هل نحن أصحاب ارض أم ماذا؟
2-3
بطرس نباتي من خلال متابعة وأستقراء لوضعنا نحن الكلدان الاشوريين السريان وخاصة بعد الحرب العالمية الاولى ، نجد أن هناك عدة عوامل جعلتنا نفقد اهم عنصر في تعريف مصطلح الشعب ، ألا وهي الارض ،التي تعرضت ولا زالت تتعرض ألى الانقراض والتلاشي نتيجة عوامل عديدة ،واولهاأشتثاثنا من قرانا وقصباتنا والهجرة الى داخل المدن وبعدها التشتت في اصقاع العالم ، طلبا لأشياء أفتقدناها في الوطن ، وفي مقدمتها الاحساس بالامن والامان ، الشيء الاخر والمؤلم حقا ، رغم قلة عددنا اليوم في الوطن ، الا أننا نشكومن انقسامات حادة تنخر في أجسامنا وأجسام مؤسساتنا ، فعلى الصعيد الديني ، لا زلنا رغم دعوات الوحدة والتوحد منقسمين الى كنائس وملل وطوائف وكل كنيسة تحاول من خلال استغلالها للسلطة الروحية ان تكون ممثلة سياسيا لمجموعة من المؤمنين عن طريق اختيارها لتسمية قومية تشاكس او حتى تعارض بها الكنيسة الاخرى التي تختار أو اختارت تسمية تخالفها ، والمثال على ذلك الكنيسة الاشورية والكنيسة الكلدانية وغيرها من الكنائس التي تشبثت بالاسم القومي لغرض ترسيخ العقيدة الدينية في المجاميع المنتمية اليها .. متجاهلة بهذا نهج المسيحية الاممي ،و بعد دخول التسميات القوميه لشعبنا ، على المسميات الكنسية ، فأصبح من العسير جدا، أن لم يكن من ضمن المستحيل، حصرنا في تسمية قومية واحدة ، اما بالنسبة الى الاحزاب السياسية والرموز والشخصيات التي تشغل مواقع حساسة ومؤثرة سواء داخل مؤسسات الحكومة العراقية أو في اقليم كوردستان ، هؤلاء بأستطاعتهم العمل بشكل أفضل مستغلين تلك المناصب لصالح أبناء شعبنا ، لو عملوا بشكل جماعي متجاوزين خلافاتهم الشخصية والحزبية ، متجردين من مصالحهم الذاتية الضيقة، ولكنهم للأسف وحسب ما نلمسه في أعمالهم ومشاريعهم ، تفضيلهم لمصالحهم الشخصية ومصالح بعض المنتفعين والوصوليين المحيطين بهم ، على المصلحة العامة متناسين ، أن لولا وجودنا كشعب ، لما تم تكليف معظمهم وحسب الاستحقاق وما يحملونه من مؤهلات ، بأن يحتلوا ولو بأحلامهم المراكز الحساسة والفاخرة التي يتربعون ألأن في قممها.
ومن أجل أن لا يكون مقالي هذا مجرد طعن وأنتقاد الحال التي صرنا اليها ،سأتجنب عن ذكر الاسماء ، مكتفيا ببعض التفاصيل التي لا بد من التطرق اليها ،خلال أستعراضي للمشكلة المزمنة ، ألا وهي مشكلة 30ألف دونم من أراضي قصبة عنكاوا ، هذه المعظلة ليست وليدة اليوم كما يتصور البعض ، فأنها تمتد الى زمن النظام المتهريء السابق ،ذلك النظام الغاشم ، كان من سياسته الرعناء ،نشر معسكراته وسجونه وقواعده الجوية في كل بقعة من العراق وخاصة في كوردستان ، لضرب الحركة الوطنية العراقية والكوردستانية ، وكانت أحدى هذه القواعد من نصيب قصبة عنكاوا ، حيث أستولى عنوة على 20 الف دونم من الاراضي الصالحة جدا للزراعة ،لقاء تعويض زهيد لا يتجاوز 1750دينار وسبعمائة وخمسون فلسا للدونم الواحد ، في حينها رفض أصحاب هذه الاراضي ،أستيلام تلك التعويضات ، عندها لجأ الى حيلة اخرى الغرض منها تأجيج الصراع بين أهالي عنكاوا والاخوة الكورد الذين أستولى النظام على أراضيهم ، في قوشتبة وسينالة ، حيث عمد على ، استبدالها ،بألأراضي المستولى عليها في عنكاوا ، بعض مالكي الارض قبلوا بهذا الاستبدال والبعض الاخر، وهم الاكثرية ،رفضوا ان تستبدل اراضيهم بالاراضي الزراعية العائدة الى أخوانهم الكورد، بعد ترحيلهم منها عنوة ، فبقوا بدون أي تعويض ، رغم وجود مسؤولين حزبين أو حتى وزراء او في قيادة الثورة المنحل أنذاك من أبناء شعبنا ، الا أنهم رفضوا في حينها ،تقديم أية مساندة لمطاليب أهالي قصبتنا ،ولم يوصلو حينها شكاوى أهلنا الى الجهات المسؤولة سواء في وزارة الزراعة أو في وزارة الدفاع وغيرها ، هكذا حرم أباؤنا وأجدادنا من اعز ما يملكه الانسان ألا وهي الارض، بينما تم تعويض غيرهم أبان السبعينيات عن اشجار البساتين ،وحتى عن اشجار البلوط البري ، بعد أنتفاضة أذارالمجيدة ،وأنهيار سلطة البعث ومؤسساتها ومعسكراتها ، عاد أصحاب هذه الاراضي اليها بفرح غامر وبقرار من الجبهة الكوردستانية ، وصرفوا مبالغ طائلة على أصلاحها وأزالة مخلفات تلك المعسكرات والقواعد العسكرية ، ولم تمض سوى سنوات قليلة على تمتعهم بزراعتها ،حتى حرموا مرة أخرى منها ،هذه المرة ، اختلفت عن سابقتها ، على ذات المساحة تم أنشاء مطار أربيل الدولي ، ما لا يستيع أحد أنكاره كون هذا المشروع حيوي ومفيد جدا لأنعاش ألاقليم من كافة النواحي ، ولا أحد باستطاعته التشكيك أو التقليل من أهميته وأستراتيجيته ، هذا المشروع الرائع، لا بد وأن يؤثر أيجابا على مجمل المنحى الاقتصادي والاجتماعي للأقليم كله،ولكن للأسف المساحة المسشتغلة من قبل المطار الدولي وما تبعها من مساطحات التي تمت على الاراضي المحيطة به وحتى مشارف عنكاوا ، لم تبقِ من أراضي هذه القصبة شيئا يذكر، وكل هذه المساحة يتم أستملاكها وأطفائها بموجب قرارات مجحفة ومن دون تعويض أصحابها لحد الان ، ومرة أخرى بدأت سلسلة من المراجعات والمخاطبات وهذه المرة تبنت جمعية مار عودا الزراعية مشكورة عبأ تكوين لجان للدفاع عن أراضي عنكاوا والتي تشكلت من ممثلي الاحزاب السياسية وبعض الشخصيات المستقلة لمفاتحة الجهات ذات العلاقة لرفع الغبن ، وكل الجهات والمؤسسات التي تمت مراجعتها ، يتفقون على أن هناك أجحاف بحق أهل عنكاوا وهم متفقون على ضرورة تلبية كافة حقوقهم ، وأتذكر في بداية هذه المشكلة ،كيف كان أحد اعضاء برلمان كوردستان وهو الاخ( شمائيل ننو) ينبري مدافعا في معظم جلسات برلمان كردستان، لا فقط عن اراضي القصبة، وانما عن كافة الاراضي التي يملكها شعبنا ويعتبرها خطوط حمراء ، ويستنكر حتى في أستغلالها من اجل اقامة المشاريع ذات النفع العام ،معلالا نظرته هذه بأن لولا الارض لما أعترف بنا كشعب له خصوصياته القومية والتاريخية ،أما بالنسبة الى اراضي القصبة أحد المسؤولين من أبناء شعبنا كان يصرح بأنه يتمكن لوحده من حل جميع الاشكالات وتعويض أصحاب الاراضي ،وأن عجزت حكومة الاقليم عن ذلك ، فأنه سوف يستلمها من المنبع ، ولا أدري ماذا كان يقصد بالمنبع هل هو خزينة العراق أم من الخزينة الامريكية التي لا يزال فلاحونا ومزارعونا يطلبونها مبالغ المزاروعات التالفة تحت عجلات الياتها في عملها لتحرير العراق أو غزوه، ولكن وعوده تلك لم يتمكن من تحقيقها ، وسأورد اسباب عدم مقدرته وتهاون غيره في خاتمة مقالي هذا، بعدها ألتجأت اللجنة الى مراجعة بعض كبار رجال الدين الذين بدورهم ألتجأوا الى مخاطبة مسؤول اخر من ابناء شعبنا يحتل مركزا مرموقا في حكومة اقليم كوردستان وبعد سلسلة من المخاطبات والترجي ، تم تشكيل لجنة خاصة لمعالجة المشكلة وقد سعت لجنة جمعية مارعودا الزراعية على ضرورة ان تضم اللجنة المشكلة لمناقشة مشكلة اراضي مطار اربيل شخصان يمثلان اصحاب الاراضي ، ألا أن اللجنة المذكورة اتمت عملها بدون أن تسمح لهما بأبداء الرأي او مناقشة القرارات التي توصلت اليها ، والتي لم تقدم اية حلول جذرية وشاملة لهذه المشكلة ، بينما ظل التوسع العشوائي يبتلع معظم الاراضي والممتلكات العائدة الى عنكاوامن جميع اطرافها ،ورغم سعي لجنة متابعة مشاكل الاراضي وجمعية مارعودا الزراعية ،للحصول على مقابلة قصيرة مع المسؤول الكبير والذي لا تتخذ أية قرارات ولا تنفذ اية مشاريع في قصبتنا العزيزة ألا بعد الحصول على أذنه وموافقته ودعمه ، ورغم ان هذه المشاكل تخص شريحة واسعة من اهالينا في القصبة ،للأسف أقول أن الحواجز التي تحيطه حالت دون اللقاء به وطرح ما يستجد من هذه المشكلة وغيرها امامه لغرض ايجاد الحلول المعقولة لها ،في المقال السابق تناولت بالتفصيل سقوط المادة الرابعة من قانون رقم 20 وعدم درجها ضمن مسودة القانون الجديد،وكيف أن أحد أعضاء برلمان كوردستان أنبرى ليناقش رئاسة البرلمان والتي لم تسمح له بمتابعة نقاشه ،مرة اخرى ورغم أعتزازنا بمبادرة صديقنا العزيز ولشخصه ، ألا أنه كان من المفروض ان لا ينبري مدافعا عن هذه المادة لوحده حيث لنا (أربعة ) أعضاء أخرون أضافة الى أعضاء من الكتل الاخرى متعاطفين ومؤيدين لمسألة وجوب طرح مسألة التعويضات ،كان الاولى أن يتم طرح هذه المشكلة بشكل جماعي ليكون لها مردودا أكبر ، ونأمل من الاعضاء الاربعة الذين لم يؤازرو طرح زميلهم ، أيضاح مواقفهم في رد او أيضاح على مقالي هذا ونأمل من الاعضاء الخمسة الذين يمثلون شعبنا في برلمان أقليم كوردستان وكذلك الاعضاء الاخرين في المجلس الوطني العراقي، أن يكونوا أكثر تماسكا ، لأن في وحدتهم قوة لنا جميعا ، وأذا كان خطابهم مشتت هكذا، وكل يريد أن يحقق لنفسه بعض التقدم على زملائه لعله يحرز على ثقة بعض ناخبيه ، هذه الحال لا تنطبق على الاشخاص أو الرموز التي تعاملت بشكل أو بأخر مع المشاكل الخاصة باراضي قصبة عنكاوا لوحدها فقط ،أنما تشتتنا وحالة أنعدام الثقة فيما بين رموزنا وأحزابنا ورجالات كنائسنا والتفرقة التي نحن عليها اليوم ، أثرت وستؤثر في عدم أيجاد حلول لما نعانيه من مشاكل وما يهدد شأننا القومي ووجودنا كشعب له كل هذا الامتداد الحضاري على هذه الارض المعطاء ، والفرقة التي نعاني منها واتساع الهوة بين رموزنا ومن يمثلنا في المؤسسات الحكومية وغيرها جعلت ،كل شخص يدعي بأنه يتحرك بمفرده وبمعزل عن الاخرين وأنه يبذل ما في وسعه من أجل خدمة شعبه لكي يقال أن فلانا يسعى أكثر من الاخرين ،وأن تكون كافة الامور والتدابير متعلقة به وحده لا يشاركه فيه أحدا ، فأذا ما حقق مكسبا متواضعا في حل مشكلة صغيرة تواجه البعض ، صار في نظرهم بطلا وعظيما يستحق أن يسجد له الجميع ، وأن أنتكس ولم يحقق شيئا أوعز ذلك الى عدم تجاوب الاخرين معه ، هذه حالة مرضية ، نخرت فينا منذ عدة عقود من الزمن نتيجة التشرذم وألأنقسام التي يعيشها أبناء شعبنا اليوم ،ولو أستمرت سوف نشهد مزيدا من التردي ومزيدا من الاوضاع السيئة لشعبنا في حاضره ومستقبله.