بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامن عشر للتغير المناخي بالدوحة
26 تشرين الثاني – 7 كانون الاول 2012
التغيرات المناخية تهدد صناعة السياحة و السفر
بنيامين يوخنا دانيال
تأتي التغيرات المناخية climate changes في مقدمة التحديات التي تواجهها صناعة السياحة و السفر في السنوات الاخيرة ، و يعزى ذلك الى طبيعة هذه الصناعة و حساسيتها الشديدة تجاه التغيرات عموما ، طبيعية كانت او اقتصادية او سياسية و غيرها ، و للدور المهم للعامل المناخي في تكوين و تشكيل النشاطات السياحية نفسها tourist activities ، و في تحديد اتجاهات السواح tourist trends نحو المناطق و الوجهات السياحية tourist destinations ، و اختيارهم لوسائل النقل من اجل الوصول اليها ، و لاماكن الايواء accommodations و الطعام و الشراب ، و لنوعية المستلزمات المستخدمة في رحلاتهم ، و في مقدمتها الملابس التي سيرتدونها خلالها . اما ظاهرة التغيرات المناخية ( الزلازل و البراكين ، الجفاف و التصحر و القحط ، الاحتباس الحراري global warming ، تملح التربة الساحلية و المياه الجوفية ، الفيضانات و الاعاصير وموجات المد العاتية – التسونامي Tsunami نتيجة حدوث براكين و زلازل في قاع البحار و المحيطات – تراجع نسب المتساقطات – الثلوج ، الامطار ، الندى – ارتفاع مستوى مياه البحر ، انتشار الاوبئة epidemics و الامراض diseases ، فقدان التنوع الحيوي biodiversity ، تراجع الصحة البشرية ، تراجع الانتاج الغذائي ، انتشار الحشرات المضرة بالمزروعات ... ) الناجمة عن عوامل بشرية ( احراق المخلفات الصناعية ، عوادم السيارات ، حروب و صراعات ، تشغيل محطات الطاقة ، تجارب على الاسلحة ، احراق الوقود الاحفوري fossil fuel – الغاز و النفط - احراق مخلفات المحاصيل الزراعية و الفحم ...) و طبيعية ( النشاط الشمسي solar activity ، فلكية ، الانفجارات البركانية volcanic eruptions ... ) ، فتمثل هي الاخرى تحديا قويا و مشكلة بيئية شاملة و واسعة التأثير جغرافيا و نوعيا من حيث شمولها لكافة بقاع و اصقاع كرتنا الارضية ، و انعكاسها على جميع مناحي الحياة البشرية على نحو بين ، و من ضمنها انشطة السياحة و السفر . و قد انعكست التغيرات المناخية climate changes على صناعة السياحة و السفر سلبا بعدة وجوه ، و منها : - اولا : تراجع بعض انواع و اشكال السياحات البحرية و النهرية ، مثل الغطس و السباحة و ركوب الزوارق و الكاياك kayak و الصيد و ركوب الامواج ( الركمجة ) . كما حصل في المنطقة الساحلية في دلتا مصر في السنوات الاخيرة . و ايضا في تشيلي اثر الزلزال الذي ضرب سواحلها عام 2010 . ثانيا : تأجيل و الغاء الرحلات الجوية و اغلاق المجال الجوي بوجه الطائرات بسبب سحب الدخان البركانية و غيرها من التأثيرات الطبيعية . كما حصل في اوروبا و اجزاء اخرى من العالم عام 2010 ، عندما ثار احد البراكين تحت كتلة ( يوجافجالاجوكول ) الجليدية في ايسلاندا ، ، و افضى الى تعثر حركة الاشخاص و البضائع في الدول الاوروبية و غيرها ، و تسبب في هبوط اسهم قطاع الطيران في تداولات البورصات الاوروبية و تضررت شركات التأمين . ثالثا : تراجع الرياضات و الانشطة السياحية التي تزاول في الجبال و المرتفعات نتيجة النقص الحاصل في كميات الثلوج المتساقطة عليها مثل التزلج و ركوب العربات التي تجرها الحيوانات . كما حصل في بعض البلدان الاوروبية المعروفة بمنتجعاتها الجبلية mountain resorts التي تمارس فيها في الشتاء مثل هذه الرياضات و الالعاب . رابعا : تأثر عناصر جذب طبيعية مثل الشعاب المرجانية coral reefs و تراجع انماط و اشكال سياحية مختلفة مرتبطة بها مثل الغوص و مراقبة الشعاب المرجانية و الاحياء البحرية . كما حصل في ماليزيا حيث انحسرت مساحات من هذه الشعاب بسبب التغير المناخي والتلوث pollution و اصيبت بالابيضاض . او كما حصل لطيور ( الاكيبا ) الجميلة في جزيرة ( ماوي ) Maui في ( هاواي ) Hawaii اذ اصيبت اعداد كبيرة منها بالملاريا Malaria عندما هوجمت من قبل جيوش البعوض الهارب من المناطق القريبة التي ارتفعت فيها درجة الحرارة الامر الذي اثر سلبا على سياحة مراقبة و تصوير الطيور في الجزيرة . او الفراشات الزرقاء القزمة النادرة التي تعيش في اعالي جبل سانت كاترين ( 1800 م فوق سطح البحر ) في سيناء بجمهورية مصر العربية ، الامر الذي اثر سلبا على سياحة مراقبة الفراشات الملونة في المنطقة . و حيتان ( الاوركا ) Orca التي تراجعت اعدادها بين السواحل الكندية و الارخبيل من ( 400 ) الى ( 200 ) نتيجة الانخفاض الحراري و تداعياته على مصادر الغذاء لهذه الحيوانات ( سمك السلمون Solomon ) الامر الذي يتطلب عدة مئات من السنوات من اجل التعويض الطبيعي في اعداد هذه الحيتان التي تتكاثر ببطء ، و هذا ما اثر على اعداد و احجام المجاميع السياحية tourist groups المتوجهة الى هذه المنطقة من اجل مشاهدة و مراقبة و تصوير الحيتان . خامسا : تكبد المرافق و المنشآت السياحية و الفندقية و غيرها من مكونات البنية الفوقية للسياحة لخسائر كبيرة جراء هذه التغيرات ، خصوصا تلك الواقعة في الجزر و على السواحل و في الغابات . كما حدث لمنتجع ( بنانغ ) Penang و منتجع ( لانغاوي ) Langhawi في ماليزيا و منشآت ( بوكيت ) Phuket في تايلاند و منتجعات جزيرة ( ملكة البحر ) queen island السريلانكية ، اثر موجات المد الزلزالية التي ضربت سواحل تايلاند و سريلانكا و الهند و اندونيسيا و غيرها في كانون الثاني 2004 ، نتيجة لهزة ارضية عنيفة ( 9،3 درجات على مقياس ريختر ) . و ايضا باكستان اثر تعرضها لموجة سيول و امطار عارمة تسببت بها الامطار الموسمية عام 2010 . سادسا : تضرر البنية التحتية للسياحة المتمثلة في المطارات و الموانىء البحرية و سكك الحديد و شبكات الطرق و الجسور و غيرها ، كما حدث في اليابان عام 2011 اثر سلسلة هزات ارضية و موجات مد عارمة ( تسونامي ) tsunami ضربت اراضيها و امتدت بعيدا لتصل شواطىء استراليا و امريكا و نيوزيلاندا . سابعا : حصول تحول في اتجاهات السواح من المناطق و المقاصد السياحية المنكوبة و المتضررة جراء هذه التغيرات الى المناطق و المقاصد الامنة . الامر الذي افضى الى نمو السياحة الداخلية في الكثير من البلدان ، بالاضافة الى السياحة البينية eco – tourism و على حساب السياحة الدولية international tourism . كما حصل بالنسبة لأستراليا اثر تعرض ولاية ( كوينزلاند ) Queensland في الوسط و مناطق متعددة في الجنوب و الشرق الى اعصار استوائي شديد tropical cyclone .
bindanyal@hotmail.com