مرة اخرى يؤكد الكلدانيون بأنهم شعب لا يسكت على ظلم ولم يهتز ايمانه وقناعته بقضيته القومية والوطنية ولا تنكسر إرادته مهما علا صراخ الحاقدين واذنابهم المطبلين ، وقد تأكد ذلك من خلال اصراره على حقه في عقد مؤتمر قومي خاص به أسوة بكل خلق الله ، ألم يقل السيد المسيح له كل المجد " حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي فهناك اكون في وسطهم " متى 18:20 ، فما بالكم إذا اجتمع عشرات او مئات من الكلدانيين بإسمه المبارك في مؤتمر يحضره نخبة مباركة من رجال الدين والعلمانيين أصحاب الهمم والعزائم الذين لم يمدوا ايديهم على فلس واحد من الأموال المخصصة لشؤون المسيحيين او من التبرعات التي جمعت لمساعدة ابناء شعبنا كما فعل ويفعل غيره ، بل ضحوا بأموالهم واوقاتهم وجهودهم وراحتهم وبذلوا كل ما وسعهم وهمهم الوحيد هو نهضة امتهم والدفاع عن معتقدات وحقوق ابناء شعبهم .
هل هو بالكثير على الشعب الكلداني الذي يعد أول شعوب العراق ان يعقد ولأول مرة في التاريخ مؤتمره القومي الأول ، وهل هي جريمة ان يدافع الشعب الكلداني عن هويته وان يطالب بحقوقه ، وهل هي من المحرمات ان يعمل الكلدانيون على توعية ابناءهم لِما يحاك ضدهم من مؤامرات دنيئة تحت شعارات اخوية مخادعة ومزيفة ؟، إذا كانت كل تلك الأمور هي حقوق مكفولة للجميع شرعآ وقانونآ ، لماذا البعض من الطائفيين ومن وراءهم ازلامهم المطبلين فقد توازنه وراح يصرخ بحالة هستيرية كمن يرتعب من أمر ما ومن اول لحظة سماعه بانعقاد المؤتمر الكلداني ومن دون ان يصبر حتى عقد المؤتمر وظهور مقرراته وتوصياته ؟ .
ما بين النقد البناء الهادف والنقد الهدام والتجريحي هو تمامآ كفعل الخير وعمل الشر أو ما بين الطيب والخبيث ، لقد كتب الكثيرون في نقد ما رافق عقد هذا المؤتمر ولكنهم لم يمسوا احدآ من المؤتمرين ، كثيرون كتبوا عن الغايات والأهداف المرجوة منه ولكنهم لم يصادروا حق الكلدانيين في عقد مؤتمراتهم ، كثيرون حددوا الأخطاء والنواقص بهدف تقويمها ومعالحتها وتجاوزها مستقبلآ ، هؤلاء الكثيرون هم الذين يمكن ان يطلق عليهم بالناقدون الحقيقيون الذين يستحقون الاحترام ويجب ان يؤخذ انتقادهم بجدية والاستفادة مما كتبوه ومن كل ما يخدم تصحيح المسار ، أما ان يأتي البعض ومنهم من يحمل شهادة عليا التي اصبحت في هذا الزمن في متناول كل من دب وهب وحتى في متناول الأميين منهم ويجد في أي لقاء او تجمع او نشاط كلداني سواء كان كنسي او قومي سياسي فرصة لتفريغ ما بداخله من الحقد والكراهية ولو رجعنا الى ارشيف كتاباته ومقالاته السابقة لوجدنا انها منصبة على هدف واحد فقط وهو معاداة الهوية القومية الكلدانية !، بل وصلت مشاعر الدونية والتعامل المعادي مع بني قومهم الكلدانيين عند البعض اقصى مراحلها ، إذ لم يكتفوا بإنكار اصولهم الكلدانية وارتماءهم في احضان مَن منحهم نسب جديد ، بل جعلوا من انفسهم ادوات رخيصة وابواق مرددة لِما يراد منهم ان يقولوه او يفعلوه ، وإلا ما الذي يدفعهم وهم الذين تنكروا لأصولهم الكلدانية ان يحشروا انوفهم في كل شاردة وواردة تخص الكلدانيين ، هل هي وخزة الضمير والشعور بالذنب ، أم انه النفاق واذلال النفس بتملقهم المقيت ومحاولة لأظهار انفسهم امام مستخدميهم بأنهم قد أدوا الدور المرسوم لهم بكل كفاءة وجدارة وهم مذلولين ؟، إذا كانوا اعلنوها صراحة تبرئهم من اصولهم الكلدانية وارتداءهم لباس آخر، لماذا لم يلتفتوا الى معالجة امور بيتهم الجديد ، لماذا يلاحقون مؤتمر النهضة الكلداني وهو المؤتمر اليتيم الوحيد للكلدانيين بينما لأسيادهم الجدد من المؤتمرات التي لا يمكن عدها او حصرها ، لماذا لا يلاحقون التشبث بالاشورية لدى رجال الدين الاشوريين والتي لن يحيدوا قيد انملة عنها ، بينما إذا تجرأ رجل دين كلداني وافصح عن هويته القومية الكلدانية تراهم وكأنهم اصابهم مس من الجنون وصاروا يصرخون ويتوعدون من دون وعي وكأن لسان حالهم يقول ، لماذا تحرجوننا أمام اسيادنا وامام اولياء نعمتنا، وهناك الكثير من لماذا والتي لها جميعآ اجابة واحدة لا غير وهي ، لأن العبد الذليل عمره لا يستطيع ان يرفع رأسه امام اسياده فكيف يكون له الحق ان يتدخل في شؤونهم ، ونحن نعلم جيدآ ان كل الأبواب في بيتهم الجديد موصدة في وجوههم إلا تلك التي تؤدي الى أمور ثانوية واخرى تتعلق بالخدمة ومحاربة الكلدان ، تمامآ كما كان يهوذا الاسخريوطي الذي هو ايضآ كان يهوديآ ومن تلاميذ السيد المسيح له المجد ، إلا أنه وبعد ان باع نفسه وارتضى ان يكون أداة للتآمر على سيده ، لم يفتحوا له أسياده الجدد من رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب كل ابوابهم بل كانت موصدة في وجهه إلا باب واحد وهو الباب المؤدي الى خدمتهم والتآمر على سيده واستلام 30 من الفضة ، أليست قصة اولئك مطابقة لقصة يهوذا الاسخريوطي ، فماذا نترجى من هكذا نماذج ؟.
يقال ، الكتاب يعرف من عنوانه ، والمؤتمر القومي الكلداني الأول ينعقد تحت شعار " النهضة الكلدانية " ولا اعتقد هناك شخص ممن له ولو جزء قليل من الالمام بفهم بالنصوص والعبارات لا يفهم عبارة " النهضة الكلدانية " بكونها تعبير عام تشمل كل مناحي الحياة ، سواء كانت امور عقائدية قومية او سياسية او دينية أو ثقافية ومن ضمنها اللغة التي من المؤكد ان تنال اهتمام المؤتمرين ، كما ويمكنني القول ان 90% من الذين يتقنون اللغة الكلدانية قراءة وكتابة تم لهم ذلك بفضل الكنيسة الكلدانية ولا اعتقد توجد كنيسة كلدانية واحدة لم تعمل على تعليم ابنائها اللغة الكلدانية ولكن أن يأتي انسان ويزايد على الكنيسة وعلى المؤتمرين في هذا الخصوص وتحديدآ قبل انعقاد المؤتمر ومعرفة نتائجه فهذا يدعوا للاستغراب لو لم تكن دوافعه ومواقفه معروفة .
أما من يتباكى على الحالة الاقتصادية لشعبنا وامنيته لو صرفت المبالغ التي صرفت على انعقاد المؤتمر على الفقراء والمحتاجين من ابناء شعبنا ، نقول لهذا الأخ ، لنفرض ان المؤتمرين اتفقوا على الغاء المؤتمر فهل باعتقادك كانوا يدفعون ما خصصوه لتغطية كامل نفقات سفرهم الى المحتاجين من ابناء شعبنا ، إذا كان جوابك نعم عندها اقول لك ، ما الفرق بين هؤلاء واولئك الذين لم يحضروا او يساهموا في تغطية نفقات المؤتمر ، ألم نقل ان عدد نا يفوق المليون شخص في المهاجر، لماذا لم تطالبهم بتخصيص 1% من مدخولهم الى احتياجات ابناء شعبنا في الداخل ، اين كنت يا صديقي عندما صرفت اضعاف مضاعفة على مؤتمر عينكاوا الذي موله السيد سركيس آغاجان في آذار 2007 م ، وانت اعلم بالأموال التي صرفت على بطاقات السفر المجانية والمفتوحة وعلى نفقات الاقامة والسفرات الترفيهية وسيارات رباعية الدفع وربما هناك من تنعم ببعض الهداية ومصاريف الجيب عدا ما صرف على الاعلام وغيرها من النفقات التي لا يمكن تحملها إلا مَن كان مؤتمنآ على الأموال العامة ، لماذا لم تطالب السيد الممول بالغاء مؤتمره ذلك وتخصيص تلك المبالغ لتغطية احتياجات ابناء شعبنا في الداخل ، علمآ بأن تلك الأموال كانت اموال عامة ولأبناء شعبنا حق فيها ؟، نعم من حق الجميع مطالبة المؤتمرين ان يتضمن التوصيات التي ستنبثق عن المؤتمر دعوة ابناء شعبنا في الخارج الى الاستثمار في الداخل والمساهمة في تلبية احتياجات ابناء شعبنا في الداخل ولكن ليس معقولآ أن يطالب بالغاء عقد المؤتمرات القومية او غيرها من النشاطات السياسية تحت ذريعة مساعدة المحتاجين من ابناء شعبنا ، لأن الذي يريد ان يساعد ويساهم يمكنه ذلك حتى لو حضر عشرين مؤتمرآ أما الذي لا يريد فإنه لن يقدم شيئآ حتى لو امتلك الملايين ولا يحضر أي مؤتمر كان .
أما للمتباكين نفاقآ على الوحدة والاتحاد نقول ، اذهبوا اولآ وتعلموا معنى هاتين الكلمتين ومن ثم تعالوا وتباكوا عليهما كيفما شئتم ، وانا اكتب هذا التعبير استخفافآ بعقول اولئك المتباكين المنافقين ، لأننا للمرة الألف وربما المليون نقولها لهم ولكن لا حياة لمن تنادي وهنا نكررها ثانية عسى ولعل أن تنفع ، نعم والف نعم نحن الكلدانيون وحدويون وصادقون 100% في دعوتنا للوحدة مع اخواننا السريان والاثوريين ، ولكن سبب عدم تحقيق تلك الوحدة وفشلها في كل مرة هو الطرف الاشوري ، نحن الكلدان نطالب بالوحدة المبنية على احترام كل الاختيارات والاعتراف العلني الصريح لكل الاتجاهات والمسارات ولكن الطرف الاشوري يصر على الوحدة الاحتوائية أي باقصاء الكلدانية والسريانية من أي مدلول قومي والعمل على صهرهما في البوتقة الاشورية ، نحن الكلدانيون كما نفتخر بانتمائنا الكلداني ونعتز بهويتنا القومية الكلدانية كذلك نحترم افتخار الاشوري والسرياني الارامي بانتمائهما واعتزازهما بهويتيهما القومية ولكن الطرف الاشوري يحرم على الكلداني والسرياني ذلك الافتخار والاعتزاز ويطالبهما بالافتخار فقط به وبآشوريته فقط وبموروثاته الطائفية ، نحن الكلدان نؤمن بالتعددية التي يفرضها الواقع ونؤمن بالمساواة والاعتراف المتبادل وان نكمل بعضنا البعض ، بهذه المقاييس ينظرون الكلدان الى مسألة الوحدة ولكن الطرف الاشوري لا يؤمن بأي مقياس غير مقياس ألأنانية المتطرفة المسيطرة على كيانه وطبعه ، فعن أية وحدة يتحدثون ؟، إذا كانوا يتحدثون عن الوحدة الحقيقية فنحن الكلدان تواقون اكثر منهم لها ، أما إذا كانوا يقصدون الوحدة الاحتوائية فعليهم ان يحولوا حديثهم الى الاشوريين .
أما للذي استكثر على الكلدان بعقد اول مؤتمر قومي لهم متحججآ بعدم امكانيتهم على تقديم شيء نقول ، مؤتمر النهضة الكلدانية كباقي المؤتمرات ؛ حيث هناك برنامج خاص بالمؤتمر وسيناقشون المؤتمرون مواد ذلك البرنامج وبعد توصلهم الى تفاهمات محددة سيصدرون ما يرونه مناسبآ من التوصيات والقرارات واعتماد آليات عمل مستقبلية ، هذا من جهة ومن جهة اخرى نحن الكلدان ننظر الى هذا المؤتمر بكونه اكبر من كونه مجرد مؤتمر عادي ، بل نعتبرة نقلة نوعية وخطوة متقدمة وضرورية على طريق استنهاض الهمم والروح القومية لِما هو خير ابناء أمتنا الكلدانية ، كما وانه يمثل باكورة العمل القومي الجماعي المنظم في العصر الحديث والذي سيفتح ابواب كثيرة للفعل القومي والوطني لِما هو خير شعبنا ، بالاضافة الى ان مجرد لقائهم وتحت شعار عظيم يعد كنز ثمين ومحل افتخار لكل كلداني أصيل ، فلماذ ارتعب البعض من عقد المؤتمر الكلداني وكأنه تسونامي جارف لا يرحم ؟.
ومن حقنا أن نتسائل ، كم مؤتمر قومي اشوري تم عقده الى الآن ؟، بالطبع مؤتمرات كثيرة ، والسؤال هو ، ماذا قدمت تلك المؤتمرات غير الكلام الانشائي والحشو الخطابي والاعلامي والاطروحات الخيالية والادعاءات الفارغة ، أما على ارض الواقع فإنها لم تحقق شيء بل سببت في المزيد من الضجيج وترديد شعارات بالية قد اكل عليها الدهر وشرب .
ماذا قدم مؤتمر عينكاوا الذي انعقد في آذار 2007م وبتمويل ضخم من السيد سركيس آغاجان ؟، الجواب لا شيء غير اضافة اسم آخر ( سورايا ) على تسمياتنا الكثيرة بالاضافة الى خلق كيان آخر ( المجلس الشعبي ) وتهيأته ليحل محل الأحزاب السياسية والقومية المتواجدة على ساحة شعبنا والأسوأ من كل ذلك هو تشويهه للتسميات التاريخية التي لشعبنا ( الكلدان والسريان والاشوريون ) ولصقها ببعضها لإخراج تسمية قطارية لا تدل على اي مدلول قومي ، اي ان هذا المؤتمر ومعه وليده المجلس الشعبي ليس فقط لم يقدم شيئ بل إذا ما أحتسبت المبالغ المصروفة عليهما من تلك المخصصة لشؤون المسيحيين يكونا هذين الكيانين مديونَين لشعبنا بعشرات ان لم يكن بمئات الالاف الدولارات .
وماذا قدمت المؤتمرات التي عقدتها الحركة الديمقراطية الاشورية ( زوعا ) غير التعصب للأشورية كتسمية قومية واعادة انتخاب القائد الأوحد لتزعمه قيادة الحركة لدورة تلو الدورة واعادة تتويجه لتولي أي منصب سياسي او حكومي يدر لبنآ وعسلآ ، وكأني به ينافس بعض الرؤساء في مدة تربعهم على رأس الهرم ، من باب الأمانة ولكي لا نهضم حقوق هذه الحركة ، حيث وقبل سنوات طويلة كنت قد سمعت بأن زوعا كان قد فتح ساقية ارواء واحدة في احدى القرى التابعة لأبناء شعبنا ، وعدا هذا الانجاز التاريخي لم اسمع بشيء آخر لأن تمويل نفقات تعليم اللغة السريانية هو من حكومة اقليم كوردستان. لأولئك المتباكين نقول ، كفوا عن البكاء والإدانة والتشكيك ، ودعوا اخوانكم الكلدان ان يستلموا المبادرة ويمارسوا دورهم الوطني والقومي بعد ان فشلت الأحزاب الاشورية السياسية والقومية وقياداتها في المؤسسات الاخرى من التجرد من انانيتها وتعصبها الطائفي ومن توحيد الخطاب السياسي والقومي لأبناء شعبنا بل كانت السبب الرئيسي في ما آلت اليه العلاقة بين المكونات الثلاثة " الكلدان والسريان والاشوريين " فبعد عشرون سنة أي منذ 1991م والاشوريون متمثلون بالحركة الديمقراطية الاشورية " زوعا " متسيدة على ساحة شعبنا ، فماذا كانت النتيجة ، من ينكر ان أي من ابناء شعبنا قبل ذلك التاريخ لم يكن يفرق بين الكلداني والسرياني والاشوري الى أن ظهر زوعا على الساحة وبدأت الأنانية والتعصب الطائفي الاشوري تفعل فعلتها الفتنوية والتحريضية بحيث بدأت العلاقة ليس فقط بين المكونات الثلاثة بل وبين افراد المكون الواحد تسير من السيء الى الأسوأ ، وبتفريخ الأحزاب والتنظيمات الاشورية الأخرى التي لا يمكن حصرها على كثرتها سارت تلك العلاقة من الأسوأ الى الأكثر سوءآ ولا زلنا نسير في ذلك الانحدار والاخوة الاشوريون متشبثون بنهجهم الطائفي وبخطابهم القومي العنصري ، لذلك لم يعد بمقدور الكلدانيين ان يقفوا متفرجين وحقوقهم تسلب باسم المسيحية وهويتهم القومية تستباح باسم الوحدة القومية الاحتوائية المخادعة ووصل الأمر عند البعض منهم ومن ازلامهم بأن تطاولوا على المعتقدات والرموز الكلدانية ، فكفى والف نعم لترتيب البيت الكلداني ولمؤتمر النهضة الكلدانية الذي هو أمل الأمة القادم ان شاء الرب .
الف مبروك للشعب الكلداني بكافة طوائفه ومذاهبه ومسمياته على انعقاد مؤتمره التاريخي الأول
تحية للمؤتمرين في مؤتمر النهضة الكلداني وتمنياتنا لهم بالتوفيق وان تكلل أعمال مؤتمرهم بالنجاح لِما هو خير امتنا وشعبنا
تحية لمن عمل وساهم على عقد وانجاح هذا المؤتمر
والف مبروك سلفآ للجميع
المجد والخلود لشهداء امتنا الكلدانية
منصور توما ياقو
1 نيسان 2011م