مؤتمر النهضة الكلدانية و الإنتقادات الغير ناضجة
بقلم سعد عليبك
ما أن نشر اعلان عقد مؤتمر كلداني عام في ساندياغو للفترة من 30/3-1/4/2011 ، حتى بدأت بعض الأقلام الموتورة بشن هجومها على هذا المؤتمر و على الكلدان الغيارى القائمين عليه و المشاركين فيه.
هذه الإنتقادات و كما هي واضحة لأي قاريء بسيط ، بالإضافة الى كونها غير منصفة و غير بناءة ، فهي وسيلة ليتمكن أصحابها من خلالها الطعن المباشر في المؤتمر و التقليل من شأنه و أهميته، و التشكيك بالداعين اليه و المشاركين فيه ، و من ثم الطعن في الأمة الكلدانية وكل مؤسساتها. وهذه الإنتقادات الفارغة بحد ذاتها دليل على نجاح المؤتمر و دليل أيضاً على ان الكلدان سائرون في الدرب الصحيح.
و بخصوص المؤتمر الكلداني العام اود ان أبين نقطتين هامتين و هما:
1- ليس هناك اي مؤتمر ناجح 100% و كما يريده اصحابه و المهتمين فيه، فمؤتمرات اخواننا الآثوريين مثلاً ، و على كثرة عددها نسبياً، نجدها متناقضة مع بعضها احياناً ، لا بل كل جهة سياسية منها تعقد مؤتمراً و تعتبره شاملاً لكل الآثوريين و ناطقاً ايضاً بإسم الكلدان و السريان و هم لم يشاركوا فيه ، و بعد مرور ايام من انعقاده نجده قد اصبح عبارة عن ورقة اعلامية دعائية تتراكم عليها غبار النسيان و الاهمال.
وحتى المؤتمرات التي تعقد بشكل دوري و على مستوى اقليمي او دولي ، نجد فيها الكثير من النواقص و الأخطاء كمؤتمرات القمم العربية ، و مؤتمرات دول عدم الإنحياز و حتى المؤتمرات المتعلقة بحقوق الإنسان و غيرها.
اذن نجاح أي مؤتمر من عدمه هي قضية نسبية ومعنوية بالدرجة الأولى قبل الدخول في التفاصيل العملية ، لأن المؤتمر مهما كان ناجحاً في تفاصيله و احداثه و نقاشاته و برامجه و بيانه الختامي و كفاءة المشاركين فيه ، كل هذه الأمور تصبح عديمة الجدوى في حالة عدم وجود تطبيق فعلي لمقرراته او العمل بموجبها بعد انتهائه.
2- ان الذين دعو الى ضرورة عقد مؤتمر كلداني عام من السياسيين و الكتاب و المثقفين و المهتمين بالشأن القومي الكلداني يعرفون الحقيقة المذكورة في النقطة الأولى اعلاه ، و يعرفون جيداَ بأن مؤتمر الكلدان الأول هذا سوف لن يكون كاملاً و ناجحاً 100% ، ولا انهم سوف يصنعون المعجزات من خلاله ، ولا ان حقوق الأمة الكلدانية المسلوبة ستسترجع حال انتهاء المؤتمر ، بل بالعكس من ذلك ، فهم يعرفون جيداً بأن هذا المؤتمر الذي سيعقد بالإمكانيات الذاتية الكلدانية المتواضعة ، فيه نواقص عدة فنية و ادارية و مالية ، و ستكون هناك تحديات و صعوبات و عراقيل ترافقه و سيكون هناك من يتربص به أيضاً من جهات سياسية و أذنابها.
لكن من جانب آخر لو افترضنا جدلاً بأن نسبة نجاح المؤتمر اذا ما تم تقييمها و كانت بأدنى مستوياتها ، فهو بالرغم من ذلك سيكون بالنسبة الى الأمة الكلدانية تجربة جيدة للخطو خطوة الى الأمام في المستقبل ، او كما قال لينين" خطوة الى الخلف من أجل خطوتين الى الأمام" ، وهذا طبعاً في اسوأ الإحتمالات.
و لكن من خلال توفرالعديد من النقاط الإيجابية في هذا المؤتمر نستطيع ان نقول بكل امانة بأنه خطوة مهمة في تاريخ الأمة الكلدانية المعاصر. وهذه النقاط هي:
ا- يعقد المؤتمر بإدارة شخصيات و مؤسسات كلدانية ، و دون تدخل اية جهة خارجية في شؤونه.
ب- يعقد المؤتمر بإمكانيات متواضعة دون دعم او مساعدة اية جهة حكومية.
ج- المؤتمر هو كلداني عام ، تحضره نخبة من القوميين و المناضلين السياسيين و المثقفين الكلدان ومن كافة ارجاء المعمورة.
هذه النقاط المذكورة اعلاه تكفي لأن يعتز و يتباهى كل كلداني غيور بهذا المؤتمر ، اما ان كان لدى اي من الإخوة الكلدان اقتراح او انتقاد على نقطة من بيانه الختامي فيستطيع حينها من مناقشتها مع لجان المؤتمر ، اما من يأتي مسرعاً و ينشر عدة اسطر حسب مزاجه و على هواه و يصدر من خلالها أحكاماً مجحفة ومسبقة و هو فوق كل ذلك كله من الكلدان الذين عبروا الى الجانب المناهض للقومية الكلدانية و الكلدان و كل مؤسساتهم ، فهذا هو النفاق بعينه.
ان من له حق الانتقاد لأي مشروع او نشاط قومي كلداني يجب ان يكون منتمياً الى هذا الشعب و يشعر بمعاناته و همومه ، اما الذي تنكر لوجوده القومي ، فلا اعتقد بأن له الحق في التدخل و الانتقاد ، و إن فعل فلن تجد لأقواله آذاناً صاغية ، و المفروض ان يكون أول شيء يفعله هو ان ينتقد نفسه أولاً ، و يصحح مسيرته ثانياً ، و يعود نادماً الى أمته ثالثاً ، حينها يستطيع ان يكون عنصراً ايجابياً في مناقشاته و انتقاداته لفعاليات و نشاطات أبناء أمته.
و ما دام الحديث يدور حول مؤتمر الكلدان ، اقول للأخ الحقوقي أفرام البهرو الذي نشر مقالاً بخصوصه ، نأمل منكم بأن نقرأ لكم كتابات تدافع عن الكلدان و الكلدانية و تطالب بحقوقنا المسلوبة من أية جهة كانت دون خوف أو تردد ، لأن لو سيطر علينا عنصر الخوف فلن يرحمنا الآخرون ، و لن نكون الا مواطنين من الدرجة الثانية ونحن الأصلاء و أصحاب اعرق حضارة في بلاد النهرين. ثم ما الذي بقي لم يقترفه اعداء أمتنا بحقنا من القتل و الاختطاف و تفجير الكنائس و التهجير القسري لكي نبقى اسيري الصمت.
كما ان توحيد خطابنا السياسي مع أية جهة كانت أمر لا بأس به ، شرط أن لا يكون على حساب تسميتنا القومية و تأريخنا و حقوقنا بكافة أنواعها ، و بعكسه فإن الأمر سوف لن يكون أكثر من الخضوع للآخرين و الرضوخ لكل اهدافهم و نواياهم ، و بالتالي سنصبح كتابع ضعيف يتحكم الآخرون في مصيره و مصير أجياله.
أما الأخ كامل عيسى كوندا ، و كعادته فقد خلط أمور عدة في اسطرٍ معدودة ، حيث ينتقدنا و بعض زملائي الكتاب في الإتحاد العالمي للكتاب و الأدباء الكلدان بعدم اجادتنا لكتابة اللغة الكلدانية ، ويقترح بأن يكون كل المدعوين الى المؤتمر الكلداني يجيدون كتابة اللغة الكلدانية ، و كأن المؤتمر هو مؤتمر للغة الكلدانية.
عزيزي كامل : ان تعليم اللغة الكلدانية (كتابةً وقراءة ) في السابق كان مقتصراً على الكنيسة ، و بقيت محصورة في الكنيسة يستخدمها رجال الدين في قراءة الكتب الدينية ، و انت أحد من استفاد منها قراءة و كتابة نتيجة لدخولك المدرسة الكهنوتية قبل تركك لها ، و الدليل انت الوحيد ربما بين زملائكم الطلبة يجيد الكتابة بالكلدانية ، لذا فأنت لست منصفاً في انتقادك لمن لا يجيدها كتابةً و قراءة.
كما انك بالرغم من اجادتها ، الا انك لم تستفيد من اللغة في العمل القومي الكلداني ، و هذا هو الفرق، انت تَعلم اللغة الكلدانية ولا تفيد الأمة الكلدانية بشيء غير الانتقادات السلبية فقط . فإذا كنا نعلم الكتابة باللغة الكلدانية بطلاقة ، ماذا كانت لتفيدنا في قضية المطالبة بحقوقنا السياسية و الإدارية و القومية اذا كنا نحمل أفكاراً كأفكارك؟ .
و ان كنت ترى بأن السبيل الى ارجاع حقوقنا كلها هي فقط في تعلم اللغة الكلدانية (كتابة ايضاً) ، فتأكد بأن دراستها لمدة اسبوع سيكون كافٍ لتعلمها ، و لكن ما بصدده النشطاء الكلدان اليوم هو المطالبة بحقوقنا و ايصال صوتنا و اثبات وجودنا الذي يحاول البعض الغائه ، و قد نجحوا فيه ، و الدليل انك و بعض الإخوة الذين لهم أفكار متشابهة في تنكرها في السابق للوجود القومي الكلداني جعلناهم ينطقون بأن هناك لغة كلدانية و قومية كلدانية و شعب كلداني حي.
و لكي تطمئن و تفرح أكثر !.. أعلمك بأن هناك من المشاركين في المؤتمر ممن يجيدون اللغة الكلدانية قراءة و كتابة و يعرفون كل طلاسمها، كما هناك من يجيد اللغة الإنكليزية و العربية و الكردية و غيرها من اللغات .
أما بخصوص ما ذكرته عن أخينا و استاذنا القدير حبيب تومي ، فإن كان هو أو أي كلداني غيور آخر ، لهو محل فخر و اعتزاز عند كل كلداني بأن ينال أي منصب سياسي أو اداري في الدولة ، فهو سيمثل الكلدان أشرف تمثيل.
و عن احد اسئلتك المطروحة على القائمين على المؤتر و الذي تقول فيه :" ماذا سيقرر المؤتمر؟" ، فهو سؤال اسرع من الزمن! ، لأنه سؤال سابق لأوانه بكثير ، فالمؤتمر لم ينعقد بعد ، ولا يعرف احداً ما الذي سيقرره. و هذا السؤال و اسئلتك الأخرى دليل على أن المؤتمر لا يعنيك بشيء ، و إن تطرقك للموضوع و للأسف الشديد كان فقط للنقد السلبي.
تقبل مني كل التقدير.