ما هي السياحة البيئية, وكيف نشأت؟
ظهر مصطلح السياحة البيئية "Eco-Tourism" منذ مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وهو مصطلح حديث نسبياً، جاء ليعبر عن نوع جديد من النشاط السياحى الصديق للبيئة، الذي يمارسه الإنسان، محافظاً على الميراث الفطرى الطبيعي والحضاري للبيئة التي يعيش فيها، ويمارس فيها نشاطه وحياته، وهو في هذه الممارسة والحياه ليس حراً مطلقاً، يفعل ما يشاء دون حساب، بل هو حر مسئول عن ما يفعله، وهو يعيش في إطار المعادلة الآتية:
مفهوم السياحة البيئية والاستدامه: هي عملية تعلم وثقافة وتربية بمكونات البيئة، وبذلك فهي وسيلة لتعريف السياح بالبيئة والانخراط بها، أما السياحة المستدامة فهي الاستغلال الأمثل للمواقع السياحية من حيث دخول السياح بأعداد متوازنة للمواقع السياحية على أن يكونوا على علم مسبق ومعرفة بأهمية المناطق السياحية والتعامل معها بشكل ودي، وذلك للحيلولة دون وقوع الأضرار على الطرفين.
و تلبي السياحة المستدامة احتياجات السياح مثلما تعمل على الحفاظ على المناطق السياحية وزيادة فرص العمل للمجتمع المحلي وهي تعمل على إدارة كل الموارد المتاحة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو جمالية أو طبيعية في التعامل مع المعطيات التراثية والثقافية، بالإضافة إلى ضرورة المحافظة على التوازن البيئي والتنوع الحيوي، وقد ركزت المنظمة العالمية للسياحة WTO على مفهوم السياحة المستدامة في إعلان مانيلا 1980، وفي اكوبولكو 1982، وفي صوفيا 1985، وفي القاهرة 1995.
وقد وصف (Colvin, 1991) السائح البيئي بأنه شخص يتصف بالخصائص التالية:
1• وجود رغبة كبيرة للتعرف على الأماكن الطبيعية والحضارية.
2• الحصول على خبرة حقيقية.
3 • سهل التكيف حتى بوجود الخدمات البسيطة وتحمل الإزعاج والسير ومواجهة الصعوبات بروح طيبة.
4• إيجابي وغير انفعالي.
5 • تحبيذ إنفاق النقود للحصول على الخبرة وليس من أجل الراحة.
6 • الحصول على الخبرة الشخصية والاجتماعية.
7• عدم تحبيز توافد السياح إلى الأماكن بأعداد كبيرة.
8 • تحمل المشاق والصعوبات وقبول التحدي للوصول إلى هدفه.
9• التفاعل مع السكان المحليين والانخراط بثقافتهم وحياتهم الاجتماعية.
::::::::::::::::::::
وأيضاً تعني السياحة البيئية مزاولة أنشطة رشيدة غير ضارة بالبيئة مثل السير على الاقدام في واد أو ساحل بحر أو ارتياد براري ومرتفعات وغابات وضفاف أنهر بغرض البحث والدراسة أو استكشاف مناطق نائية، ولتعميق المعرفة بالبيئات الطبيعية ومكوناتها الأحيائية وغير الاحيائية وكيفية التعامل السليم معها بعناية خاصة وبدرجة عالية من الأمانة والوعي والإحساس بخصائصها ومتطلباتها.
وتستثمر السياحة البيئية نتائج المحافظة على البيئة والطبيعة في قالب جديد يعطي الفرصة لدعم الدخل الوطني وتنويع مصادره مع ضمان استمرار النظم البيئية والتنوع الأحيائي والمحافظة على جمال الطبيعة ورونقها بكامل محتوياتها من ألوان التراث الطبيعي والتاريخي حتى تكون مصدراً لتعليم الأبناء والأحفاد وللانتفاع بها اقتصادياً من خلال تنمية برامج استغلال رشيدة، ولقد شهدت السنوات العشرون الماضية طفرة هائلة في صناعة السياحة رافقها أيضاً اتجاه عالمي حثيث نحو الاهتمام بالبيئة ولما كانت البيئة الطبيعية للبلدان هي الأكثر تأثراً بصناعة السياحة فقد اطلقت منظمة الأمم المتحدة حملة عالمية لهذا الغرض واعلنت عام 2002 م عاماً للسياحة البيئية بهدف تنشيط وتطوير فكرة تحويل السياحة إلى قطاع يحافظ على البيئة ومساند لها بعكس المفهوم الذي ساد طويلاً قبل ذلك بأن السياحة على عداء مع البيئة.
إن مصطلح السياحة البيئية Eco-Tourism، وإن لم يكُ محدداً بدقة وبالتفصيل حتى الآن، باعتباره قيد التأسيس والمراجعة باستمرار، إلا أن محاوره عموما هي كما يلي:
1. هي سياحة خضراء نظيفة، تستند إلى البيئة والطبيعة أساساً، تزيد ما هو جميل وممتع ومفيد في النشاط السياحي، ودون أن تكون ضارة أو مخرّبة أو مفسّدة على المستويات الإيكولوجية والاجتماعية والثقافية.
2. هي سياحة مسؤولة، راشدة، أي سياحة يحكمها الوعي والعقل والحس بالمسؤولية وليس بالغرائز فقط، ولكن ماذا نعني بالمسؤولية؟
3. وهي، في ذلك كله، سياحة بالتعريف الكلاسيكي، أي هدفها الترويج والتعرّف واختبار المختلف والتجديد الشخصي والنفسي.
4. ليست مجرد سياحة في البيئة كموضوع يُستَهلك، بل سياحة مع البيئة، مع موقف إيجابي مسؤول تجاهها، وهو دور الوعي والثقافة والالتزام ثم الممارسة. 5. هي سياحة مستدامة sustainable تتجدد مواردها، فلا تنضب بفعل الاستعمال الكثيف الأعمى كما يحدث الآن. وعليه فنتائجها هي في صالح السياحة الوطنية وفي صالح البيئة معاً، وهي في صالح التنمية المحلية والوطنية على المدى المتوسط والبعيد.
6. يصب الاستخدام السائد حتى الآن في اتجاه واحد هو التنمية المستدامة sustainable development، حين لا يمنع نمط سياحي ما، أو ممارسة سياحية ما، استدامة الموارد البيئية بالمعنى الواسع "الطبيعي، الثقافي، الاجتماعي"، أو حين يعزز ذلك النمط أو تلك الممارسة من استدامة الموارد البيئية، يمكن الحكم ان النمط السياحي ذاك، أو الممارسة السياحية هذه، مقبولة وصديقة ومتصالحة مع البيئة، والى حد الذي يسمح بالقول أنها سياحة بيئية.
وقد مر مفهوم السياحة البيئية تاريخياً بثلاث مراحل هي:
المرحلة الأولى: مرحلة حماية السائح من التلوث: من خلال توجيهه للمناطق التي لاتحتوي على تهديد له أو تعرضه لأخطار التلوث خاصة في المناطق البعيدة عن العمران، الاّ أن هذه المرحلة صاحبها أخطار هددت البيئة نفسها نتيجة لبعض السلبيات التي مارسها السائح والشركات السياحية مما أدى لفقدان المناطق الطبيعية صلاحيتها وتهديد الأحياء الطبيعية فيها.
المرحلة الثانية: مرحلة وقف الهدر البيئي: من خلال استخدام سياحة وأنشطة سياحية لا تسبب أي هدر أو تلوث وبالتالي تحافظ على ماهو قائم وموجود في الموقع البيئي.
المرحلة الثالثة: مرحلة التعامل مع أوضاع البيئة القائمة: من خلال إصلاح الهدر البيئي ومعالجة التلوث البيئي وإصلاح ماسبق أن قام الإنسان بإفساده وإرجاع الأوضاع لما كانت عليه أو معالجة الاختلالات البيئية لتصبح أفضل وأحسن.