فرقة "عنكاوا الجنوب" إشراقة في سماء الوطن
من أرض الجنوب الغافية والمطلة على ضفاف نهر الفرات المعطاء، من بين ظلال النخيل الباسقة، ومن سحر وجمال الاهوار من ارض أور وزقورتها من موطن ابراهيم ابى الانبياء، و من ثنايا مدينة الابوذية والدارمي والشعر الشعبي، من مدينة الناصرية حاملة راية الفكر والتحرر، انبثقت قبل فترة وجيزة تجربة فنية و وطنية فريدة من نوعها، تمثلت في تشكيل فرقة مسرحية باسم فرقة "عنكاوا الجنوب" من قبل لفيف من الشبيبة الواعية والمتنورة من طلبة الجامعات والمعاهد في مدينة الناصرية، معلنة بقلب صادق وإرادة صلبة لاتلين تجاه ريح التحديات الطائفية والمذهبية ووعيد الارهاب، بأن العراقيين شعب التآخي والالفة و المحبة، وأن للتاريخ وجه واحد أصيل يكره الاقنعة المزيفة، وللحضارات شعوبها وتواريخها وثقافاتها وشواخصها لايمكن طمسها او الغاؤها أوتشويهها، كما هي حضارة بابل العظيمة التي اشرق نورها من ارض الجنوب منذ اعرق العصور. ان هذه الفرقة تحمل رسالة التواصل والمحبة الى الجميع، وشهادة صادقة ذات مدلولات وطنية وتاريخية وحضارية تؤكد على جريان دماء عريقة وتدفقها في العروق وامتزاجها بالارض والنخل والنهر والجذور. انها رسالة احترام وتقدير وثناء للانسان العراقي وتاريخه ودوره الحضاري، بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الديني أو الحزبي أو كونه من الاقلية أو من الاغلبية، وغيرها من الطروحات ذات الافق الضيق والنهج التعصبي. وستقوم هذه الفرقة المسرحية- كما اورد مديرها السيد علي الصالحي- بتقديم باكورة عروضها بمناسبة حلول اعياد الميلاد ورأس السنة، مسرحية بعنوان "يسوع رسالة محبة وسلام" ، ويستلهم العمل من شخصية السيد "يسوع" المسيح" ورسالته في السلام والمحبة وتضحيته الخالدة، كذلك شهدت هذه المدينة العريقة العديد من النشاطات الرياضية والاجتماعية والخيرية تضامنا مع شعبنا في تطلعاته ومحنته. وانا أتامل هذا الامر الجليل الذي يصنعه اخوة لنا في الجنوب مفاخرين بأصولنا وباسماء مدننا القديمة والحديثة من" أور " الى " عنكاوا "، اتساءل محرجاً: ما بالنا نحن اليوم اصحاب الشأن مازلنا مشتتين متناحرين كل يبكي على ليلاه، وكل منا في وادٍ في زمن المحن والصعاب، زمن نتلقى فيه الضربات ضربة تلو الاخرى، من قتل وتشريد وتهجير وتهميش و محاولات لمحو الهوية؟ متى سنتعلم الدرس ونفقه الخطر المحدق بنا من كل حدب وصوب، متى و متى وقبل فوات الاوان؟ وفي الختام لا يسعني الا ان أثني من اعماق نفسي على هذه الجهود النبيلة لهذه النخبة الطيبة من ابناء مدينة الناصرية، هذه المدينة الاصيلة عاشقة الحرية والشعر والفن والابداع، آملاً ان تمتزج حلاوة تمر الجنوب مع حلاوة العسل وان تمتزج زقزقة العصافير مع تغريد طير النخل، وان يتآلف أنين الناي مع انغام الزورنا في عرس وطني خالد، وان تنمو وتكبر هذه البذرة الخيرة لتصبح شجرة طيبة ينعم بثمارها وظلالها جميع العراقيين، وان تعمم مثل هذه المبادرات والتجارب في بقية ارجاء الوطن بما يخدم المصلحة العامة في بناء عراق آمن ينعم فيه الجميع بالطمأنينة و السلام.