسف اصبحوا ملكيين اكثر من الملك ، أن هذه الأحزاب تريد منا نحن الكلدان ان نتنازل عن نزعتنا القومية ، وأن نرتدي ما يفصّله لنا الأخوة في الأحزاب الآشورية ، حينذاك سيكون مجال ليقولوا لنا :
السلام عليكم .
فما دام حبيب تومي مثلاً مصفقاً للمجلس الشعبي وغيره من الأحزاب الآشورية فمرحب به تنشر مقالاته ويستقبل في الأحضان ، وإن كان حبيب تومي ناقداً فلا مكان له فهو قد انتقل الى خانة الأعداء وهذا ينطبق على كتاب شعبنا الكلداني الآخرين .
بحسب الحزب الآشوري شعبنا الكلداني كان يعيش في العصر الجاهلي المظلم ، وحينما هلّ هلال الاحزاب الآشورية عرفنا منهم ماذا تعني القومية وما هو العمل السياسي ، ومادمنا لا زلنا في العصر الجاهلي فالحزب الآشوري مسؤول عنا ، فنحن لا نعرف كيف تكون الوحدة القومية ، ولا نعرف ما هو اسمنا التاريخي . لقد تكفّل في البداية حزب الحركة الديمقراطية الآشورية بوضع الأسم الآشوري في الدستور العراقي ، لكن جهود هذا الحزب لم تثمر في إلغاء القومية الكلدانية التي تمثل كل مكونات شعبنا من كلدان وآشوريين وسريان (( وأكتب ذلك رداً على مزاعم الأحزاب الآشورية )) بعد ذلك ينبرى حزب اشوري آخر ، وهو حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ليحقق ما فشل به حزب الحركة الديمقراطية الآشورية ، فبعد ان افلح حزب المجلس الشعبي بإلغاء القومية الكلدانية من مسودة الدستور الكوردستاني ، رغم إرادة الشعب الكلداني بأحزابه ومفكريه وكنيسته وأساقفته ، يكتب هذا الحزب اليوم مذكرة الى الشيخ همام حمودي رئيس لجنة إعادة صياغة الدستور يوقعها رئيس المجلس الشعبي الأستاذ جميل زيتو ، يطلب فيها تغيير التسمية من القومية الكلدانيـــــــة والآشورية الى تسمية فريدة لا مثيل ها في تسميات الأعراق واثنيات الشعوب وهي " كلدان سريان آشور " اليس الحزب الآشوري هو الذي انقذنا من العصر الجاهلي ؟
إن الحزب الآشوري قد ارشدنا الى الصراط المستقيم وعلينا السجود له لكي نفوز بالجنات التي تجري من تحتها الأنهار و ...
اما مشاعر الكلدان ورأي احزابهم ومنظماتهم وكنيستهم وأساقفتهم فليشربوا جميعاً مياه البحر استجابة لسادتهم في الحزب الآشوري المعاصر .
شخصياً اتوقع ذلك من حزب آشوري متزمت ، لكن الغرابة تكمن في بيان صادر من منظمة كلدو آشور للحزب الشيوعي الكوردستاني / العراقي ، لكي يتبرع هذا الحزب بالمطالبة بإدراج التسمية الهجينة التي اخترعها الحزب الآشوري في القرن الواحد والعشرين ، فالمفروض بالتنظيم الشيوعي ان يكون ديمقراطي وله فكر متفتح واسع خلاف الأحزاب القومية الآشورية المتزمتة ، فكان يجب ان يؤمن هذا الحزب بحرية العقيدة وحرية الأنتماء وكل الحريات والحقوق المنصوص عليها في لوائح حقوق الأنسان والأقليات ، وكان يجدر بهذه المنظمة " منظمة كلدو آشور .. " ان تحترم وتقدّر مشاعر الاخرين من اخوانهم الكلدانيين ولا يتعاملون معهم بسياسية الدوس على المشاعر وكسر العظم التي تعاملهم الأحزاب الآشورية المتزمتة الأقصائية ، التي لا تحترم مشاعر الأخرين وتعالمهم معاملة القطيع ، كان على هذا الحزب ان ينأى بنفسه من هذا السلوك الغريب عن التعامل الندي والحوار الديمقراطي الذي ندعو له بشكل مستمر .
نعود الى الحزب الآشوري الذي يجبرنا على طاعته باعتباره منقذنا من العصور الجاهلية ، فبجرة قلم مسحوا التاريخ والجغرافية وقرروا في اجتماعاتهم الحزبية ان يكون اسمنا الكلدان السريان الآشوريين ، ومن لا يعجبه فالحيطان موجودة فإن شئت أرنب فهو لك وإن شئت غزال فنصيبك الأرنب . وهكذا قرر الحزب الآشوري في اجتماعه تبديل اسمنا التاريخي الى ما يعجبه من الأسماء .
هذا هو منطق الحزب الآشوري المعاصر ، فلا حقوق إنسان ولا حرية الرأي ولا حرية الأنتماء والعقيدة ولا حوار ديمقراطي ، فقاموس الحزب الآشوري لا يحتوي مصطلح الحوار الديمقراطي او قبول الآخر ، فالحزب قد قرر وعلينا تنفيذ التعليمات وهو الآمر الناهي وصاحب الصراط المستقيم وكان سابقاً يقوم بالواجب الحركة الآشورية واليوم يحرص على الصراط المستقيم حزب المجلس الشعبي .
اقول :
سيبقى شعبنا مهاجراً وممزقاً ما دام الحزب الآشوري يعاملنا بمنطق الراعي والقطيع ، فلشعبنا الكلداني مؤسساته وأحزابه الكلدانية ومنظماته وقوميته وتراثه وشخصيته وكرامته وذاتيته ولا تجدي معه سياسة الترغيب والترهيب ، وإن نجحت هذه السياسية لحين فسوف لن تنجح كل حين .
وعليه سنبقى ممزقين ما لم تشعر الأحزاب الآشورية بانها ليست وصية على شعبنا رغم فوزهم في الأنتخابات ، فالفوز في الأنتخاب يعني تقديم الخدمات لذلك الشعب الذي انتخبهم ولا يخول الفائزين بتغيير تاريخه والدوس على مشاعره القومية ، وعليهم معاملة شعبنا الكلداني وقواه وأحزابه وكنيسته الكلدانية معاملة الند للند ، بمنطق المساواة والتكافؤ وبلغة ديمقراطية شفافة ، وإلا سيبقى شعبنا ممزقاً والسبب هو تسلط الحزب الآشوري الذي ينفر من مفاهيم الحوار الديمقراطي وقبول الآخر واحترامه (( وقبوله كما هو )) وليس كما يريد الحزب الآشوري المعاصر ، فهل يؤمن الحزب الآشوري بمنطق الديمقراطية ؟
أم
((( سيستمر في استفزاز الكلدانيين والدوس على مشاعرهم ومحاربة كنيستهم وتمزيقها ومسح اسمهم وتاريخهم ؟ ))) .
اقول :
إن مؤتمر المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ومقرراته ، ستشكل علامة فاصلة بالسير بنفس النهج الأقصائي او يلجأ الى منطق الحوار الديمقراطي واحترام مشاعر كافة الأطراف وفي المقدمة شعبنا الكلداني ؟
هذا الجواب سنكتب عنه عما تتمخض عنه مقررات المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي وأمام المجلس طريقان :
الأول :
ان يخرج المؤتمر بمقررات جانبية هزيلة مع مقررات أخرى مركزة بشكل رئيسي للاجهاز على كل ما يمت للشعب الكلداني والتركيز على إلغاء القومية الكلدانية من الدستورين وفي الأعلام وسنسمي المؤتمر الثاني للمجلس الشعبي بمؤتمر :
" إلغاء القومية الكلدانية " من الوجود .
الثاني :
ان تتسم مقرراته بالواقعية والموضوعية وفيها جانب معتدل فتكون منصفة ومفيدة للجميع باتجاه خلق شراكة حقيقية امام كل مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والأشوريين بكنائسهم ولهجاتهم وأحزابهم ومنظماتهم دون عمليات إقصاء او تهميش هذه الجهة او ذلك المكوّن ، وحينذاك سنبارك للمجلس مقرراته وخطواته ومسيرته .
والى ذلك الوقت وبعد الطلاع على المقررات ، فسيكون لكل حادث حديث .
حبيب تومي / القوش في 7 / 11 / 2009