هل إننا منصفون عندما نختلف مع ألأخرين من أجل قضيتنا ؟
باسم دخوكة
علمتنا الحياة قبل الكتب و علمتنا التجارب قبل الأطلاع أو بعده , لا ضير . تعلمنا بإراداتنا حينا ً , و تعلمنا رغم عنا حين أخر . نحن شعب تثقف بالرغم عنه في أكثر الأحيان . تثقف من كثر المعانات و المأسي التي طرقت على باب حياته , بل و اقتحمت حياته عنوة في أكثر الاحيان , و لم تترك له الخيار .
التجارب الكثيرة التي مررنا بها لم نستفيد منها الا القليل , و أضرتنا بالكثير . تخيلوا.. حكم مستبد حكمنا لخمسة و ثلاثون عاما ً لم نتعلم من التجربة المريرة سوى : إن الديمقراطية تعني ما تمتلكه من مقدار القوة و السلطة التي تستطيع من خلالها فقط أن تثبت حقوقك , حتى و ان كان ذلك على حساب حقوق أخرين شاركوك الهموم يوما ما لكونهم لا ينتمون الى دينك أو قوميتك أو حزبك السياسي . عجبي على هذا المفهوم و الذي اصبحنا نتباهى به و كأنه تاج فوق رؤوسنا و الحقيقة هو: عار على جبين كل من ناضل ضد الدكتاتورية يوما ما .
ما أكثر الخلافات و ما أعظم الأختلاف الذي يعاني منه شعبنا العراقي عموما ً , و شعبنا الكلداني الاشوري السرياني خصوصاً .
شعبنا الكلداني الأشوري السرياني الذي يعاني من كل انواع الإضطهاد بحقه و إن أردنا تعداده فليس هنالك اسهل من ذلك لنفعلها سوية و نضعه تحت تسلسل رقمي :
1- اضطهاد ديني من قبل جماعات دينية متطرفة .
2- اضطهاد قومي من قبل قوميات كبيرة ومتعددة .
3-اضطهاد سياسي يتعامل مع الشعوب على اساس عدد النسمة و ليس على أساس إن حقوق الشعوب لا تقاس بعددهم بل بوجودهم .
و إضطهاد اخر نعانيه ( مرير) و أكثر ألما ً لنا وهو: ان احزابنا السياسية أو قادتها تتصارع في ما بينها على ما قد يرثه هذا الشعب المسكين . و إضافة على ذلك إن مثقفينا و كتابنا و بعظهم يسمي نفسه بأسماء و ألقاب تخيفنا حقا ً .. منهم من هو عالم في الصحافة , منهم من هو استاذ فلسفي و أخر تاريخي أو جغرافي و .....إلخ , وكم تمنيت أن يكتب أحدهم ليقول : إحكموا عليِّ من خلال رؤيتي أو وجهة نظري . من دون أن يذكر لنا عظمته , ألا تبرهن أفكاره عن مستواه ؟!
كما هو الصراع بين القادة الكبار , هكذا هو الصراع بين صانعي الكلمات , بل وإن الصراع أصبح أشد بين مثقفي شعبنا مما هو بين القادة . و في النهاية الإختلاف هو على حقوقنا كيف ننالها ومن هو أولى ليستند إليه حق المطالبة ؟
والمبكي إن حق المطالبة ضاع ( ولأكون متفائل قليلا ً) و أقول : كاد أن يضيع بين أقلام حولت الصراع من أجل الحق والحقوق الى الصراع بين أقلام لتمجيد هذا وذاك , و أحيانا ً على حساب الحق والحقيقة . ولا ننسى بأن نضيف و لأجل إثبات الوجود لهذا الكاتب أو ذاك . والكل حسب امكانياته و خبراته و إسمه , و أللهم ..( نجنا شر من أحسنا اليه بذكر محاسنه) .
الحقيقة التي قد لا أكون أنا من يكتب هذه الكلمات يمتلكها , أو يحق له ألأدعاء بملكيتها , و لكن لي الحق بكل تأكيد طرح وجهة نظري البسيطة التي لا تساعدني مواهبي أو علاقاتي بالقادة الكبار على اثبات أحقيتها أو بطلانها . فأنا أود أن أعرفهم عن البعد , فهذا يفسح لي مجال أكبر لأتأملهم و أشاهد أعمالهم و أنتقدهم أيضا ً . كما تعلمون فأنا انسان وقد ُيغريني و ُيثيرني و يستهويني الجلوس مع القادة الكبار . قد أضطر أن أسألهم كما يشاؤون و أجاملهم أكثر مما يستوجب , و أسبقهم بالرد الإيجابي على سؤال محرج يمسهم , خصوصا ً إذا بدت لي إن ملامحم تعبر عن عدم الرضى أو الكدر , فأسرع بالقول :هذا ما يقال و أضيف كما يعلم سيادتكم إن أكثر ما يقال هو إفتراء بحق سيادتكم .
و لهذا يا سادتى قال سيدنا المسيح ؛ ( ومن أفعالهم تعرفونهم ) .
فالكلام ما نفعه و إن لم يأتي بفعل ؟ و إن انتقدنا الأخرين بأفعالهم , ألا يجب علينا أن نكون قد قدمنا نحن أفضل مما فعلوا ؟ ومع ذلك , أليس الأفرض بنا أن نتحدث عن انجازاتنا بدلا ً من أن نتناول ماذا يفعل الأخرين ليوقفوا تلك الإنجازات ؟ عجبي من هؤلاء السياسين وهم عندما يخطبوا الى شعوبهم يعظمون انفسهم و يحتقرون الأخرين , كأن المهمة أو الدور القيادي الذي يقومون به لن يكتمل الا إذا قارنوا أفعالهم بأفعال الأخرين . وما أضعفهم إيماننا ً بدورهم عندما يقارنوه بدور من يعتقدون انه لا يعمل من أجل ألأمة .
غريبة هذه التناقضات التي نعيشها في أراء بعض القادة من أحزابنا السياسية . غريبة إنهم يفتخرون بكرسي في البرلمان و يتحدثون عن حكومتنا ( الوطنية ) وكأنها ملاك !
إن أكثر من نصف شعبنا غادر من مناطق تحكم من قبل هذه الحكومة العظيمة .
غريبة هذه السياسة الملعونة و التي تجعل البعض منا كالحرباء يغير لونه وشكله كلما اقتضت مصالحه .
غريبة إنهم كلما صرحوا بأن الوضع يتحسن يقتل لنا إبن و أكثر في بغداد و البصرة و الموصل .
غريبة أن يحضروا مؤتمرات الأنتخابات للرئاسة الأمريكية و شعبنا يعاني من سلب بيوته و ارغامه على المغادرة أو القتل .
غريبة إن من ُأنتخب يعتقد و كأنه ( ُمنزل من السماء ) ينسى و يتناسى ان هنالك انتخابات أخرى قادمة , أم سوف نقوم بعملية إستفتاء كما كان يحدث في زمن البعث الفاشي ؟
غريبة لسياسي أن ُيخون من يختلف عنه و هو يؤمن بالديمقراطية حسب إدعائه .
غريبة الكلمة التي يرددونها المنتسبي الى قافلته السياسية كلما خالفتهم الرأي وهي : كم دفعوا لك ؟ أو بكم إشتروك ؟
و بإعتقادي إن من يوجه هكذا إتهام لغيره يكون هو نفسه معروض للبيع .
فرسالتي البسيطة الى من يمثلنا في البرلمان الغير ... . : كن معلما ً و أخا ًو صديقا ً, و لا تطالب الأخرين ليكونوا أغنام في قطيعك , تقودهم كما و أين ما تشاء ؟ أو أعلن عن موقفك من منبر البرلمان وتحدث عن شهدائنا و هم كثيرين و صرح : أنتم لكم من يحميكم فمن يحمينا نحن في وطن لا توفر فيه الحكومة الحماية لشعبها ؟ الا تحتاج الأقليات الصغيرة الى حماية أكبر ؟ أم تعودتم أن تبرروا كل مأسينا من منطلق الوطنية و التي لا أساس لوجودها لا في البرلمان و لا في الحكومة . و أنت يا سيدي .. أما زلت تقول نحن في البرلمان و الحكومة ...و إلخ , عجبي .
* * *
ملاحظة قد لا تكون في محلها:-
لكوني إطلعت على ما نشر للأستاذ جميل رفائيل قبل نشري هذا المقال لهذا أردت أن أضيف تعقيبي على ما ورد في مقاله و أرجوا أن يتقبله برحابة الصدر .
الحقيقة إن ما ورد في مقالك حول السيد كنا و وثيقة المخابرات فبقدر أهميتها و حاجة الامة لمعرفة الحقيقة حول ذلك إلا إنها أتت من دافع شخصي و كما ذكرت شخصيا ً, لكونه تجاوز عليك . سؤالي هو: هل ذكر الحقيقة و كشفها و خصوصا إذا ما كانت تمس أعظم شيء عندنا وهو أخلاصنا لقضيتنا و مبادئنا يتوقف على موقف الطرف الاخر بإتجاهنا الشخصي ؟ و هل يحق لنا اخفائها و عدم نشرها أو الإعلان عنها إلا اذا مسنا المقابل شخصيا ؟ و حينها نقلب كل الاوراق ؟ الحقيقة يا استاذي العزيز كنت اتمنى منك ان تنشر كل ما تعرفه قبل هذا الخلاف الذي حدث قبل أيام . فما ذنب شعبنا أن نخفي عنه الحقائق الى ان يصبح هنالك خلاف شخصي عندها نكشف كل الاوراق , أليس هذا غبن بحق قيمنا ومبادئنا ؟ان كانت هكذا خلافات تلقي بالضوء على ما هو مخفي من قضايا و مراهنات على حساب شعبنا , فإسمح لي أن أدعو الى ( الله عز وجل ) بأن يكون هنالك كل يوم خلاف بين من يخفي المعلومة و بين من ( ُيتهم ) بتهم خطيرة خصوصا ً و إن كان المتهم يعتلي مناصب قيادية .