عندما يغفر الانسان لنفسه فعل جريمته!!!
بقلم يوحنا بيداويد
ملبورن – استراليا
14 شباط 2009
youhanamarkas@optusnet.com.auفي هذا العصر المتردي الذي طوت النظرية النسبية بين لِحافها جميع القيم المطلقة والثابتة ، فاصبحت الحياة صعبة لمن تعود على العمل بالموضوعية والضمير والتعاليم الدينية والحكمة والعقل.
في هذا العصر الذي اصبح كل ممنوع مسموح به بعدما كان مرغوبا به من باب الفضولية. انها مصيبة كبيرة ان تصبح تعاملات الانسانية مبنية على الميكافيلية و البراغماتية عوضاً عن كل القوانين والقيم والتعاليم المقدسة التي عرفها الانسان عن طريق الاديان او التي وضعها بنفسه عبر تاريخه الطويل في البحث عن الحقيقة.
اصعب ما يكون في هذا العالم هو ان تقود هذه الحضارة الانسان الى عالم الغابة بعدما وضع كل العباقرة والقديسين والرسل والمصلحين والحكماء والملوك والقادة العسكريين كل جهودم من اجل ايقاض الانسان من سباته واحياء ضميره وترويض نفسيته الحيوانية وكيانه كي يستطيع امتلاك مجتمع متحضر مسالم.
و الذين عملوا من اجل تعليم وتربية الانسان على القيم الحضارية والانسانية الجامعة التي لا تفرق بين الانسان واخية بسبب الجنس او قرابة الدم اوالشكل اوالمذهب او القومية او اي نوع من الهوية .
ولكن هيهات هيهات
فالانسان الجديد الذي يبدو تلمذ على ايدي نيتشه وامثاله الذين جعلوا من الغريزة والقوة وحب الذات ثالوثا ًمقدساً في عالم تحركه فقط المصالح والدولار.
المشكلة الرئيسة التي لا يدركها البعض هي ان اي عالم بدون نظام القيم والاخلاق والاديان يصبح كأي نظام فيزيائي- طبيعي عالما غير متوازن اي مفقود السيطرة عليه ، عالما مثل عالم الغابة في عصر الانسان الحجري الذي كانت الغريزة والقوة من صفاته الاساسية. فيا لمصيبة الانسانية اليوم حتى الاطفال لهم رغبة في اللعب بالسلاح. اما عن خطورة الاسلحة المصنوعة المتكدسة الحاضرة للتفجير لا يعرف عددها وانواعها وشدة خطورتها احد(1 )
ومن يغفر لنفسه خطيئته كما يحلو له بلا شك يكون قد تعمذ وتلقح على مثل هذه المبادئ. والمشكلة الاكبر عندما يكون ذلك الخاطئ من المختارين او يحسب من اصحاب مصدر الهام بين مجتمعه وهو لا يلتزم بها .
هذه الصور والاوصاف قد تبدو فيها نسمة تشاؤومية ولكن من يتمعن في عجلة الحياة اليوم جيدا لا يرى احيانا فيها الا تطبيقا للمقولة المشهورة للفيلسوف ول ديورانت ( ان لم تكن ذئبا اكلتك الذئاب).
املنا ان يعي كل انسان الى مسؤوليته ودوره وان يكون امين على القيم والمبادئ السامية التي تزرع الخير والمحبة بين الانسانية بعيدة عن البراغماتية والفكر النيشتوي وتلاميذته ونصوصهم الخبيثة التي تريد من الانسان ان يتحرر من كل القيم مهما كان مصدرها او نوعها او فائدتها.
املنا ايضاً من مَن يعلم الناس الحكمة والمعرفة والقيم والاخلاق ان يكون هو اول من يلتزم بها قبل ان يعلم ويبشر بها، وان لا يكون كمثل زقة خالية من معانيها. فأكبر الجرائم هي ان يكون الحاكم على الجريمة هو فاعلها او محللها لنفسه.
فالسرطان ينمو من خلية واحدة . فقط نذكر اخوتنا القراء بمقولة : ان الوقاية خير من العلاج.
------------------ -
1- سئل اينشتاين في احدى المرات عن الحرب العالمية الثالثة واسلحتها، فقال لا اعرف كيف ستكون اسلحة حرب العالمية الثالثة ولكن اعتقد ان سلاح حرب العالمية الرابعة ستكون الحجر والعصا!!!!!!!